منذ تحققت الوحدة اليمنية دخل اليمنيون إلى الحياة التي يعيشها كل البشر في كل بقاع العالم.. فنحن في حضرموت مثلاً وفي العهد الشمولي كنا فعلاً نعامل كمواطنين من الدرجة الثانية وربما الدرجة الثالثة، وفي هذا السياق يطول الحديث، ولكنني سأمر عليه سريعاً للتذكير بالماضي لمعرفة الحاضر. وقد لا يعجب هذا الكلام بعض الصغار الذين لم يعيشوا معاناتنا أو أنهم ولدوا في المهجر ولم تطأ أقدامهم البلد. وهم فقط يعبرون عما يسمعونه ممن كانوا في السلطة وأقربائهم في ذاك الزمن وانتهت صلاحيتهم وذهبوا لتشويه صورة الوحدة اليمنية وما حملته من خير وتغيير لحضرموت خاصة واليمن عامة. هؤلاء الشباب يجب أن يعرفوا أننا كنا في عصر مظلم، كنا نعيش في زمن أسود من السواد الذي تعرفه العين. كنا في حضرموت (مثلاً) ليس لدينا الحرية الكاملة في السفر سواء للسياحة أو للتجارة أو للعمل. وكم من المغتربين دفعوا عشرات الآلاف حتى يسمح لهم بجمع شمل الأسرة وغادروا ولم يعودوا إلا بعد الوحدة. أما السفر للدراسة فهذا شيء لم نسمعه من قبل، أي أنه لم يكن في قواميسنا شيء كأن نقول: فلان ذهب للدراسة في الخارج، ولو نظرنا إلى بعض المتنفذين من رعايا المناطق الأخرى والذين هم مفتعلو المشاكل الآن فإن أولادهم فعلاً كانوا يذهبون للخارج للدراسة في الدول الاشتراكية وأبناؤنا يهربون لدول الجوار هرباً من ظلم ذوي القربى. هنا ترون الفرق كيف، كان يعاملنا من كانوا مسئولين في الجيش والمليشيات والحزب، ولم يكن يستطيع أحد أن يعترض أو حتى يتنهد أو يتأفف أو يخرج هواء زفير يحتوي على ثاني أكسيد الاعتراض. كان المغترب من حضرموت يأتي لزيارة أهله أو تزويج ابنه أو ابنته حاملاً معه شنطة واحدة وإن كانت أكثر من ذلك كان لزاماً عليه أن يرتب لوصوله ويدفع للعصابات التي كانت بيدها القرار في مصير عفشه أو حُلي ابنته. كنا في حضرموت ضحايا لهؤلاء العصابات وأقاربهم، وجلهم كانوا من هؤلاء الذين يسمون (الحراك) وأقاربهم، أما لو سألتم كيف كانوا هم يتعاملون مع بعضهم البعض فقد كانوا يطبقون المثل الشعبي الحضرمي والذي يقول "امسك لي باقطع لك" فقد كنا فعلاً في نظرهم فيداً أو صفقة لأية معاملة صاحبها حضرمي. ولو عرجنا على المناصب التي تقلدها أبناؤنا وإخواننا في حضرموت والمهرة وشبوة فيكفيني أن أذكّركم بالبحث عن مقارنة عدد المسئولين والقيادات والسفراء والوزراء بالأرقام التي تقلدها أبناء تلك المناطق المحرومة مقارنة بأبناء المناطق الأخرى والذين يفتعلون ما يسمونه حراكاً طمعاً في إعادة التاريخ إلى الوراء. أما إذا عرجنا على المشاريع فالحق يقال "كلنا في الهوا سوا"، فعلاً هناك كانت مساواة وعدل في المشاريع التنموية، حيث لا طرقات ولا جامعات ولا كهرباء ولا اتصالات سواء في تلك المحافظات الكبيرة المساحة كحضرموت والمهرة وشبوة أو محافظات أهل الحكم والسلطة أبين ولحج والضالع ويافع. واليوم الحياة عادت لنا من جديد بعد الوحدة وبالذات بعد التخلص من عصابات الحكم والتسلط عام 1994م، فظهرت الطرقات في حضرموت وشبوة والمهرة وحتى أبين، حيث ربطت الطرق المديريات والمحافظات بعضها ببعض وانتشرت الكليات وأنشئت الجامعات وظهر الرأسمال اليمني وغير اليمني، ونتيجة لذلك تغيرت صور كثيرة وصار فعلاً هناك حراك لكنه حراك تنموي وليس حراكاً تدميرياً مثلما يريده "الزعران" وعصاباتهم، وأصبح الإنسان اليمني حراً في تنقلاته وتحركاته وماله وسفره وشتان بين الأمس واليوم. قد يقول قائل أو صاحب فكر بسيط أو صاحب عقل مغسول من عصابات التخريب: إن كل ذلك من أموال البلد أو من أموال التجار أو من المغتربين، فأنا هنا أريده أن يسأل نفسه سؤالاً هو: تُرى لماذا لم يفعلوا كل ذلك في ذاك التاريخ!؟. أتدرون لماذا؟ لأنهم عصابات لا تعرف غير الاقتتال والسحل وتصفية من يعترضهم أو يعارضهم، لا يريدون أن يتحقق لليمن استقرار لأنهم تعودوا على القتل والتخريب ولم يعد بيدهم ما يفعلونه من مسلسل الاقتتال والتصفية والذي اعتدنا عليه كل بضع سنوات وفي النهاية الضحية تكون البلاد. لذلك فهم ينشطون في الترويج الكاذب وتقسيم فئات المجتمع، معتقدين أن الترويج لكل ما يزعمونه سيدمر منجز الوحدة اليمنية المباركة متناسين أننا نعرفهم بالأسماء ونعرف أنهم هم فعلاً كانوا يطبقون ما يزعمون أن الوحدة تسببت به. هؤلاء "الزعران" وعصابات القتل والجهل والعصبية لا يعرفون حياة الاستقرار والتنمية والتطور والتغيير، ومهما وجدوا أو أوجدوا من أبواق إعلامية تروج لهم فإنهم أموات في نظر الشعب اليمني الحر الواحد. لأنهم لا يمثلون إلا مصالحهم ومطالبهم وأمانيهم الشخصية ولا يمثلوننا أبداً، لأننا نحب السلم والأمان والعمل والإنتاج والحياة والوحدة اليمنية التي هي الحياة بالنسبة لنا.