التأكيدات الرئاسية التي أعقبت أعمال التخريب على التمسك بالحوار عبر المؤسسات الدستورية؛ هي القضية الأبرز التي يفترض أن يستجيب لها الجميع موالاة ومعارضة.. لقد كان الحوار في بدء الخليقة ومع مرور الزمان، حيث لم تستقم تجربة أو تعمّر بلاد إلا بتضافر جهود أبنائها وتلاحم صفوفهم وتوحيد طاقاتهم وقدراتهم. ولم تشهد بلاد استقراراً ونماءً دون هذه الوصفة، بل إن الشعوب التي استبدت بها ثقافة التناحر والتنابز، وعصفت بها رياح الكراهية والتشتت والفرقة لم تستطع أن تعمّر أرضها أو تنمّي قدراتها أو تشق لها دروباً إلى المستقبل؛ بل إنها كانت مرتعاً للبؤس والألم. لقد تابعت أحاديث الأخ الرئىس/علي عبدالله صالح خلال فعاليات المؤتمر العام السابع في دورته الثانية، حيث اتسم هذا الحديث الرئاسي بالوضوح والشفافية، والتأكيد على قضية الحوار تجاه مختلف القضايا الوطنية. بل إنه ذهب إلى وضع رؤية عملية لتطوير آليات هذا الحوار بين القوى السياسية، وتقديم كل التنازلات في إطار الشراكة، وتعميق قيم الوحدة والديمقراطية، والتمسك بالثوابت الوطنية. إن المسئولية تقتضي اليوم انفتاح القوى السياسية على بعضها، وتدشين برنامج للحوار حول مختلف القضايا ذات الصلة بالبناء الوطني الشامل. وفي تقديري أن ذلك أفضل وأنجع لاستنباط الحلول للمشكلات والتحديات القائمة؛ خاصة إذا ما عرفنا أن لغة الإحباط والتشاؤم والتشكيك والتخوين التي سادت خطاب المعارضة والسلطة خلال الفترة الماضية لم تؤدِ إلى نتيجة؛ بل إنها ظلت كابوساً مؤرقاً يقود إلى حالة من الإحباط والنكوص. وإذا سلّمنا جدلاً أن خطاب المعارضة يأتي في سياق الدور الذي تضطلع به في إطار الحرية التي يكفلها النظام الديمقراطي التعددي؛ فإن الإشكالية التي ظلت سائدة على بؤس هذا الخطاب أنها اعتمدت الشطط، وتحديداً في محاولات استهداف الثوابت الوطنية. ويخطئ البعض أحياناً في قيامه بإغلاق أبواب الحوار حول القضايا الوطنية ذات الاهتمام المشترك. ولعلنا نتذكر بأن الحوار بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المشترك استغرق وقتاً طويلاً حتى نجح في اعتماد صيغة مشتركة بعد أن تدخل الرئىس/علي عبدالله صالح لإنجاح هذا الحوار على خلفية ما تتسم به شخصيته من إيمان عميق بأهمية الحوار. فقد أزال كافة الصعوبات حتى توصلت تلك الأحزاب إلى رؤية مشتركة حول قضية الانتخابات والإصلاحات في النظام السياسي. وأمام ما يعتمل من تحديات أبرزت هذا الشكل المأزوم والمتأزم المتمثل في أعمال التخريب؛ فإن الطبيعي أن تلتقي الأحزاب والتنظيمات السياسية على سقف إدانة كل الدعوات الرامية إلى تقويض وحدة الوطن، وجلوس هذه الأحزاب إلى طاولة الحوار للنقاش في مجمل المستجدات الوطنية. وأعتقد أن الوقت لايزال متاحاً أمام تعزيز هذا التوجّه الهادف إلى الحفاظ على المكتسبات الوطنية اعتماداً على الحوار الجاد والموضوعي من أجل استنباط المعالجات الناجعة لكل ما يعتمل من أحداث، وتصويب الاختلالات بما يسهم في اتجاه استكمال بناء الوطن وتنمية مقدراته حاضراً ومستقبلاً.