أمر رباني «بإقامة الوزن بالقسط» أي أن نتوخى العدالة في الميزان.. وفي هذا الأمر شمول وعموم أي على الإنسان أن يكون عادلاً في كل حياته، وكل في مجاله «الصانع في مصنعه،والتاجر في متجره، والموظف في وظيفته، والمرأة في بيتها.. وهكذا .. فالموظف يجب أن يكون عادلاً في عمله بحيث يكون الإنجاز في عمله يقابل الأجر، أو يساوي الأجر الذي يتقاضاه فإن مكر، أو خدع، أو أنقص أو أهمل، أو أهدر فقد أخل بالعدل أي أخل بالميزان، وعصى أمر الله سبحانه وتعالى الذي أمرنا بالقسط في الميزان ..والميزان هنا قد يكون تلك الوسيلة المعدنية ذات الكفتين والشوكة، وقد لايكون مادة ملموسة.. بل قد يكون شيئاً آخر غير محسوس ولاملموس، ولامنظور مثل «الضمير» .. فالموظف ميزانه ضميره الذي يحثه على الاخلاص والصدق والأمانة في العمل ليتساوى العمل مع الأجر .. وهذا هو القسط في الميزان،أي العدل في الميزان. بالنسبة للمنتج صانعاً أو غيره.. فإن القسط في الميزان .. يتمثل بالعدل في تمام وكمال التعبئة،أو العدد،أو الكمية..أيضاً العدل في نسبة المواد المركبة أو الخليطة أو الممزوجة.. بحيث لايزيد الوزن في المواد الثانوية اللازمة للمزج والخلط على حساب الإنقاص في المادة الأساسية للمنتج.. وللتأكيد في ذلك أيضاً.. قال الله سبحانه:«ولاتخسروا الميزان» أي لاتنقصوه سواء كان في الكيل أو الوزن، أو القياس، أو الوقت.. سيقول أحد : كيف إخسار الميزان في الوقت ؟ أقول لك كأن تتأخر في وقت دوامك، أو تخرج قبل انتهاء دوامك، أو في إهدار الوقت أثناء دوامك بالالتهاء مع بقية زملائك في مشاغل لادخل لها في الوظيفة أو العمل.. أي في مشاغل خاصة على حساب وقت العمل الذي تتقاضى نظيره أجراً. التاجر في السوق أيضاً يعنيه الأمر الرباني هذا .. المتمثل في الآية الكريمة «وأقيموا الوزن بالقسط،ولاتخسروا الميزان» .. فهناك من يسرق من العبوات ليكسب عبوة جديدة، أو يحتال في الميزان وهناك طرق عديدة كإلصاق قطعة معدنية في الكفة الخاصة بالمادة المباعة، أو يضيف مواد من نوعية متدنية على المادة المباعة وماشابه ذلك.. ومثل هكذا تاجر قد ظلم نفسه قبل أن يظلم المكتال أو الموزون له لأنه أخسر الميزان .. وعلى هكذا قس. إن الله قد بدأ ذلك بنفسه حين قال:« والسماء رفعها ووضع الميزانü ألا تطغوا في الميزان» وهو هنا يقصد أنه قد خلق السماوات ورفعها لكنه لم يتركها فارغة.. بل ملأها بالأجرام السماوية، والنجوم، والمجموعات الشمسية،والكواكب والأقمار والمذنبات.. ووضع لها الميزان في المسارات بالعدل حتى لايعترض أحد لآخر فيحدث الدمار.. ثم وجه الخطاب للإنسان ألا يطغى في الميزان، أي لايظلم .. بل عليه أن يعدل ولايخسر الميزان. ونحن المسلمين هل نراجع أنفسنا ونرى أين نحن من أوامر الله سبحانه وتعالى،ونعمل بها، إن كنا نؤمن بالله، ونصدق في إيماننا. رئيس مجلس النواب