تستقبل مسالخ الحيوانات في اليمن بعيد الأضحى المبارك مئات الآلاف من الأغنام والماعز والأبقار، لذبحها كأضحية تطبيقاً لشعائر الإسلام المشروعة بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلّم. قال الله تعالى: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»... وقال تعالى: «قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ» صدق الله العظيم. في مقابل ذلك ينتج عن عملية الذبح توافر الجلود بكميات كبيرة... (الجمهورية) في هذا الموضوع نزلت ميدانياً إلى الجهات المعنية للتعرف من خلالهم على مصير جلود الماعز والكباش والأبقار المذبوحة، وكيف يتم الاستفادة منها؟ استهلاك محلي الإدارة العامة لنظافة العاصمة قالت: إن جلود الحيوانات (الأغنام والأبقار والماعز) التي يتم سلخها يتم المتاجرة بها والاستفادة منها داخلياً عبر عملية تبدأ من الجزار ببيعها لأصحاب المدابغ الصغيرة واليدوية خصوصاً جلود الأغنام (الكباش) التي عادة ما يتم تصنعيها محلياً عبر ورش حرفية محلية إلى مواد مستهلكة منها الملبوسات والأحذية. حيث يتم استخدام جلود الكباش والأغنام بعد صقلها في عملية دباغة يدوية ومعالجات بمواد حمضية مختلفة وتجفيفها في فترة زمنية تصل إلى أكثر من شهر في صناعة أنواع من الكروك (الجاكيت) التي تقي من البرد ويكون فيها جلد الحيوان للداخل، ومبطناً من الخارج بقطعة من القماش الأسود ويصل سعر الواحد منها أكثر من 15.000 ألف ريال. من جانبه قال على جمالي (جزار): إن الجلود يأخذونها من الزبائن في عيد الأضحى دون مقابل بعد ذبحهم لفدوهم من الأغنام والأبقار، ويبيعونها إلى تجار محليين يصدرونها للخارج، ويختلف سعر الجلد حسب الحجم والنوع، فسعر جلد الكباش يباع ب200 ريال، وجلد الأبقار بين 1000 - 2000 ألف ريال. موضحاً أن الزبون لو أخذ الجلد بقصد دبغه والاستفادة منه سيكلفه ذلك مبلغاً قد يصل إلى خمسة آلاف ريال. التصدير بأسعار زهيدة على صعيد متصل أكدت دراسة أعدها المجلس الأعلى لتنمية الصادرات أنه يتم هدر نسب كبيرة من هذه الجلود، فيما يتم تصدير ما قد تصل نسبته إلى 75 % كمواد خام وبأسعار زهيدة. وطالبت الدراسة بتشجيع قيام صناعة الجلود الخام وزيادة حجم تصديرها كمواد مصنعة ونصف مصنعة وهو ما يسهم في تنوع مصادر الدخل لليمن. ولفتت الدراسة إلى أهمية صناعة الجلود كونها من الصناعات كثيفة العمالة، وتقوم في أساسها على العنصر البشري وتتفرع منها مهن عديدة، مما يضعها في مقدمة القطاعات الهامة والواعدة في اليمن، وهو ما يجب على الجهات المعنية توجيه اهتمامها نحو هذا القطاع الواعد وجذب الاستثمارات إليه بدلاً من إهدار هذه الثروة الوطنية والقومية دون أية جدوى أو فائدة. في الوقت نفسه أوضح التقرير العالمي «رون ساور ريبورت» الخاص بصناعة وتجارة الجلود أن اليمن لا تحسن استغلال هذه الصناعة وأن 97.5 % من جلود الماعز والكباش و100% من جلود الأبقار المذبوحة كل يوم وتقدر قيمتها بعشرات الملايين سنوياً لا يعرف مصيرها. بدوره دعا على محمد العزي محلل اقتصادي إلى الاستفادة من تجارة دباغة الجلود وتصنيعها والتي كانت في السابق تعتبر من المهن المتعارف عليها وبالذات في مدينة عدن التي كانت تتواجد فيها الكثير من المدابغ وتوفر فرص العمل للكثيرين من المشتغلين بهذه الصناعة والذين عملوا على تصدير الجلود إلى الكثير من دول العالم. وقال: إن هذه الصناعة في الوقت الحاضر تعاني من الإهمال والإهدار... داعياً الحكومة إلى دفع بنوك التسليف لدعم المشاريع الخاصة بهذا المجال للشباب والقطاع الخاص اليمني... مشيراً إلى أنها سوف توفر الكثير من فرص العمل وترفد خزانة الدولة بالموارد. وأضاف: إن صناعة الجلود عند الاهتمام بها ستشكل إضافة نوعية لنشاط اقتصادنا الوطني وسوف تعزز بها العملية التنموية وتحقق الاستقرار والازدهار للوطن والمواطن... مرجعاً سبب هدر الجلود يومياً وبآلاف الأطنان في مسالخ وأسواق اليمن إلى عدم وجود مصانع لدباغة وإعادة تصنيع الجلود. جهود حكومية الجهود الرسمية لاحتواء الهدر الواقع على هذه الجلود جاء عبر خطوة أولى تمثلت بقرار وزير الصناعة والتجارة رقم (362) لسنة 2004م، الذي قضى بمنع تصدير الجلود الخام إلى خارج البلاد. وحدد القرار منع تصدير جلود الماعز والضأن اعتباراً من الأول من فبراير عام 2005م، وجلود العجول والأبقار ابتداءً من يناير العام 2006م. وهدف هذا القرار إلى تشجيع الصناعات المحلية التي تعتمد على استخدام الجلود الخام واستثمار هذه المادة المحلية بما يخدم تعزيز وتنمية الإنتاج المحلي لهذه الصناعة التي بدأت تعمل في مجال الاستثمار وتحسين الاقتصاد الوطني بصورة ملحوظة. واعتبر اقتصاديون قرار وزارة الصناعة بأنه سوف يشجع رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للاستثمار في مجال صناعة الجلود لما تمثله من مورد اقتصادي هام يحقق عائدات مالية مرتفعة، ويسهم بشكل كبير في تخفيض حجم العمالة العاطلة.