الله سبحانه وتعالى خلق الكون الطبيعي والإنساني والحيواني، الأرضي والسماوي «ووضع له ميزاناً» أي مقاسات، وأبعاد، ومدارات، وأحجام، وكتل حتى يسير الكون بصورة منتظمة، وبعدل ومساواة، واستقامة، لايطغى بعضه على بعض فتحدث الفوضى والخراب والدمار.. وتعالوا معي إلى سورة «الرحمن» حيث يقول الله سبحانه وتعالى: «والسماء رفعها ووضع الميزان» الآية «7» والسماء هي الكون..لأنها لاتعني الفضاء فقط، ولكن بمافيه من أجرام، ونجوم، وشموس، وكواكب، ونيازك ومنها مجموعتنا الشمسية التي تعد الأرض احدى كواكبها، هذا الفضاء الرحب بمافيه ممانعلم وماهو في علم الرحمن.. ليس هامداً ساكناً بل تدب فيه الحياة والحركة الدائمة لكن بطريقة منظمة بعيداً عن الفوضى كل في مداره ومساره فإن خرج أي من مكونات الفضاء عن ذلك هلك ويهلك آخرين، لذا فقد حفظه الله من خلال ميزان وضعه للجميع كلّ يسير ويتحرك ويتموقع وفق ذلك الميزان «المدار المسار الفلك» فإذا اختل الميزان زيادة أو نقصاناً خرج الجميع من الانتظام إلى الفوضى.. وهذه هي نهاية الكون أو «قيامة الكون». مثل تلك العلاقات بين الشمس وكواكبها وأقمارها ونيازكها ومذنباتها تسير وفق ميزان «مدارات، وأفلاك، ومسارات» إذا اختلت يعني نهاية المجموعة الشمسية حيث سيصطدم الكل ببعضه ويحترق الجميع «قيامة الأرض» فسبحان من خلق ووضع الميزان. لذا فالله سبحانه وتعالى يقول في الآية «8» من سورة الرحمن «ألاّ تطغوا في الميزان» بمعنى أنا الله خلقت الكون وأنتم بني آدم جزء من الخلق، ووضعت ميزاناً لحياتكم والحياة الطبيعية من حولكم وإياكم أو أحذركم أن تطغوا في الميزان أي تخلون في الميزان حتى تستقيم حياتكم وتأمنوا سلام بيئتكم من الدمار.. إذن الإنسان مدعو إلى الحرص في حياته على «الميزان» أي العدل والمساواة في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لأن ذلك هو الطريق السليم للحياة وضمان للمحبة والسلام والوئام، لكن إذا اخل الإنسان بالميزان، أي طغى في ظلمه وتجبر في علاقاته مع بعضه سياسياً وتجارياً، واقتصادياً لاشك أن ذلك خروج على سنن الله وخروج ومروق عن العدل واستلاب للآخرين، صحيح أنها قد تكون تحت مسميات ظاهرها الخير وباطنها الشر والطغيان والاستبداد والابتزاز ونهب الناس من خلال الانقاص في الموازين والغش في المكاييل، الصناعية والمباشرة كل هذه وغيرها من البسط والاستحواذ على أملاك وأموال الآخرين وحقوقهم.،.نعم هذا كله طغيان وإخلال بالميزان يؤدي لامحالة إلى الفوضى والتخريب والتدمير للمجتمع وأمنه واستقراره لذا حرّم الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة «الطغيان في الميزان» وأمر سبحانه بالقسط في الميزان في قوله في الآية «9» من سورة الرحمن والآية «10» وأقيموا الوزن بالقسط ولاتخسروا الميزان..انه كلام واضح وصريح شفاف بالعدل في الميزان لا ننقص ولا نزيد وكذلك لا نخسر الميزان، أي التأكيد على عدم الانقاص..فالانقاص هو الخسران المبين ..فهل نقرأ ونفهم؟!