تتباين وجهات النظر من الحوار ومواضيعه وأطرافه وأهدافه ونتائجه وفقاً لرؤية كل طرف وأجندته التي يحملها لهذا الحوار. لكن ما الذي ينشده اليمنيون من الحوار؟ وماهي القضايا التي تهم المواطن البسيط والمواطن المهتم بالشأن العام ؟ دولة يمنية حديثة بمشروع وطني يحمل رؤية استراتيجية تنتقل باليمن من دولة فقيرة تعاني العوز والحاجة إلى دولة قوية اقتصادياً وفاعلة ومؤثرة على المستوى الإقليمي والدولي.. دولة القانون والعدل والمساواة في وطن يستوعب الجميع دون استثناء ، ينعم فيها الجميع بالأمن والاستقرار ويُسلّط القانون على رقاب الخارجين عن الاجماع الوطني هو كل ما ينشده اليمنيون بمختلف مشاربهم وأفكارهم. على طاولة الحوار يجب أن نشخّص مشاكلنا بعيداً عن الشطط والتضخيم أو التبسيط ، على المتحاورين أن يحملوا في حقائبهم هماً وطنياً لا هموماً حزبية وشخصية ويدخل الجميع قاعة الحوار بقلب مفتوح يستوعب كل الآراء وتخضع للنقاش ليخرج الجميع بحلول حقيقية لا توافقية التوافق، والحلول الوسطية لا تكون إلا في المصالح الذاتية، والحلول في المشاكل الوطنية إذا لم تكن حقيقية وواقعية فإنها تحمل بذور الفتنة من جديد. المشكلة السياسية أخذت الجهد والوقت في البحث عن حلول ومخارج لها ولم يصل أحد ولن يصل إلى حل لأنها ارتبطت بحسابات شخصية ومصالح حزبية. اليمن يواجه تحديات اقتصادية أكبر بكثير من التحديات السياسية مهما برَّر السياسيون موقفهم من أن حل المشاكل اليمنية مرتبط بحل المشكلة السياسية، فالأزمة السياسية هي جزء من المشكلة وليست كل المشكلة، لذا يجب أن يتجه تفكير المتحاورين إلى إيجاد فرص عمل مواتية وملائمة لآلاف الشباب والبحث عن امكانية زيادة الموارد لخزينة الدولة حتى تتمكن من القيام بدورها الاجتماعي والتنموي ورفع مستوى مخرجات التعليم العام والجامعي والمهني ليتمكن شبابنا من المنافسة في سوق العمل المحلي والخليجي. يجب أن يخرج الحوار بحلول ناجعة لقضايا الفساد والافساد وتفعيل أجهزة الرقابة العديدة بدءاً من نيابة الأموال وانتهاءً بهيئة مكافحة الفساد، فالله لا يجمع عسرين وفي وقت واحد فقر وفساد. اليمن حباه الله بموقع استراتيجي ، لذا يجب على أطراف المشكلة السياسية ألا يجعلوا من هذه الميزة وبالاً على اليمنيين ومنح الطامحين الفرصة لتنفيذ أجندتهم الخاصة في اليمن وأن استغلال هذه الميزة يتطلب تكاتف جهود الجميع لتحويلها إلى عامل مهم لتمكين اليمن من لعب دور أكبر على كافة المستويات. قضية الحوار في هذه اللحظة الفارقة أصبحت قضية جوهرية، فكثير من التقارير والمؤشرات سواء في الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي أو الأمني باتفاق «وليس توافق» الجميع وتحمل المسئولية بصورة جماعية الحكومة من موقعها والمعارضة من موقعها والقطاع الخاص والمجتمع المدني والفعاليات الأهلية والاجتماعية من مواقعها.