لم تتماثل ذاكرتي للشفاء منذ عشتُ حالة التفكير والهذيان التي فرضها عليّ قربكم...لاتتأوهوا كثيراً تلقاء الوطن.. لأن للوطن رباً يحميه...إنما عليكم أن تقفوا طويلاً أمام مرآة الروح..فهل أنتم وطنيون فعلاً؟!حب اليمن ليس باقتناء جميع أشرطة الفنانين اليمنيين والاستماع إلها غدواً وعشياً..ليس بكيل السباب والشتائم على بؤرة صغيرة كانت أو كبيرة من بؤر الفساد في بلادنا سواءً كان الفساد إنسانياً أو بيئياً.. والوطنية أيضاً ليست كتاباً نقرأوه ثم ننعق بما فيه..إنهاليست شيئاً مكتوباً أو مقروءاً أومسموعاً...ليست قانوناً ولا دستوراً..ليست أحرفاً أو كلمات..إنها الشيء الذي ينبع من داخلك فيحملك على الإخلاص في عملك..القناعة برزقك... النظافة في هيئتك وألفاظك، الإحسان إلى من هم حولك..والدفع بالتي هي أحسن للمسيء..والإبقاء على حالة الرضا والسلام النفسي مع الجميع ...تخيلوا لو أن كل مرتش يتوقف عن أداء واجبه بمقابل...وكل من يسرق تعب الآخرين يصدق تماماً أن هذا المال المسروق سيكون وبالاً على صاحبه يوماً ما..تخيلوا لو أن كل عاصٍ يحاول الخضوع لأوامر السماء التي قضت ببعد العاصين عن جناب الله وقربهم من زوبعة الشيطان.. لو أن كل شاب يمني يستيقظ يومياً ليرى وجهه وهيئته في المرآة بعد أن يؤدي صلاة الفجر ثم يحزم أمتعة العمل..يعقل إرادته بالحياة ويتوكل لكان حال مجتمعنا حالاً آخر.. لو أن كل امرأة يمنية لاتعمل تحاول إصلاح بيتها..والاهتمام بأطفالها وترتيب منزلها..لما وجدت وقتاً للوقوف على الجدران لتتصنت أخبار هذه وتلك. لو أن كل رجل يمني أدرك قيمة القُبلة التي يطبعها على جبين زوجته قبل الخروج لما عاد إلى منزلٍ يضج بالويلات؟..فالرجال عندنا يتقنون فن الكبت والنساء هنا على دين أزواجهن!..قد تستغربون ما الذي يجعلني أذكر الكبت في مقالٍ أتحدث فيه عن الوطن، لكن حب الوطن المكبوت في داخلي هو الذي يجعلني أفهم أن كل أنواع الحب عندنا مكبوتة لمجرد أن هذا الشعور الجميل يتكون من حرفين محرمين تدور حولهما الشائعات هما «ح. ب». صدقوني..نحتاج إلى التعبير عن حبنا لهذا الوطن، نعم نحن نساند أولئك الذين يستميتون دفاعاً عنه هناك في حربٍ فُرضت علينا قسراً...لكن ماذا عنا نحن ألا يجب أن نثبت حبنا لمن اثبتوا حبهم بالفناء في سبيله؟!..إذاً لنبدأ حبنا لهذا الوطن خطوة خطوة..لنبدأ من جديد كما يحبو الأطفال ويتعلمون.. أيتها النساء اجعلن من اطفالكن رجالاً يستطيع الوطن أن يتكئ على صدورهم يوماً ما..ومنذ اليوم اجعلن بيوتكن جنة على الأرض لا يلعب على أرضها الشيطان لعبة الشجرة الملعونة..لأنكم هذه المرة لن تهبطوا منها جميعاً إلا إلى قبوركم!!.. إعداد الحياة وتلوينها فنٌ لا يتقنه إلا أنتن فلماذا تخجلن من تغيير الرتابة إلى ديناميكية ساحقة ؟!!...ثم أيها الرجال، النساء عندنا لم يعتدن تلقي باقات الورد..وربما لا تعني لهن الباقات شيئاً!!! فابحثوا عما تحبه المرأة لتقدموه إليها كلما دلفتم إلى أكواخكم الجميلة بكم..حتى وإن كان هذا الشيء «بطيخة ،كراث، طماطم..» المهم أن تحملوا بين أيديكم شيئاً غير القات الذي تزوجتموه بعقد شرعي لايخل ولا يبطل بمرورالزمن!!! كونوا أقرب إليهن.. ليكن أقرب لأطفالهن..أصدق في أداء مهامهن داخل المنزل. وعندها ستكون حاراتنا هادئة ومحافظاتنا أهدأ ووطننا أجمل!!!من داخل منازلنا يبدأ حب الوطن.. فالوفاء والنزاهة والصدق مبادئ لايتعلمها الطفل في جو أسري مشحون بالمهاترات الزوجية، ابتسموا للشوارع والمقاهي والسماء..للحقول والطيور، حتى تعطوا أفضل ماعندكم..ولأني لا يتوقف خيالي عن رسم مجتمع جميل بكم أحدثكم عن مستقبلٍ جميل تصنعونه بأيديكم...لا مساعدات خارجية، لأن كل هذه المسميات لن تعلمكم أن تحبوا الوطن، الوطن حبه يكمن فيكم أنتم... أرجوكم لا تجعلوا حب الوطن سجارة الصباح الأولى التي تحرصون على إبقائها طويلاً بين شفاهكم ثم تنفثونها دخاناً رخيصاً يرحل مع هبة ريحٍ عابرة...ولا تجعلوا ما تقوله لكم هذه الأسطر أعقاب سجائر باهتة بلون المرض..جربوا أن تبدأوا من جديد دائماً..ليس منا إلا وله كبوة..المهم أن نقف من جديد.. فهلاّ وقفتم؟!!!