في رسوم الكاريكاتير للفنان السوداني محمد خوجلي تتجلّى ظلال الثقافة الشعبية السودانية التي تنعكس في تضاعيف رسوماته المعبرة عن كوموتراجيديا الحياة “التمساح - الجمل إلخ” هذا الانعكاس للكائنات الحية يُرينا ضمناً بُعداً مفاهيمياً يخُصها، مما يساعد الفنان على تقريب وجهة نظره لقراء ومشاهدي الكاريكاتير. حافظ الخوجلي إلى حد كبير عن “أسلوبيته” من خلال خصائص شخوصه وانتظامها في قالب موحد لا يأتي احتساباً على التنوع في المواضيع، بل يعززها، ويمكننا ملاحظة حسن استخدام فراغ الصفحة في كثرة كاثرة من أعماله، ومن هنا نلاحظ أن احتشاد النصوص البصرية أقل من احتشاد النصوص الكتابية. التركيز البؤري على الشخوص أقرب إلى النظرة بعدسات منفرجة “ماكرو” وهو أمر يخدم بعض الأعمال.. الظِلال في تجربة الفنان ذات طابع متحرك، فإما أن تكون خلفيات شاملة الدكونة، وإما أن تكون مُتدرجة، وأحياناً في حالة تضاد بصري مع بياض الصفحة، مما يمنح كل رسم خاصيته التعبيرية. ثم نأتي على تجربة الأعمال المائية، لنلاحظ الموسيقى البصرية النابعة من تماهي الأصفر والأخضر والأزرق، بإمعان يذكرنا بالهارموني “التناغم” المستمد من الطبيعة السودانية، والمغروس في لا وعي الفنان، تلك الطبيعة ذات المروج الخضراء الواسعة، والنمنمات الصفراء الخارجة من رحم الجمال والجلال، والسماء الصافية الموشاة بالسحب الناصعة. مقطع القول الإصدار الذي يضم في طيّاته مجموعة واسعة من تجارب ونتاجات الفنان محمد خوجلي يشكل إضافة نوعية إلى فن الكاريكاتير السوداني ذي الطابع المميز..السودان الثقافي الذي يتجاوز الثنائية المفاهيمية للغابة والصحراء ليؤكد التنوّع في كل وجهة، ولتكون الغابة أنساقاً متعددة، والصحراء آفاقاً متجددة.