ضمن إطار مهرجان الفنون الإسلامية بالشارقة، وفي دورته المتجددة بعنوان «فلك الفسيفساء» أقيم معرض «متون وفنون من شنقيط» ليعكس المأثرة التاريخية الكبرى التي تبلورت في موروثات المتون العربية الإسلامية الموشاة بعتبات النصوص وفنيّاتها اللامتناهية، فالمعروف أن موريتانيا التاريخية كانت وما زالت حاضناً لتلك المؤلفات والمتون التي تعكس ضمناً آفاقاً واسعة لفنون الاشتغال البصري والدلالي على الأغلفة الجلدية، والنصوص الداخلية بعتباتها وهوامشها وتنويعاتها الخطية واللونية، مما يضع المشاهد أمام فرادة حقيقية للفن العربي الإسلامي المنعكس على صفحات تلك المتون. تعتبر موريتانيا «بلاد شنقيط التاريخية» مستودعاً كبيراً لمئات آلاف المجلدات التي تنقل إلينا المعارف الدينية والدنيوية، وهنالك مئات بل آلاف المخطوطات التي لم تُحقّق بعد، ولم تُعمّم لفائدة الدارسين والمُتابعين .. منها ما هو في حماية وارثيها، وبعضها محفوظ في مراكز متخصصة، والبعض مفقود في دهاليز الضباب الكثيف لقلة الإمكانيات . هذا المعرض يؤشر إلى الأهمية البالغة لبلاد شنقيط وحضورها الاستثنائي في الزمنين الثقافي والإبداعي العربسلامي، الأمر الذي يستدعي منا المزيد من الاهتمام والعناية بهذه الثروة المترحلة في التلال والبراري الموريتانية الواسعة . تذكرنا المثابة الموريتانية باليمن التاريخي لجهة الحضور الأفقي للمخطوطات الفريدة والنادرة ، الأمر الذي يستدعي مبادرة وزارة الثقافة بتأسيس ملتقى سنوياً مهرجانياً للاحتفاء بالمخطوطات اليمنية المتناثرة في المدن التاريخية : صنعاء وذمار وتريم والحديدة وتعز وغيرها من المدن اليمنية . مثل هذه التظاهرة ستكون بمثابة رافعة احتضان وحماية لتلك المخطوطات، وإخراج ما لم يحقق إلى النور، والعمل على إدخال أنظمة الترميم والحماية بما شأنه الحفاظ على هذا التراث الهام .