باعتراف عدد كبير من الجنود الذين شاركوا في الحرب على غزة فإن قادة الجيش الإسرائيلي كانوا يصدرون إليهم أوامر بإطلاق النار دون تمييز، واستخدام المدنيين كدروع بشرية، كما أشاروا إلى أن لجوء الجيش إلى استخدام "القوة المفرطة"، أدى إلى مقتل عدد كبير من المدنيين، كان من الممكن تفاديهم.. جاء ذلك ضمن تقرير أصدرته الأربعاء منظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية، اعتمدت فيه على إفادات جنود شاركوا في عملية "الرصاص المصبوب". الحكومة الإسرائيلية من جانبها،رفضت التقرير الذي تضمن شهادات عدد من الجنود الذين شاركوا في العملية العسكرية الأخيرة على قطاع غزة، وكشفوا عن مزيد من الانتهاكات التي أقدم الجيش الإسرائيلي على ارتكابها بحق المدنيين في القطاع الفلسطيني. ولأن التقرير جاء بإفادة الجنود دون أن يفصح عن أسمائهم، فقد اتخذ الجيش الإسرائيلي ذلك مبرراً للتقليل من التقرير، قائلاً: إن عدم الكشف عن أسماء هؤلاء الجنود يلقي بظلال من الشك على مصداقيته. المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، الكولونيل أفيتال ليبوفيتش، ردت على التقرير الذي جاء في 110 صفحات، باتهام منظمة "كسر الصمت" بالعمل على تشويه سمعة القوات الإسرائيلية والإساءة إلى قادة الجيش، من خلال تقرير لا يتضمن أسماء أو أماكن بعينها، كما لا يتضمن وقائع محددة يمكن التحقق منها. المتحدثة العسكرية الإسرائيلية اشتطت غضباً قائلة: "لقد تجاهلت المنظمة مبدأ أساسياً من أصول اللياقة، وهي أن تعرض التقرير على الجيش كي يحقق في تلك الادعاءات قبل نشره"، ثم أردفت: "سوف أكون أكثر من سعيدة، إذا كان من الممكن الحصول على هذه التفاصيل حتى يمكنني التحقيق بمدى صحتها." اعترافات هؤلاء الجنود كانت أحدثت"صدمة" لدى بعض الإسرائيليين، التي تناولتها نشرة صحفية تصدر عن المعهد العسكري، الذي يحمل اسم رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين، في مارس الماضي، كما أحدثت ما يمكن وصفه ب"زلزال" داخل الجيش الإسرائيلي. وزير الدفاع الاسرائيلي، إيهود باراك، دعا من جانبه الجنود الذين لديهم أي انتقادات أو تحفظات أو معلومات حول تصرفات الجيش، خلال عملية غزة، إلى التوجه إليه شخصياً، أو إلى الحكومة الإسرائيلية، التي قال إنها "أمرت بإعادة الهدوء إلى المناطق الجنوبية"، بدلاً من التوجه إلى منظمات كمنظمة "كسر الصمت." كان الجيش الإسرائيلي وخلال وقت سابق أعلن عن فتح تحقيق مع عدد من الجنود الذين شاركوا في عملية "الرصاص المصبوب"، التي خلفت أكثر من 1300 قتيل، بعدما أدلى هؤلاء الجنود بشهاداتهم، وتحدثوا عن قتل مدنيين فلسطينيين، وتدمير منشآت فلسطينية عمداً، خلال الهجوم الذي استمر 22 يوماً. قبل ذلك كان تقرير سابق أصدرته لجنة تحقيق مستقلة شكلتها الأممالمتحدة للتحقيق في الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة،حمَّل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية سقوط قتلى وإلحاق أضرار تزيد على 10 ملايين دولار في منشآت تابعة للمنظمة الدولية، فيما أثار التقرير غضباً إسرائيلياً عارماً. لجنة تقصي الحقائق الدولية تلك، طالبت في تقريرها الحكومة الإسرائيلية بدفع أموال نظير الدمار والأضرار التي ألحقتها بمنشآت الأممالمتحدة خلال المعارك في قطاع غزة، كما طالبتها باتخاذ إجراءات أفضل لضمان سلامة الموظفين الدوليين والمدنيين وعدم تعرضهم للقتل. لكن المشكلة في هذا التقرير أنه يحمل بين طياته أمراً غير عادي فشهادات من هذا النوع قد تقود إلى ملاحقة قادة عسكريين بالجيش الإسرائيلي قضائياً، بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" ضد المدنيين في غزة، ضداً على مزاعم سابقة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، بأن قواتها كانت حريصة على تفادي قتل المدنيين. yazn11 @hotmail com.