كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    انهيار متواصل للريال اليمني.. أسعار الصرف تواصل التدهور في عدن    شكر الله سعيكم.. نريد حكومة كفاءات    مباراة تاريخية للهلال أمام ريال مدريد    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد في كأس العالم للأندية    إصابة 3 مواطنين إثر 4 صواعق رعدية بوصاب السافل    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    إيران تبدأ بإطلاق الصواريخ الثقيلة    اشتداد حدة التوتر بين مسلحين قبليين ومليشيا الحوثي في ذمار    مليشيا الحوثي تختطف عريساً قبل يوم واحد من زفافه    الجيش الإيراني يدشن هجوم المُسيرات الخارقة للتحصينات    الحوثي والرهان الخاسر    الصبر مختبر العظمة    الفريق السامعي: ما يحدث ل"إيران" ليس النهاية ومن لم يستيقظ اليوم سيتفاجأ بالسقوط    إيران تعلن اطلاق موجة صواريخ جديدة وصحيفة امريكية تقول ان طهران ستقبل عرض ترامب    اعتقال صحفي في محافظة حضرموت    مواطنون يشكون منع النقاط الامنية ادخال الغاز إلى غرب محافظة الضالع    إغلاق مطار "بن غوريون" يدفع الصهاينة للمغادرة برا .. هربا من الموت!    كندة: «ابن النصابة» موجّه.. وعمرو أكبر الداعمين    مجلس الوزراء يشدد على مواجهة تدهور العملة للتخفيف من معاناة المواطنين    فعالية ثقافية للهيئة النسائية في الأمانة بذكرى رحيل العالم الرباني بدر الدين الحوثي    حدود قوة إسرائيل    عدن بين الذاكرة والنسيان.. نداء من قلب الموروث    حجة .. إتلاف مواد غذائية منتهية الصلاحية في مديرية المحابشة    لأول مرة في تاريخه.. الريال اليمني ينهار مجددًا ويكسر حاجز 700 أمام الريال السعودي    اجتماع بصنعاء يناقش جوانب التحضير والتهيئة الإعلامية لمؤتمر الرسول الأعظم    لملس يزور الفنان المسرحي "قاسم عمر" ويُوجه بتحمل تكاليف علاجه    روسيا تحذر أمريكا من مساعدة تل أبيب «عسكريا»    انتقالي شبوة يتقدم جموع المشيعين للشهيد الخليفي ويُحمّل مأرب مسؤولية الغدر ويتوعد القتلة    البيضاء : ضبط ستة متهمين بجريمة قتل شاب من إب    رسميا.. برشلونة يضم خوان جارسيا حتى 2031    الرهوي يناقش التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    ترقية اليمن إلى عضوية كاملة في المنظمة الدولية للتقييس (ISO)    مدارج الحب    لاعبو الأهلي تعرضوا للضرب والشتم من قبل ميسي وزملائه    أزمة خانقة بالغاز المنزلي في عدن    صراع سعودي اماراتي لتدمير الموانئ اليمنية    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    ألونسو: لاعبو الهلال أقوياء.. ومشاركة مبابي تتحدد صباحا    بن زكري يقترب من تدريب عُمان    شرطة صنعاء تحيل 721 قضية للنيابة    بين صنعاء وعدن .. على طريق "بين الجبلين" والتفاؤل الذي اغتالته نقطة أمنية    ترامب يؤكد ان مكان خامنئي معروف ويستبعد استهدافه وإسرائيل تحذّر من انه قد يواجه مصير صدام حسين    الإمارات توضح موقفها من الحرب بين إيران وإسرائيل وتحذر من خطوات "غير محسوبة العواقب"    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    حوادث السير تحصد حياة 33 شخصاً خلال النصف الأول من يونيو الجاري    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    على خلفية أزمة اختلاط المياه.. إقالة نائب مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدن    طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد    بالأدلة التجريبية.. إثبات وجود ذكاء جماعي لدى النمل!    صنعاء .. التربية والتعليم تعمم على المدارس الاهلية بشأن الرسوم الدراسية وعقود المعلمين وقيمة الكتب    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    اغتيال الشخصية!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقطت كل الرهانات
نشر في الجمهورية يوم 18 - 12 - 2009

حملت حقائب الشوق ولملمتُ بين كفي النهار باقة الأوراق، وأبيات الأشعار... والتحقت بركب السفينة يقودنا شراع دائم الإبحار ليغوص بنا في خليج المفارقات العجيبة ،الذي تبدى لنا بصورة إنسان أتى من عمق التاريخ حيث كان في ذلك الوقت لا يملك غير مجداف، وشراع... يوجه به الركب إلى حدود وعوالم أخرى ليعود ناقلاً مع البهارات، والتوابل، وأثمن الأشياء، تتطور يساعده على مواكبة العصر فراح الجميع بين عبق التاريخ ،ومعاصرة ناطحات السحاب.... وحولوا الكويت إلى درة خليجية تشعر بأنك تحتاج إلى وقت طويل لتثرثر معها فتبوح لك بكل ما بداخلها ....!!!وهي متيقنة بأن كل ما يدور بينك وبينها من بوح وثرثرة لن يتعدى حدود شواطئها.
وبين حديثي وانفعالاتي كان هناك قادم نحوي من الوهلة الأولى ترى فيه كل نقيض غموض ووضوح ،براءة ودهاء ،جنون وعقل، حب وكره، جاذبية وهروب، جنة ونار، أنثى وملاك.... إنها حورية البحر تأملتني بعينيها بذكاء مصنوع بحد سيف الابتسامة لتسألني: ماذا لديك هنا على شاطئنا .....؟!!!
وإذا بي أبادلها نفس الابتسامة وأنا أصارع كل الروايات والأساطير التي تحكي عن حورية البحر لأجيبها: بأن كل هذا العالم يحاصرني وأنا أفتش عنها في الطرقات، خلف النوافذ والأبواب، وفي كل الوجوه، فلم أجدها فهل من شفيع كي أراها...؟!!!
أجابتني بعفوية طفلة: إنها هناك توصي أبناءها بالوطن خيراً، فهي لم تكن قط امرأة أمية لذا فهي تسعى لترى أبناءها أسعد من تحت السماء وأهنأ من على الأرض.
ولم تكن قط امرأة أنانية ولكنها تجنب نفسها لدغة العقارب وحدة الخناجر لذا هي مستقلة مالياً وإدارياً، وهي ليست بالمرأة اللعوب حين تمارس كافة حقوقها كإنسانة تكسر الحواجز وتزيل الأقنعة.
ولم تكن تلك المرأة الباحثة عن شهرة وتصفيق ولا جوائز أدبية أو سياسية ولكنها كانت تدرك تماماً أن عليها أن تهيئ الطريق وتنقيه من كل الشوائب والعوائق قدر الاستطاعة لمن سيتعاقب مكانها من مثيلاتها.
وأنت يا عابرة السبيل أي ريح حطت بك في شواطئنا.....؟؟
حاولت الإجابة بصوت عميق كزرقة شاطئها لأوضح لها بأنني لست عابر سبيل.. ولو كنت عابرة سبيل لقفزت من السفينة ولكني لم أقفز ...
وإنما أتيت باحثة عن عطر تاريخي بين شوارعكم....
أتيت أجس نبض جذوري في أعماقكم ....
أتيت باحثة عن تلك الطفلة التي كبرت على المغامرين الخمسة وكلبهم الوفي عنتر في زمن ما عادت كلابنا فيه «وفية»......
أتيت وأنا أردد افتح «يا سمسم أبوابك» لأتسلل إلى عالم سندباد القادم من بغداد، وعصفورته ياسمينة، ورفقائه علي بابا وعلاء الدين.....
أتيت أحمل معي تاريخ «بلقيس، وأروى» لأنافس سالي ولعبتها القديمة ومدرستها القاسية القلب التي أدمت قلوب الكثيرين وهي تجسد صورة المرأة الصارمة الجامدة الفكر لأثبت لكم أن الشورى أول من حققها امرأة من تاريخي حين قالت لقومها «أفتوني في أمري....»
أتيت أبحث عنها فملامحها كملامحي، ونبرات صوتها كنبرات صوتي، وقلبها كقلبي ، ولكنها اليوم ما عادت روحي فأين كل من ردد معنا افتح «يا سمسم أبوابك نحن الأطفال» هل خذلتهم الأغنية.
تفتح عينيها في وجهي.. وتدقق في ملامحي.. وتمسح جبينها بأناملها.. وترد بفرح: أنتِ من مهد الحضارات تبحثين عنها واسمك كاسمها... بالتأكيد إنها هناك تمسك قلمها بيدها ،وتقلب أوراقها لتقرأ قديمها بكِ ،وتصنع حاضرها من خلال تاريخك، فتنحني الكلمات رهبة.. فبلقيس صنعت قرارها بالشورى ومن تبحثين عنها تصنع قراراً من خلال مجلس الأمة بالشورى
ولكن ما كل هذا الضجيج الذي يملأ وطن الأجداد يا حفيدة بلقيس...؟؟!!
تضاربت حروفي من الأسى فالنزف تجاوز الحدود يا حوريتي...!! فماذا سأقول وماذا سأحكي...؟ وكل ما سيقال بلا نبض ،بلا روح أصبحنا نخاف من الإجابات كثيراً.
فكلما مر يوم سقط رهان ،ورهان تلو الرهان إلى أن سقطت كل الرهانات ...!!!
تقاطعني قائلة: ولكن يا موطن الأجداد لم يكن أبونا امرئ سوء وما كانت أمنا بغيّا...؟!!!
فأرد مسرعة: ولم يكونوا بتقوى يوسف وورعه.... فكل ذلك الصمود وكل تلك المواجهات التي نناكف بها رؤوس الأفاعي ونقارع بها أذناب الذئاب توغل في قلوبنا جراحاً باتساع الفراغ خلفهم
ترد بصوت خافت: هي صعدة إذاً
قلت بصوت آتي من الأعماق: نعم صعدة، طعنة غدر لا تمحى
وبصمات عار واضحة
وآثار اعتداء واغتصاب
وأنين لا يتوقف
وتستمر بالترديد: هي صعدة، هي صعدة
وصوتي يخفت بقدر الألم الذي يختلج صدري
سقطت كل الرهانات
فترفع رأسها وتسألني بترفع وشموخ: ومن يكون ذلك المتمرد الذي يملك كل أدوات الشر التي تضر بوطنين غاليين على قلوبنا...؟!!
فأرد بصوت أقوى وشموخ يعانق جبال رازح: هو ليس سوى شبح، نعم شبح انتهازي استغل الفقر، والجهل، وغياب القوة الاقتصادية، والاستثمارية لينخر في جزء من قلب الوطن.
وقبل أن أكمل سماع سؤالها حين بادرت بقولها ولكن كيف....؟؟!!! استرسلت بالحكاية: تصدقي ياحوريتي بأن رصاصة هذا الشبح قد ساوت بيننا، ووحدت موتنا....!!! فالجندي السعودي، والجندي اليمني في وحدة صف فريدة من نوعها ليدافعون عن وطن مشترك ويموتون في خندق واحد. وذلك النازح السعودي والنازح اليمني تلاشت تحت سقف مخيمهم كل الفوارق المهنية، والمادية التي تحول دون انضمام مهد الحضارات إلى دول مجلس التعاون الخليجي .. «كاسرين كل التوقعات باستحالة توحدنا»
وقبل أن تهم بالحديث واصلت بإصرار الكلام: يا حوريتي أن أولئك المردة قد ساووا بيننا «برصاصة».... ونحن لم نستطع أن نتحد بيننا البين «بالورقة والقلم».... لذا أنا هنا في أروقة مجلسكم أبحث عنها لتنقل رسالة بالورقة والقلم إلى اجتماعكم.
وقبل أن أكمل جملتي وجدتها غاصت في الشاطئ لتخرج لي العديد من اللؤلؤ وتحث الخطى نحوي وأنا أبتعد عنها وبكل صوتي أقول لها : يا حوريتي أنا هنا أبحث عنها، عن صوتها.... وليس عن لؤلؤكم...
فاللؤلؤ.... لا يعيد ما ذهب ولا يبعث الروح في عديل الروح.
ومضيت وهي تنظر لي من شاطئها.. وأنا أردد لابد من المضي في الطريق المعاكس لهم.. من أجل أبناء أوطاننا... فهم يستحقون منا أكثر من ذلك.
لابد إن يردد الجميع معي بأن رصاصات ذلك المتمرد الطائش جعلتنا نعيد اكتشاف أنفسنا ،واكتشاف الأشياء من حولنا، ونؤمن بأنهم ليس آخر المشوار. ولا آخر الصعوبات والمنحنيات.. وأن هناك أشياء أخرى جميلة ، ومثيرة ،ورائعة... تستحق أن تعيد بناء أنفسنا من بعد تطهيرهم، وأزالت بصماتهم من جدران أعماقنا، واقتلاع كل خناجرهم من ظهورنا وإعادة ولادتنا بوحدتنا من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.