يستكمل الأوروبيون خطواتهم الواثقة نحو إرساء الشكل المتقدم والتطويري الذي يريدونه لتكتلهم السياسي والاقتصادي الآخذ بالتحول الفعلي يوماً بعد آخر إلى اتحاد فيدرالي عملاق على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية مع بعض الخصوصية الأوروبية في هذا النظام. .. التصويت الإيرلندي الجديد أعطى الضوء الأخضر بالموافقة على معاهدة اتفاقية لشبونة التي تعطي الإذن للبدء بإصلاح مؤسسات الاتحاد الأوروبي وإطلاق أهم وأعظم عملية تطوير وتحديث للآليات والهيئات داخل الاتحاد الأوروبي وداخل مؤسسة القمة الأوروبية. .. الإلحاح الذي أظهره الجانب الإيرلندي الرسمي بالنسبة لإعادة التصويت الاستفتاء على معاهدة لشبونة من قبل الناخبين الإيرلنديين أظهر التزاماً وجدية في التعامل الاستراتيجي تجاه الطموح الأوروبي الذي وقفت في طريقه «لا» إيرلندية كبيرة في الاستفتائين السابقين. .. الشاهد في الاستدلال هو أن الأنظمة الأوروبية الوطنية لم تتخلَّ أبداً عن الهدف العظيم الذي يجسده الاتحاد الأوروبي بالصيغة التي يطورها ويزيد من قوتها الاندماجية مشروع معاهدة لشبونة. .. هذا يعطي انطباعاً مهماً حول إصرار الأعضاء والدول الأوروبية وحجم الالتزام الاستراتيجي والحضاري الذي يظهرونه تجاه مستقبل التكتل الأوروبي؛ لأن هذا يعني أيضاً الالتزام تجاه مستقبل الدول الوطنية الأعضاء في الأسرة الأوروبية. .. هذا زمن التكتلات القومية والفضاءات الإقليمية والجغرافية والسياسية والاقتصادية، ويبقى النظام الرسمي العربي بعيداً تماماً عن كل هذه الشروط والحيثيات الحضارية، كما تبقى المنطقة العربية خارج حسابات العصر والمستقبل. .. عما قريب ووفقاً لاتفاقية لشبونة سيصبح هناك رئيس واحد للاتحاد الأوروبي لمدة خمس سنوات بالانتخاب، بدلاً من الرئاسة الدورية لستة أشهر بالتناوب بين الأعضاء. .. وسيكون وزير خارجية واحد للاتحاد، وتكتمل الشخصية القانونية والرسمية للاتحاد الأوروبي بوصفه دولة اتحادية ولا عزاء للعرب!!