لا يكتفي الفنان « نورالدين الغماري » في تقديم مرئياته البصرية المسافرة في أزمنة الإبداع للوجوه البشرية وتضاريسها العاكسة لمعنى الزمان والمكان، بل إنه ينتخب تلك الوجوه ذات الصلة الاستثنائية بثقافتي المكان والزمان العربيين الإسلاميين، فيما تنزاح تلك الوجوه لتضعنا في مقابلاتها التكاملية الفولكلورية عبر الأزياء وألوانها وتناسقها.. عبر صفحات الوجوه وتجاعيدها الدالة على الدهر وصروفه .. ضمن ملحمة فنّية تميد بنا إلى أساس المعاني النابعة من الخصوصية . هذا المعرض الذي يقام في الشارقة طوال شهر رمضان المبارك يمثل صفحة ناصعة في أفلاك الدلالات الشاملة للفنون الإسلامية، وبهذا يكتمل فلك الفسيفساء بانزياحات تُكمل الصورة وتُعمّرها بالجمالي والدلالي . إلى ذلك يتقدم الفنان « عزيز شفشوني » على خُطى الأبعاد المنظورية وطاقاتها المتتالية، عطفاً على البُعد الثالث وعبقريته .. لكن هذا البُعد الثالث يظهر في أعمال الفنان بوصفه مرآة لفن الفسيفساء التاريخي.. هذا الفن الذي يتضمّن سلسلة من الاشتغالات الإبداعية، ابتداء بالمواد النبيلة وألوانها، مروراً بالزخارف الجميلة وتنويعاتها، وحتى الفراغ المُموْسق المُحايث لتلك الأبعاد، مما تتسع له الرؤية وتضيق العبارة. هذا المعرض يُمثل وحدة العناصر البصرية الدلالية التي تخرج من تضاعيف فنون العمارة والزخرفة والفراغ مما يُشكل إضافة نوعية لمتتالية الفنون الإسلامية التاريخية .