تستمد الجيوش أسباب انتصاراتها من ثلاثة عناصر رئيسية : الأول هو التدريب والاعداد الجيد للمقاتلين، والثاني هو حداثة السلاح وتطور تقنيات الحرب.. أما الثالث فهو الروح المعنوية للمقاتل،والتي يعتبرهاكثير من قادة الجيش أنها تتقدم على العنصرين السابقين، فيما يقول بعضهم إن الجيوش لاتهزم ميدانياً إلا إذا هزمت معنوياً أو نفسياً أولاً. ومع أن قيادات الجيش تدرج التعبئة المعنوية - أو كما يسميها البعض الإعداد النفسي - ضمن مناهج التدريب الأساسية، إلا أنها تعتبر كل الجهد الذي تبذله في ذلك لايكاد يستحق المقارنة مع تلك الشحنة المعنوية التي يمنحها اياه الموقف الشعبي، حيث إن هذا الموقف الذي يتبلور من خلال أنشطة الأفراد والجماعات والهيئات المدنية والرسمية المختلفة والمؤسسات الإعلامية يسهم في تعزيز الإحساس بالمسئولية الوطنية لدى المقاتل، ثم تعزيز الثقة بالنفس، والقدرات القتالية، وبغرض تحقيق الانتصار، علاوة على ان تلك المواقف الشعبية ترسخ الإيمان لدى المقاتل بعدالة القضية التي يدافع عها، طالما والرأي العام مجمع على مشروعيتها. أمس لفت انتباهي موقف «منتدى المعلمين والمعلمات» في المملكة العربية السعودية، حيث بادر أكثر من «502»آلاف معلم ومعلمة إلى إعلان مؤازرتهم للقوات المسلحة السعودية، ووضع أنفسهم رهن اشارة خادم الحرمين الشريفين والقيادة السياسية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الجميع باشروا على مستوى المناطق في توزيع البيانات والنشرات التوعوية التي تحث على توحيد الصف الوطني، وتشرح خطورة العدوان وأهدافه، وتدعو إلى ارسال قوافل الدعم للمرابطين على الحدود بمواجهة الإرهاب الحوثي. لكن الموقف الآخر الأجمل هو ان مجاميع رمزية من المعلمين توجهوا إلى جبهات القتال، وأصروا على حمل السلاح والوقوف في خندق واحد مع أفراد الجيش والأمن - ليؤكدوا بذلك أن الشعب السعودي بكل فئاته يقف على نفس الاستعداد للتضحية بالروح من أجل الدفاع عن الوطن. دخلت الكثير جداً من المنتديات الإلكترونية السعودية بما فيها تلك المعروفة بتبعيتها لسعوديين يقيمون خارج المملكة فكان الجميع يفاخر بالجيش السعودي، ويرفع الابتهالات لرب العالمين لنصره، والكل يستذكر قصصاً ومآثر من التاريخ ومواقف عظيمة يستشهد بها لتعزيز الثقة بأصالة الشعب وشجاعة أبنائه في مواجهة التحديات والمواقف العصيبة. تمنيت وأنا أتصفح المواقع والمنتديات السعودية، واقرأ بيانات القبائل ومختلف الهيئات الشعبية،أن لا أبرحها، فأقع بين حضيض إعلامنا اليمني الذي لاهم له سوى التنكيل بالجيش والأمن والمواقف الرسمية، وبث الاشاعات التافهة التي تبعث على القيء.. فلم أسمع أو اقرأ من قبل عن شعب يشمت بشهدائه إلا في إعلام المعارضة اليمنية - المعلنة والمقنعة - التي تنهمك منذ بداية الحرب بتبجيل وتمجيد قوى الإرهاب، ابتداءً من الحوثي، إلى القاعدة، ثم الميليشيات التخريبية الانفصالية التي ذبحت بالأمس القريب أكثر من عشرة آلاف مواطن يمني في أسبوع واحد فقط. لا أدري إن كان المرء معارضاً للنظام السياسي لماذا يعارض أيضاً الوطن، ويعارض الشعب والجيش والقيم الأخلاقية والإنسانية، ويلتف حول القتلة والمجرمين والقوى الإرهابية.. ويصفق لكل من يشتم بلده ويسيء لشعبه من المنظمات والأقلام الغربية.. ومع أن هذه الفئة تمثل اقلية غير انها سجلت موقفاً شاذاً لم يسبقها إليه أحد على مر تاريخ البشرية.