العالم العربي اليوم يعيش محناً كثيرة جعلته يعيش أسوأ حالاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فمن تلك المحن محنة التمزق والتشرذم التي أخذت منتهاها فأصبحت الأنا القطرية هي المتسيدة بدلاً عن روح الوحدة والجماعة والتي كان العرب يتباهون بها في ماضيهم القريب والبعيد ومن خلالها استطاعوا أن يحققوا الكثير من الأهداف وجعلت من الآخرين يحسبون لهم ألف حساب، أما المحنة الثانية فهي الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين العربية والتي سببت هي الأخرى اختلاف الرؤى والمواقف إزاءها لا على مستوى البيت العربي فحسب بل وصل الأمر بالاختلاف إلى البيت الفلسطيني أصحاب القضية الحقيقيين، وما يدور اليوم من تناقضات وخلافات إلا صورة حقيقية لما يعانيه العالم العربي، المحنة الثالثة هي المسألة الاقتصادية بكل أبعادها فمعظم العرب اليوم يعيشون أزمات اقتصادية أفرزت الكثير من المشكلات أهمها البطالة التي يعاني منها مئات الآلاف من الشباب العربي والذين يحملون مؤهلات عالية، الأمر الذي أدى إلى ظهور بعض الظواهر السلبية والغريبة على مجتمعنا العربي أهمها المخدرات التي بدأت تنتشر في صفوف الشباب العربي بالإضافة إلى ظواهر القتل والانحراف في السلوك.. لذا نقول إن على القيادات العربية مسئوليات وطنية وقومية كبيرة يجب الاضطلاع بها للخروج من هذا الوضع المؤسف الذي نعاني منه ولنجاح ذلك لا بد وأن تتوفر الإرادة القوية لإصلاح ما يمكن إصلاحه، والاعتراف بهذه المشكلات والمحن سيكون عاملاً مساعداً للخروج منها، وها نحن نرى دول أوروبا وأمريكا اللاتينية ومجموعات دول في آسيا وأفريقيا تتقارب وتنسق في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالرغم من تنوع ثقافتها ولغاتها وأجناسها إلا أن مصالحها وخصوصاً الاقتصادية والسياسية قد فرضت عليها أن تلتقي خدمة لأهدافها ومصالحها، إلا أن العرب بالرغم من القواسم المشتركة التي تجمعهم يتباعدون أكثر فأكثر عن بعضهم الأمر الذي أو صلهم إلى هذه الحالة من الضعف والوهن، واستطيع القول إن مصيبتنا ومشكلتنا نحن العرب في أن الأنانية المقيتة قد طغت على كل حياتنا، فأغنياؤنا من العرب وأقصد هنا الدول الغنية لا تريد أن تتقارب مع فقرائنا من الدول مع أن دولنا العربية الغنية تدرك تماماً أن دول أوروبا الغنية قد أخذت بيد دول أوروبا الفقيرة وضخت إليها مليارات الدولارات للاستثمار فيها وتقوية اقتصادياتها.. حتى تضيق الهوة بينها وكان الأحرى بنا كعرب أن نكون السباقين لمثل هذه الأعمال ترجمة لما يدعو إليه ديننا الإسلامي الحنيف. إن مشاكلنا السياسية والاقتصادية نحن العرب لا يمكن أن تنتهي في ظل هذه الأوضاع التي نعيشها ولا يمكن أن تنتهي إلا بنكران الذات والشعور المطلق أن لا مناص لنا من التقارب والتعاون واستثمار المليارات من الدولارات في البلاد العربية كل هذا سيعمل على تضييق الهوة وستزول الكثير من المشكلات التي نعاني منها اليوم.