لايختلف يمنيان حول التحديات الراهنة والكثيرة التي تعيق الحوار الوطني، تحول دون تغليب اليمن وهمومه ومصالحه على المصالح الحزبية والخلافات والحسابات البينية التي استهلكت ومازالت المرحلة والطاقة والإمكانيات.. الحوار السياسي بين فرقاء الساحة اليمنية مازال طريح الدهاليز، حبيساً غير قادر على الفعل والتغيير، إحداث نقلة وطنية في التوافق السياسي القائم على الاحترام المتبادل وقبول الاختلاف في وجهات النظر، فقط ألا توظف أو توجه وجهات النظر تلك لأغراض الإثارة أو التعويم أو المماطلة أو الإقصاء أو المراوغة أو التسويق الخارجي، الأمر الذي يدفع بالحوار الوطني إلى متتاليات ومنعرجات لاتخدم أي طرف من الأطراف المتحاورة. من ضمن التحديات الراهنة أمام الحوار الوطني أنه لم يؤسس له كمشروع وطني يأخذ في خططه وبرامجه المستمرة بناء الوعي الاجتماعي العاشق للشراكة والمشاركة والحوار الهادئ والهادف في مقرات الأحزاب والمنتديات السياسية والثقافية والاجتماعية ومدرجات الجامعات اليمنية، ومنظمات المجتمع المدني والهيئات والمؤسسات الوطنية، الوصول بالحوار الوطني إلى طلاب المرحلة الثانوية بقصد تربيتهم وتدريبهم على منهجية الحوار، تمثله في أنشطتهم ومشاركتهم وهمومهم وتطلعاتهم في الحاضر والمستقبل. الحوار الوطني كتجربة ومشروع موازٍ ومرادف للتجربة الديمقراطية لم يحظ باهتمام ورعاية الأحزاب والمجتمع، تركت الأمور تسير بعفوية بدون اكتراث أو إعداد منظم وممنهج للأجيال والوعي الاجتماعي المعني بالتجربة الديمقراطية الوليدة في المجتمع اليمني الذي يغلب عليه ثقافة مجالس القات وطرق التعبئة الموجهة فيها أو الاشغال الدائم لوعيها بمواضيع وقضايا فضفاضة وهموم كونية لاتمت لجغرافية اليمن وهمومه ومشاكله بصلة، مما جعل الوعي الاجتماعي في غياب أو تجاهل لمنهجية الحوار الوطني المطلوب وتفعيله وترسيخه في المجالس والمنتديات واللقاءات والحوارات الحزبية والمؤسسية. التحديات الراهنة للحوار الوطني في شقه السياسي يمر بمرحلة حرجة وحساسة اجتماعياً ودستورياً، بالإضافة إلى الزمن الذي يحاصره حيث لم يبق بيننا وبين الانتخابات النيابية إلا شهور. انعكاسات هذه التحديات يجب أن تكون في حسبان الجميع، خصوصاً الأحزاب فهم المتسببون في ظهور الحوار الوطني عاجزاً عن بلورة رؤية وأفكار وقناعات توافقية تخدم المسار الديمقراطي، تزيح الغمة والترسبات الذاتية والمصالح الحزبية الضيقة جانباً، مقابل انفراج حقيقي في الحوار الوطني فيما يخص موضوع الانتخابات واللجنة العليا للانتخابات وجرح صعدة وتورمات مايسمى بالحراك في الضفة الأخرى من الوطن المتعب بخلافات وزوبعات وقصور وعي أبنائه على مايبدو في خلق الانسجام بين الحزبية والمسئولية الوطنية. المجتمع اليمني من خلال مؤسساته الوطنية مطالب بإحداث برنامج تربوي وتدريبي لترسيخ منهجية يمنية مرنة للحوار الوطني في شقه الاجتماعي، يُسرع من نضج الوعي الجمعي تجاه الثوابت الوطنية والقضايا المصيرية والنسبية أيضاً، تعيد ترتيب أبجديات الولاء الوطني ومتطلبات الانتماء والمواطنة للمصالحة التي تفتقدها الأجيال بسبب التصحر التربوي والثقافي والحوار في منظومة المجتمع اليمني ودوره ومسئولياته. [email protected]