لاينكر أحد سواء كان عاقلاً أم أصاب الجنون عقله وسلبهُ تمييز الخبيث من الطيب أهمية الحشمة بالنسبة للمرأة.. ليس تزمتاً.. ولارجعية.. ولاتخلفاً أن تكون المرأة مستورة الجسد«بما يكفي» حتى لاتكون بضاعة العفاف كساداً في أسواق اليوم.. التي لم تترك ثغرةً صغيرة إلا وحشرت أنف التطفل على المرأة فيها تحت مسميات كثيرة قوانين عديدة.. لاسُلطان فيها للتشريع.. ولا إحساس فيها بالفطرة.. وحين يُقال أن الاختلاف في الحجاب رحمة فهو كذلك فعلاً.. لكن بشروط وبحدود.. فهل تأمن الجميلة على نفسها اليوم وقد أغُتصبت القبيحات وحال بينهن وبين الحياة عالمٌ من الأسى والألم؟ هل تأمن على نفسها تلك التي جعلت من حجابها وسيلة جذب للآخرين إحتواها رصيفنا، ووضعها القدرُ في طريقنا.. أولئك الذين يسيل لعابهم إذا ذكرت تاءُ التأنيث عمداً أو عن غير قصد.. كنتُ قد انطويتُ على روحي وتوسدت ألمي ولم أجد إلاَّ أن أكتب عن ظاهرة أنيقة شكلاً.. مريضة مضموناً بعد أن سمعت أحد الشباب «المثقف» ينتقد فتاة استقلت الحافلة إلى جواري وهي ترتدي البالطو المزركش والطرحة التي لا تكاد تكون إلاَّ منديلاً رومنسياً مزخرفاً بأزهار حمراء ثم ترجلت وقد عطرت «الحافلة» بأريج لذيذ.. ورحلت بدأ الحوار وشعرتُ بنوعٍ من الغيره على بنات حواء كلهن.. عندما يكن بؤرة للمد والجزر.. يقدحُ في حقها من لهُ يدٌ ومن ليس لهُ إلاَّ عصا.. وبإسم «الإنسان» كان هذا الاستطلاع في بعض المحلات الخاصة بخياطة البالطوهات والعباءات النسائية ومع فتيات ونساء يصرفن ما يدخرن ليكن جميلات فقط عندما يكن محجبات.. عبده علوان الشنيني محل الدوحة: سألته عن تصميم النقشات فقال: إن لكل محل موظف خاص باختراع زخارف ونقشات بعضها مرغوب من الفتيات الصغيرات وبعضها الآخر من النساء.. وجميع النقشات والزخارف هي بطلب خاص من زبائن المحل.. أحياناً يحدث رفض للنقشة من قبل الزبونة لأنها ليست بارزة بما يكفي.. وأضاف أيضاً: إن أكثر أنواع الأقمشة رواجاً هو الأطلس اللماع من قبل الفتيات والنساء على حدٍ سواء وأن كثيراً من موديلات «الجلباب» تأتي من محافظات أخرى مثل جلباب فتحة اليد من عدن وجلباب الكتف من صنعاء وعلى عكس أقوال أخرى لخياطين آخرين أوضح السيد علوان أن المتعلمات أكثر إقبالاً على الزخرفة والطرحة التي لا تكاد تصل إلى الكتف وطلبات أخرى غريبة لا نستطيع إلا توفيرها للزبونة.. الأخت أم هديل تقول: الأصل الاحتشام وأن يكون البالطو لا يلفت النظر لكن الحاصل اليوم أن الفتيات «الله يهديهن» جنن بالشباب! حلوة مجنونة سُمية الإبي جامعية زبونة دائمة لمحل الرائد عرفات أ. محمد الأصابي: تقول سمية: لابد أن يكون منظرنا أنيقاً خاصة نحن بنات الجامعات وعندما سألتها هل ساحة الجامعة مكان للتعليم وإظهار التميز وإخراج القدرات الفردية إلى حيز الوجود، أجابتني وهي تضحك: «نعم لكن نخرج من الجامعة بلا عريس»..! وقالت: إن أجمل نقشة تعجبها اسمها «حلوة مجنونة».. ولاندري من هو المجنون حقاًَ..! سُمية تشتري بالطو كل شهرين وتتابع موضة الحجاب وعندما سألتها عن سبب كون الطرحة لا تغطي «الصدر» أجابت: «حتكون بايخة». أ. الأصابي أوضح لي أن زبوناته غالباً متعلمات وحريصات على تتبع الموضة وقال: إن قماش الأطلس اللماع وبساط الريح أكثر الأقمشة التي تنال استحسان زبوناته.. وقال: إن مجموعة كبيرة من النساء اللآتي يترددن على محله منذ سنوات يفضلن جودة القماش ويحرصن على ارتداء طرحة ساترة. وعندما وقعت عيناي على نقشة جميلة على إحدى العبايات لا تصلح إلا أن تكون على فستان سهرة.. قال: «البنات وأذواقهن».. تطفلت على السيد أ. الأصابي قليلاً عندما سألته هل تهدي «المدام» واحدة من هذه العبايات؟ أجاب بنبرة رجولية حادة: المدام تلبس بالطو سادة مش عباية وأصلاً لا تخرج من البيت..! يا صلاة النبي أحسن.. البنات عقدن الرجال من زوجته..!!! لا للبوالط.. نعم للعبايات هذه هي الموضة هذه الأيام.. أوضح ذلك أ. طارق علوان باب موسى خياط العربية حيث قال: الإقبال الآن أكثر على شراء العبايات والحريصة أكثر ممكن تزيد زرداين فقط والباقي مفتوح.. وكسابقيه من أصحاب المحال الخاصة بالخياطة أوضح أن الأطلس اللماع أكثر مبيعاً من سواها ونادراً مايكون هناك طلبات بدون زخرفة.. أثناء تواجدي في محل العربية وصل تاجر ملابس وبوالط من منطقة شرعب وطلب من طارق عشرين «مقرمة» أو طرحة مزخرفة.. «نقشه حالي» قالها بصوت مرتفع.. وثماني عشرة عباية لأن النساء والفتيات في القرية يفضلن موضة العبايات.. «حتى في شرعب؟؟؟» أسعار.. يابلاش أجمع أكثر أصحاب المحال بخياطة البوالط أن أقل سعر للبالطو يصل إلى ألفي ريال طبعاً بدون سعر الطرحة واللثام . الآنسة/منال جامعية قسم حاسوب: التطور مطلوب جداً في كل شيء وأنا شخصياً أحب الاطلاع على كل جديد والاستفادة منه.. في التكنولوجيا.. الملابس.. كل شيء لكن بالنسبة للحجاب فلا أفضل أن أخرج به عن حدودي التي تجعلني صغيرة في عيون الآخرين.. فأنا على يقين أن أستعراض الفتيات بهذا الشكل هو مرض وهوس وشعور بالنقص.. واحترام المرأة لحجابها هو احترام لمبادئ دينها ولاننسى المرأة عنوان لمجتمعها ومن غير المعقول أن يغطي الآخرين انطياعاً سلبياً يجعل مجتمعنا خاوياً من تطبيق مبادئه.. تابعاً لمجتمعات أخرى لهم دينهم ولنا ديننا. أخيراً قُل للجميلة في اعتقادي أن عرض المجتمع اليمني كمجتمع ازدواجي تختلف تشريعاته ومبادئه عن تطبيقاته الواقعية سواء في الحجاب أوالدعوة إلى السلام ثم حمل السلام.. أو المناداة بإزالة ضبابية تهميش المرأة ثم زجها في معترك حضاري لايفصل بين روح الانسان وجسده.. أو ادعاء الديمقراطية والركون إلى تأميم حُرية البشر.. كل ذلك ينقل صورة سيئة عن مجتمعنا لمجتمعات أخرى.. بعضها.. وأقول بعضها فقط.. لايفهم الفرق بين الدين.. وواجباته وفروضه وبين الفكر المجتمعي وأيديولوجياته المصبوغة زماناً ومكاناً باختلاف التطبيق وفق مضامين معينة. أخيراً قد يكون الجمال أحياناً رهناً بأصابع رائعة تجيدُ استخدام كل شيء في كل وقت غير أن ذلك سرعان ما ينتهي ويزول.. ويبقى جمال الروح براقاً إلى الأبد حتى وإن لم تطله أصابع فنانٍ ماهر.. كوني جميلة نعم.. لكن استخدمي أدواتكِ أنتِ.. ولاتجعلي من أدوات الآخرين«أعينهم.. أنوفهم.. كلماتهم» أدوات قياس لجمالك.. من الداخل أوالخارج.