مضى أكثر من ثلاثة عقود على أول مدبغة للجلود بمختلف أحجامها في تعز كمبادرة إستثمارية وطنية هدفت إلى حث الناس على المحافظة على الجلود كما كان الأوائل يفعلون، ولم يتقيد الناس بالعمل على تفادي تمزيق الجلود في المناسبات وكل أيام السنة مما اضطر أصحاب المدبغة إلى إغلاقها في وقت كان العمال أنفسهم قد تركوا العمل فيها بدون مبررات تذكر وكانت قد ظهرت بعض الأحذية المصنوعة في اليمن من جلود الماعز والأغنام فاندثرت بسرعة ودون أن يعرف أحد الحقيقة، هل هي الخلافات دبّت بين الشركاء المساهمين أم أن الذي كان يملك المعمل لم يوفق في تعليم وتدريب أبنائه على هكذا عمل وهذا مجرد تخمين حيث شهدت المحاكم والنيابات عدة قضايا بين أبناء الأسرة الواحدة والتجار وأصحاب أعمال لدرجة إن كثيراً منها كانت تتعلق بالحجر على الآباء بحجة أنهم أصبحوا عاجزين أو مختلين يتصرفون بثرواتهم بحسب عواطفهم ويحرمون بعضاً من أبنائهم منها ويغدقون على الباقين بأكثرمما تعطيهم المواريث الشرعية. واليوم كما أعتقد تهدر ثروة الجلود كما كانت لنفس الأسباب وماكان سليماً يصدر إلى إيطاليا المشهورة بصناعة الأحذية والحقائب الجلدية الفاخرة ولم تجد الدعوات الموجهة من الجهات المختصة في الأعياد للحفاظ على الجلود وعدم رميها في براميل القمامة، واقتصر دور تلك الجهات على الدعوات فقط من فوق كراسي المسئولية، فلو كانت أتبعتها بحملات تفتيش ورقابة مستمرة لما أهدرنا ثروة تقدر بمئات الملايين من الدولارات ولما بقيت عملية ذبح الإناث وصغارها في المحلات بعيداً عن المسالخ. إن الصناعات الجلدية تأخذها الحكومات في اعتبارها، فلايهدر جلد واحد ولو كان لجدي ابن اسبوع، أما جلود الأبقار فقد أصبحت من أهم الصادرات إلى الخارج اللهم في بعض الدول العربية مثل مصر التي تصنع الأحذية المختلفة وتصدرها إلينا وإلى غيرنا ومثلها سوريا والأردن وفي السابق كانت هذه الصناعات رائجة وقديمة في العراق لدرجة أن الواحد لايجد صعوبة في تفصيل حذاء على مقاسه لدى حرفي متخصص بسيط قابع في دكانه. وفي الماضي كانت المدابغ في اليمن منتشرة خاصة في صنعاء وذمار وكانت الأحذية الشعبية والمعاطف والنّسع التي تشد بها الحمولات على الحمير والبغال والجمال وما يسمى الاساب والغرارات وقِرَبْ رفع الماء من الآبار والأحزمة ومايسمى الجرم أو الجاكت الجلدي أيام البرد الطويل منه والقصير والذي لو عرض مثله في الوقت الحاضر لبلغ ثمنه عدة آلاف من الدولارات. إننا نتمنى أن يعود الجميع إلى الاهتمام بالثروة الجلدية والصناعة الجلدية وأن تتولى المجالس المحلية هذه المهمة ومعها وزارة الصناعة ومنظمات المجتمع المدني وتفتح مدارس ومعاهد ومراكز أمام الطلاب الدارسين والمتدربين وحتى لاتندر هذه الحرف وننساها بخلاف غيرنا في كل مكان.