لا تريد الولاياتالمتحدة نموذجاً يابانياً يعيد ذاكرة الماضي القريب مع فرنسا شيراك، لكنها تريد نموذجاً يبحث عن التغيير دون تجاوز الاتفاقية الأمنية التاريخية التي التزمت بها يابان ما بعد الإذعان والهزيمة في الحرب العالمية الثانية .. يوم أن شرع «اليانكي» في استخدام أول قنبلة نووية، وآخر جريمة تاريخية من هذا النوع، قاصفاً مدينتي هيروشيما وناجازاكي لكي تنكسر العسكرية اليابانية مرة وإلى الأبد، ولكي تتراتب جرائم الإبادة الهتلرية بالتقسيط مع إبادة واحدة بالجُملة. تلك الاتفاقية الأمنية تضع خطوطاً حمراء جوهرية حتى لا تمتلك اليابان أسباب المنعة العسكرية، وإذا كان ولا بد من تطوير العقيدة العسكرية اليابانية فلا بد من أن تكون تلك العقيدة مرتبطة بمرئيات الولاياتالمتحدة في منطقة آسيا الكبرى .. أي أن تكون تابعة جذرياً للاستراتيجية الأمريكية، ومضبوطة بميزان خياراتها ومبادآتها، ودفاعاتها وسياساتها. يدرك رئيس الوزراء الياباني الجديد وأركان حكومته هذه الحقائق، وأعتقد أنهم سيلتزمون بها حتى وإن بدت أقوال يوكيو هاتوياما شاطحة في نقدها العلني لبعض أوجه السياسة الأمريكية، بل في بعض الإشارات القومية التعبوية التي سرعان ما ستنحسر عندما يحين الحين لمباشرة الحكم وتحمل تبعات الإرث الثقيل الموروث من الحرب العالمية الثانية. يقيني أن الإدارة اليابانية الجديدة ستذهب بعيداً في ترجمة مرئيات التغيير النسبي المدروس بعناية، ودونما إخلال بثوابت المرجعيات المتصلة بالعلاقات اليابانيةالأمريكية العتيدة، ذات الجذر المتصل بنتائج الحرب العالمية الثانية، والمتشابكة في آن واحد مع منظومة متعاظمة من المصالح الاقتصادية المشتركة التي لا فكاك لطرف منها. وعلى خط متصل ستحرص إدارة أوباما على أن تكون اليابان فاعلة في منظومة الدول الكبيرة القادرة على الفعل السياسي لأن هذا سيمنحها فرصاً واسعة للمناورة وتوسيع دائرة التحالفات وخاصة في منظومة البلدان الآسيوية المجاورة لليابان وفي مقدمتها الصين وكوريا الشمالية.