ظلت بعض الأحزاب على الساحة تؤكد على ضرورة الحوار الوطني.. وهاهو الرئيس علي عبدالله صالح يعلن يوم السادس والعشرين من ديسمبر الجاري موعداً للحوار الوطني الجاد والفاعل والمسئول تجاه مختلف القضايا والموضوعات ذات الصلة بالبناء الوطني. وبذلك يكون الرئيس علي عبدالله صالح قد قطع الطريق أمام مزايدات «الأحزاب» التي ظلت تطالب بالحوار دون أن تستجيب للدخول فيه، وذلك على الأقل ما أثبتته المرحلة المنصرمة من اللقاءات والتواصل بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة.
اليوم جميع هذه الأحزاب على المحك وذلك لالتقاط هذه المبادرة الرئاسية والتفاعل معها بالجدية المطلوبة.. خاصة وأن المرحلة التي يعيشها الوطن تقتضي هذا الحوار.. وتقتضي أكثر من ذلك أن يكون الحوار شفافاً ومسؤولاً يخرج من دائرة المماحكات السياسية والحزبية أو التنصل عن المسئولية التي تحكم منظومة العمل السياسي في وجهيها الحاكم والمعارض. والحوار يبدأ بطرح القضايا على بساط النقاش الموضوعي الهادف الخروج برؤية مشتركة للتعامل مع المستجدات الوطنية تسهم في ترتيب السياقات المرتبطة بمهام وأداء منظومة العمل الحزبي والسياسي خلال الفترة القادمة. وأبرز ما يمكن الإشارة إليه في هذا ترتيب أولويات القضايا ذات الصلة بعلاقة الأحزاب فيما بينها ووضع الصيغة الملائمة لاستحقاقات المستقبل، والخروج من دائرة السجال العقيم تجاه العبث بثوابت الوطن. وفي المقابل فإن ثمة حاجة إلى الكف عن تعطيل دورات الحوار كما كان في السابق أو التقليل من مقترحات الآخرين ورؤاهم تجاه ما يعتمل على أرض الواقع، خاصة وأن المشكلات الراهنة تمثل تحدياً حقيقياً أمام وجود الكيان اليمني مؤسسة وأفراداً.. وهو أمر يضع الجميع أمام المسئولية الوطنية في استنباط الحلول الفاعلة لنزع فتيل هذه المشكلات القائمة. بمعنى أن القضايا الوطنية الكبرى لا يقتصر أمر المساهمة في معالجتها على طرف سياسي دون آخر، بل هي قضية وطنية كبرى تستدعي من الجميع المشاركة في وضع المعالجات الناجعة لها.
للأسف الشديد تعمدت بعض الأحزاب على الساحة الوطنية أن تقابل دعوات الحوار إما بالتقليل من شأنه أو تجاهل شركاء العملية السياسية، وهذا الأمر قد أحرق علينا مراحل كان الأجدر بنا التقاطها والتعامل معها بحرص على المصلحة الوطنية وتناسي حسابات الربح والخسارة!
إنني متفائل بأن ثمة حرصاً سوف تبديه النخب السياسية على الساحة للتفاعل مع المبادرة الرئاسية، خاصة وأن هذه الفرصة هي الرهان الحقيقي لاختبار قدرة هذه الأحزاب على أن تكون مع الوطن أو ضده فخير أن نكون على حافة الحوار أفضل من أن نكون على حافة الهاوية.