جاء إعلان إعادة الوحدة اليمنية مترافقاً مع اختيار التعددية السياسية كنظام حكم بعد سنوات من تحريم الحزبية واعتبارها مدخلاً للعمالة الحزبية تبدأ بالتأثر وتنتهي بالعمالة حيث هيمن نظام الحزب الواحد على الحياة السياسية في جنوب الوطن وفي شماله أستبعدت التحالفات السياسية الآخر المختلف فكرياً وسياسياً مع هذه التحالفات. راهن اليمنيون على الديمقراطية كمشروع وطني يستطيعون من خلاله بناء دولتهم الجديدة «الجمهورية اليمنية» يتغلبون من خلاله على جملة التباينات والخلافات بين المكونات السياسية وإن ضعف الاقتصاد يمكن التغلب عليه من خلال دولة النظام والقانون ودولة المؤسسات ومكافحة الفساد من خلال برلمان قوي بإرادة صارمة للقيادة السياسية. هذه الآمال والطموحات تبددت مع أول نتائج للعملية الانتخابية في أول دورة برلمانية «1993م» عندما رفض الحزب الاشتراكي نتائج الانتخابات عبر إثارته لأزمة سياسية انتهت إلى حرب صيف «1994م» التي مازالت أذيالها تنسحب على كافة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية .حتى اليوم. فشلت الأحزاب السياسية في استيعاب التحول الديمقراطي فبعض الأحزاب «حينها » لم تتخلّ عن العقلية الشمولية في إدارة البلاد وإدارة علاقتها مع الآخرين وأحزاب المعارضة ظلت أسيرة العمل السياسي السري وعجزت عن ممارسة العمل السياسي في أوساط الجماهير فدخلت في صراعات وتصفيات سياسية داخلية أضعفتها وزادت من عزلتها في أوساط الجماهير وخلقت علامات استفهام عديدة حول نشاطها ودورها السياسي والوطني و فشلا في إنتاج علاقة متوازنة وعقلانية فيما بينها. الأزمة السياسية والصعوبات التي يواجهها الوطن اليوم هي امتداد للأزمات الداخلية لهذه الأحزاب وامتداد لأزمة الثقة التي هيمنت على العلاقة فيما بينها وغياب المصداقية والشفافية والوضوح في علاقاتها وقراراتها ومواقفها وعلاقتها بالجماهير. القرار والموقف السياسي لأي حزب لايمكن أن يكون متعارضاً أو متصادماً مع عقيدة الحزب الفكرية وثوابته الوطنية والسياسية لكن قرارات ومواقف الأحزاب السياسية اليمنية لاتنتظر منها اتساقاً أو انسجاماً مع فكرها وثوابتها الوطنية والسياسية لأن قراراتها مرتبطة بالحالة النفسية لقياداتها ولاتوجد مؤسسات حزبية يمكن الرجوع إليها في مثل هكذا مواقف وليس أدل على ذلك من اتفاق فبراير 2009م الذي قضى بتأجيل الانتخابات والدخول في حوار شامل «مع قناعتنا أن الاتفاق كان أفضل الخيارات» فهل نحتاج لمزاج شخصي لهذه القيادات مماثلاً لمزاجهم عشية «22 فبراير» ونحتاج لغرف مغلقة أخرى وخطوط اتصالات ساخنة حتى يستجيبوا للدعوات المتكررة للحوار ؟!! لماذا اتجه البعض إلى خارج المؤسسات الحزبية التي نتج عنها أعمال غير قانونية؟؟ معظم هؤلاء خرجوا من عباءة الأحزاب السياسية وهو مايعني أن هذه الأحزاب عجزت عن تحقيق رغبات وقناعات الناس الفكرية والسياسية وعجزت عن ممارسة حقوقها المشروعة وإقناعها بالمواقف غير المشروعة التي يجب الإقلاع عنها. ما كان للخارجين عن القانون أن يخرجوا من عباءة اللقاء المشترك ويتمردوا على أحزابهم ويقذفوا قادتهم بالحجارة في مهرجان الضالع في 2008م لو أن اللقاء المشترك أقنع أعضاءه بمصداقية التحالف واستراتيجيته وقدرته على التعبير عن همومهم وتطلعات أعضائه قبل بقية المواطنين. لا يمكن لأحد إنكار أن المكايدات السياسية أفرزت جملة الاختلالات التي نشاهدها في طول الوطن وعرضه وأن الديمقراطية مازالت خُرجاً واسعاً على الثقافة والعقلية العربية التي تعاني إرثاً مأساوياً عمره أكثر من 1300 عام من «الحكم العضوض». الممارسة الحمقاء للديمقراطية وشخصنة المواقف السياسية والوطنية تقود إلى إعلان فشل الأحزاب السياسية والتعددية السياسية في دولة شعبها يلوك السياسة كما يلوك القات !!!