في كل عملية إرهابية نفذتها القاعدة في اليمن كانت أصابع الاتهام تشير إلى تقصير أجهزة الأمن في منع هذه العمليات قبل وقوعها. العمليات الاستباقية التي وجهتها الأجهزة الأمنية لأوكار القاعدة في المجعلة وأرحب وأمانة العاصمة ورفض بصعيد شبوة ؛ نقطة تحول في الصراع الدائر بين الارهاب وأجهزة الأمن منذ تسعينيات القرن الماضي .. هذه العملية تعد الأكبر والأقسى من بين كل العمليات التي طالت التنظيم فقد خسر عدداً من أبرز قيادات الصف الأول وعدداً أكبر من العناصر التي تم تجنيدها حديثاً بالاضافة إلى شل قدرته على الحركة والتخطيط وتوجيه رسالة شديدة القوة لكل المتعاطفين معه من العواقب الوخيمة التي تنتظر كل من يوفر الملاذ لعناصر القاعدة أو تستر على وجودهم. تمكن الأجهزة الأمنية من التعامل استخباراتياً مع القاعدة وخلخلة تماسكه مع امتلاك إرادة سياسية قوية في حسم الصراع معها سيدحض كل الشائعات التي أرادت إلصاق تهمة الإرهاب باليمن والادعاء بأنها ملاذ آمن لعناصر القاعدة. اعتمد البعض في تحليلاته على عوامل الطبيعة الجبلية لليمن والعاطفة الدينية لشعبها والتركيبة القبلية وانتشار السلاح كأساس يُمكن القاعدة من فرض وجودها في اليمن وهي عوامل ربما أنها قاربت المشكلة لكنها أيضاً منحت القاعدة قوة توهموا من خلالها أنهم قادرون على إقامة إمارة إسلامية شبيهة بما أقامته حركة طالبان في أفغانستان كما صرح بها المدعو «أبو بصير» المسمى أمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في حوار نشرته صحيفة الناس المحسوبة على حزب الإصلاح في العدد«134» الصادر في 26/1/2009م. إدراك الناس لخطر تواجد القاعدة على الأراضي اليمنية عامل مهم في حسم المعركة مع هذا التنظيم فالتعاطف الذي يبديه بعض مشائخ القبائل مع هذه العناصر هو انعكاس لغياب التوعية الدينية السليمة وتناقض الأعمال التي تقوم بها القاعدة مع قيم الدين وأحكامه الشرعية بالإضافة إلى وجود خلل في التوعية السياسية والفكرية من قبل الأحزاب السياسية لشرح مخاطر تغلغل النشاط الإرهابي في اليمن على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي من ناحية ومن ناحية أخرى تقديم الذرائع للمتربصين باليمن للتدخل بصورة مباشرة. هل يمكن للإسلام أن ينتشر وينتصر على يد من أجاز قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق وقال فيها «صلى الله عليه وسلم»: «إن هدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل نفس مؤمنة» فقتل الأبرياء «في تفجير السفارة الأمريكية» من اليمنيين في رمضان شهر الرحمة والغفران وقتل السياح في حضرموت وهم مسالمون معاهدون واستهداف رجال الأمن في سيئون وهم في طريقهم آمنون، وفي باكستان كل يوم نسمع عن مقتل العشرات من الأبرياء في الأسواق الشعبية ونشاهد تناثر الأشلاء وتطايرها في مشاهد تقشعر لها الأبدان ، فأي إسلام نقدمه للآخر ، وأين العدو الذي تواجهه في هذه المشاهد. انتشر الإسلام في جنوب وشرق آسيا ودخل في الإسلام عشرات الملايين من الناس بواسطة دعاة لم يحملوا سيفاً ولم يطلقوا رصاصة وعلى يد تجار التزموا الإسلام ديناً ومعاملة وسلوكاً فكانوا قدوة ومثلاً يحتذى به ، لذلك تدافع الناس للدخول في الاسلام أفواجاً . المعركة مع تنظيم القاعدة ليست مسئولية الدولة أو الأجهزة الأمنية فقط فالنتائج المترتبة على أعماله لن تؤذي النظام فقط ويجب أن لاتكون المعركة معه مجالاً للمناكفات السياسية والإثارة الإعلامية والكسب السياسي فالقطاع الاقتصادي تضرر بصورة مباشرة وعلى وجه الخصوص القطاع السياحي حيث تؤكد الاحصائيات تسريح أكثر من «041» ألف عامل يمني من أعمالهم في قطاع السياحة وخسارة القطاع وصلت إلى 441مليون دولار سنوياً. المواقف الرمادية في هذه القضايا جريمة في حق الوطن وجريمة في حق مستقبل أبنائنا ومايجري في جوارنا على الأراضي الصومالية بين عناصر كانت حتى الأمس في خندق واحد ويجمعهم خصم واحد وفكر واحد مثال لما يمكن قراءته في المستقبل. الفاتورة الخاصة بالقاعدة لن يدفعها المؤتمر الشعبي العام بل سيدفعها كل مواطن يمني سواء كانت أمنية أو اقتصادية فهل نترفع في ممارستنا الإعلامية والصحفية والسياسية وتوجيه كل الجهود في كبح جماح هذا التطرف بدءاً من الأسرة وانتهاءً بالسياسيين وقادة الرأي والأجهزة الأمنية.