بعد مخاض طويل أعلنت نتائج الثانوية العامة 2008/2009م لتكشف عن كثير من الاشكاليات التي اعترضت وتعترض العملية التعليمية، وكشفت في نفس الوقت عن خلل كبير ونقاط ضعف يجب التعاطي معها بجدية ومسؤولية، فالمشكلة ليست سهلة ولن تنته بمجرد إعلان النتائج ليذهب كل واحد في طريق وينشغل بقضايا أخرى.. فقبل الحديث عن نسبة الفشل وعدد الذين تشملهم هذه النسبة هناك أكثر من مشكلة في عدد الناجحين وقبل نجاحهم كيف نجحوا وكيف هو مستواهم الحقيقي وماذا بعد الشهادة الثانوية والنجاح ؟ لكن الأهم قبل هذا عن الراسبين وعن قضية مابعد الرسوب وعن مستواهم الدراسي الحقيقي وهو بلاشك أسوأ من حال الناجحين السيئ ؟ وثمة سؤال يجب أن لايمر بسهولة وهو: لماذا يخفق طلاب بعض المدارس جميعاً ؟ كثيرة هي المدارس الثانوية وبالأخص في قسمها العلمي سقط كل طلابها في الامتحان وكثيرة هي المدارس التي لم ينجح من طلابها سوى القليل لتكون نسبة الرسوب فيها أكثر من 90% وهي نسبة مرعبة حقاً تدفعنا نحو التساؤل أين هو الخلل ؟ هل الطالب هو المسؤول عن هذا الفشل بمفرده وهل يعقل أن يكون حال كل الطلاب في تلك المدرسة هو الفشل؟ سؤال تصعب الإجابة عنه ولابد من بحث عن الأسباب الحقيقية وراء كل هذا الاخفاق بصورته العامة المتمثلة في نسبة الرسوب وفي نسبة المعدلات المتدنية التي لا توصل الطالب إلى باب جامعة وفي صورته الخاصة المتمثلة في رسوب كل طلاب مدرسة جرى الانفاق على تشغيلها وتوفير المستلزمات اللازمة وصولاً إلى توفر المدرسين المتخصصين لكل مادة وهو أمر مشكوك فيه بعد هذه النتيجة.. ماهو موقف المعلم عندما يعلم ان كل طلابه سقطوا في الامتحان ولم يفلح منهم أحد ؟ ماهو موقف مدير المدرسة والمدرسين ومكتب التربية والتعليم ووزارة التربية وكل من يهمه أمر العلم والتعليم ويهمه مستقبل الأجيال والبلد أمام هكذا نتيجة ؟ لايكفي ان نلقي باللائمة على الطالب وقد بذل كل مافي وسعه لكنه فشل لأن الامتحان الذي تقدم له فوق قدراته وربما فوق قدرات المعلم الذي درسه وعلمه ولايخفى علينا جميعاً أن أسئلة الامتحانات كانت بالفعل فوق مستوى وقدرات بعض المدرسين ليس في جانب صعوبتها ولكن لأن المدرس هكذا حاله وهكذا مستواه العلمي. ان يسقط كل طلاب المدرسة في الثانوية العامة فلا حاجة لتلك المدرسة لان تبقى ثانوية محسوبة على البلاد والعباد.. ولا حاجة لطاقم المعلمين فيها ليكونوا محسوبين على التربية والتعليم مثل بقية المدرسين الذي يؤدون رسالتهم على أكمل وجه.. لايمكن لاحد ان يصدق أن كل الطلاب في المدرسة اغبياء لايفهمون شيئاً ونلقي باللائمة عليهم ليبدأ عام دراسي جديد تكون حصيلته النهائية مثل هذه النتيجة. استطيع أن أؤكد أن أجراس الخطر تقرع بشدة لو أن هناك من يسمع ويعي ويتابع النتائج بدقة.. وهذا الأمر لاينبغي ان يمر دون مراجعة ومحاسبة ولاداعي للمغالطة والصمت المقيت وترحيل المشاكل للمستقبل المثقل بالمشكلات من اللحظة.. ولاداعي لوضع مبررات وإلقائها على كاهل الضحايا أنفسهم الذين وجدوا أنفسهم في كشوفات الفشل رغماً عنهم رغم حرصهم على أن لايكونوا هناك، فهل تسمع وزارة التربية بهكذا حال في كثير من المدارس ؟؟!!