الدائرة متعددة الألوان والتي يستخدمها الفنان عادل حاجب تبدو بمثابة تميمة ناظمة لفن الخروج من الإطار التقليدي للوحة، ذلك أن الدائرة أشبه ما تكون بالمربعات السحرية ل«الماتريكس» من حيث تعددية النصوص البصرية التي تحملها، فهي خلفية حيناً، وقيمة لونية مكملة للهارموني تارة أخرى, منفصلة عن الإطار أحياناً، وقابعة في جوهر البناء تارة أخرى.. تحمل في دواخلها وتضاعيفها عناصر العمل حيناً، ومرة أخرى تفيض بانزياحات خارجية تتدلّى منها عناصر مؤثرة في المشهد. لا يقتصر الفنان حاجب على النصوص القصيرة المترافقة مع الكاريكاتير، بل يلجأ أحياناً إلى النصوص الطويلة، متحرراً من لازمة النص الوامض، إلى المعنى الناطق بالشرح والتوجيه, الفضاء التعبيري عند الفنان ليس وقفاً على الرسم فحسب، بل يدخل الكومبيوتر كأداة للمعالجات البصرية المتجددة. فن الكاريكاتير من الفنون التعبيرية التي تنزع نحو المبالغة بحثاً عن كوموتراجيديا الحياة، وهذا ما يفعله أي فنان يسير على هذا الدرب، ونلاحظه أيضاً عند الفنان عادل حاجب، لكن هذه اللوازم المعيارية ترتبط عميقاً بالرأي ووجهة النظر، ولهذا نجد ما يلي: بانوراما الأفكار التي تحملها نصوصه البصرية تتجدد وتتنوّع لتشمل مختلف جوانب الحياة، في تعبير آخر عن عضوية الانتماء للوجود وأسئلته الملحة, وفي بعض الأعمال ينزاح الفنان نحو البساطة الموحية من خلال الخلفيات البيضاء المحايدة، واختصار العناصر بشكل مغاير للاحتشاد الذي أثقل على بعض أعماله, كما يُظهر الفنان قوة التضاد “الكونتراست” من خلال الخلفيات الداكنة، محددة المكان والهدف. وأخيراً وليس آخر، نتوقف أيضاً على تجربة “الكاريكاتير المسلسل” الموشى بتعددية المشاهد في إطار الرسالة الواحدة.. الإشارات السابقة لبعض الملامح الأساسية التي استقرأتها من خلال تصفحي تجربة الفنان عادل حاجب لا تُغني عن الاستعادة البصرية الدلالية الشاملة, ذلك أن الفن لا يمكن محاصرته بالكلمات، ولهذا وقفتُ على بعض الملامح، تبياناً لقدرة الفنان على التجريب والتجديد المُستمرين، مُتيقناً من أنه سينعطف بمرئياته صوب المزيد من الاختزال والتركيز، وبمزيد من الجُمل البصرية المموسقة بالعصرية والحداثة.