شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    علي ناصر محمد يفجر مفاجأة مدوية: الحوثيون وافقوا على تسليم السلاح وقطع علاقتهم بإيران وحماية حدود السعودية! (فيديو)    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر الحوار الوطني.. ما يجب وما لا يجب !
نشر في الوطن يوم 06 - 01 - 2010


المكان: مجلس الشورى.
القصة: تنطلق في مجلس الشورى أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه فخامة علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، في ظل أزمات متصاعدة تتطلب تشخيصا قبل الاعتراف بالمرض.
"السياسية" وعلى ثلاثة محاور (سياسة، اقتصاد، قضايا عامة) طرحت سؤالا واحدا في كل قضية: "ما الذي ينشده اليمنيون من مؤتمر الحوار الوطني في كل من تلك القضايا؟ فكانت الإجابات التالية:
في الحوار السياسي:
مؤتمر يشمل جميع الأطراف وكافة القضايا ويصوغ عقدا اجتماعيا يبني الدولة اليمنية الحديثة
في أجندة الحوار السياسي، طالب عدد من السياسيين بتهيئة الأجواء وأن يشمل الحوار كافة الأطراف على الساحة المحلية، وتطرح كافة القضايا دون استثناء، مشددين على أن يصوغ مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية عقدا اجتماعيا يبني الدولة اليمنية الحديثة".
في البداية تحدث الناطق الرسمي باسم أحزاب اللقاء "المشترك" نائف القانص وقال: "أود أولا التأكيد على بيان اللقاء المشترك بشأن مشاركته في المؤتمر الوطني الذي دعا له الأخ رئيس الجمهورية، وهو وجوب مشاركة كافة الأطراف في الوطن (لحراك، الحوثي، المعارضة في الخارج) في مؤتمر الحوار الوطني".
وأضاف القانص: "لكن الدعوة لحوار وطني تم فيها تحديد سقف للشخصيات المشاركة فيه، فقد أغفلت هذه الدعوة بقية الأطراف الرئيسية في الوطن، لكن ربما تكون الافتتاحية التي كتبها الأخ الرئيس في صحيفة الثورة استدراكا لهذا الأمر".
وأضاف: "أما بالنسبة لما يجب مناقشته في أجندة الحوار الوطني هناك عدّة قضايا في الجانب الاقتصادي والإصلاحات الدستورية، وقضية المحافظات الجنوبية، وحرب صعدة، والتعديلات الدستورية والقانونية، كما أن خطر إرهاب القاعدة يجب أن يكون مطروحا على الأجندة الوطنية للحوار، خاصة وأن هذا الخطر فتح شهيّة كل الدول لاستباحة الأراضي اليمنية".
وتابع قائلا: "واستغرب هنا الترحيب اليمني بالدعوة البريطانية لعقد مؤتمر دولي لدعم اليمن، وأود أن أقول هنا: هذه دعوة تريد بريطانيا من خلالها البحث عن قدم لها في أرض اليمن".
صياغة عقد اجتماعي
من جانبه، قال رئيس الدائرة السياسية للحزب الوحدوي الناصري، عبده غالب العديني: "في البداية أنا أدعو إلى صياغة عقد اجتماعي جديد يؤسس لبناء الدولة اليمنية الحديثة، بناء وطن يستوعب الجميع دون استثناء، فنحن نريد دولة العدل والمساواة، ودولة التنمية والرخاء".
وأضاف: "فيما يخص أجندة الحوار الوطني فيجب طرح كل الملفات على طاولة الحوار، قضايا الجنوب، قضية صعدة، الوضع الاقتصادي، فالطريق السليم لمعالجة كل ما يمر به اليمن اليوم هو الحوار، ولا بد أن تمهد الأجواء قبل ذلك، كما يفترض أن يكون المجال واسعا لمناقشة كافة القضايا، باستثناء محذور الانفصال الذي يجب أن يكون هناك موقفا موحدا تجاهه وهو الرفض".
وشدد على وجوب "أن يكون لكل القوى الحق في التعبير عن رأيها طالما، وهو في إطارها السلمي، وكذلك كل المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني يجب أن يعطوا الحق في التعبير عمّا يشاءون".
وقال: "كما أن هناك قضايا رئيسية لا يجب إغفالها وهي قضايا البطالة والفساد، وكذلك التعليم الذي أصبح متدنيا جدا في اليمن، وأصبح بحاجة إلى إستراتيجية للارتقاء به".
مؤتمر يشمل جميع الأطراف
رئيس الدائرة السياسية في الحزب الاشتراكي اليمني الدكتور محمد صالح علي من جانبه: أكد على ضرورة أن يكون مؤتمر الحوار "مؤتمرا وطنيا" يشمل جميع الأطراف دون استثناء، وكذلك مؤتمرا يناقش كافة القضايا، ويجب ألاّ نضع سقفا للقضايا المفترض مناقشتها، وأيضا سقفا زمنيا لمناقشتها"، موضحا "أن طاولة الحوار هي من ستحدد ما القضايا الرئيسية الواجب مناقشتها والاتفاق حولها".
وأضاف: "من حيث المبدأ يجب أن يكون المؤتمر شاملا لكافة القضايا والأطراف، وعلى المعنيين في السلطة العمل أو الاقتناع أن الوطن لم يعد يقبل مزيدا من الاستهتار والمراوغة والاستهزاء بكافة القضايا، حيث يتضح أن السلطة لم يعد لديها جدية في حل قضايا الوطن".
وقال: "الحوار الوطني الذي دعا إليه الأخ الرئيس هو مضاد للحوار الوطني الذي سبق وأن دعت إليه المعارضة، وعملت فيه لأكثر من سنة، وشخّص المشترك من خلالها المشكلات وصاغ آليات وحلولا لها، لكن السلطة لم تبدِ أي تجاوب إزاءها"، لافتا إلى أن "السلطة لا تريد أن تسمع من أحد" -حسب قوله.
قضايا الحوار العامة..
تنقية الأجواء والأزمة الاقتصادية والفساد والتعليم
في قضايا الحوار العامة، كان المطلب الأساسي من مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية تحت قبة البرلمان هو تنقية الأجواء وإعادة الثقة بين الأطراف المتحاورة، وكذلك عدم إغفال الأزمة الاقتصادية والفساد، والتعليم.
في هذا الصدد يقول نقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق عبدالباري طاهر: "بداية يجب استعادة الثقة بين أطراف الحوار؛ لأنه -للأسف الشديد- الفترة الماضية حدث فيها قدر من المماحكة والتباين والاختلاف الذي أدى إلى انعدام الثقة بين الفرقاء في الحياة السياسية، فما حصل في السابق هو تخاطب بنديّة بين كافة الأطراف".
وأكد ضرورة "عدم وضع اشتراطات مسبقة والدخول إلى الحوار بنوايا صادقة وإدراك المخاطر المحدقة بالوطن الذي يتعرض لمتاعب جمّة؛ الأزمة الاقتصادية، التفلت الأمني، عدم احترام القانون، الفساد، التمرد في صعدة، الاحتجاجات في الجنوب، نشاط القاعدة في البلاد".
وقال طاهر: "يجب أن يسود الإحساس الصادق والكامل، وقبل العلاج يجب التشخيص وقبل ذلك –بالتأكيد- الإقرار بالمرض، فالمكابرة بالنسبة لحالة اليمن لا تؤدي إلى نتيجة، أوضاعنا غير طبيعية، تعليم بائس لا يساعد على إيجاد عمل بسهولة، سواء خريج الثانوية أو الجامعة، عافيتنا مختلّة، الأمراض المستوطنة، وأزمة المياه، انطفاء الكهرباء مأساة أخرى، الأمن والسلام والاستقرار".
وأضاف: "ولكي يستمر الناس في الحياة لا بُد من توفير مناخات طبيعية وملائمة لهم، ولا يجب التركيز على الجانب السياسي أو ما هو نصيب الشخص في الحياة السياسية، ويجب الاستثمار في المستقبل".
وأكد ضرورة أن يتم التحاور على تلك القضايا الخطيرة والمهمّة، وعدم التعنت في الرأي، وقال: "فكل من في رأسه شيء ويصرّ عليه لا يمكن أن يؤدي إلى نتيجة".
وقال في ختام حديثه: "عند ما يلتقي الناس من خلال التداول على طاولة الحوار لا بُد أن يقدموا تصورا حول قضايا معيّنة، ومن خلال التداول والنقاش فيها سيصلون إلى نتائج طيّبة"، مشيراً إلى "أنها ليست هي المرة الأولى التي تتأزم الأوضاع في اليمن".
اختلاف على مرجعيتين
من جانبه، يقول رئيس الهيئة العامة للكتاب الدكتور فارس السقاف: "هناك اختلاف على مرجعيتين؛ الأولى المتفق عليها وهي اتفاق فبراير، الذي أجلت بموجبه الانتخابات لمدة عامين وانطلاقها مرتبط بالإصلاحات الدستورية وإصلاح النظام الانتخابي، فعند ما حصل تأخير وتوالت الأحداث، طرح المشترك أن هناك إضافة سابقة لانعقاد الحوار وهو ما أسموه "تنقية الأجواء" وتسوية الملعب، وبذلك انتقلوا إلى مرجعية جديدة أسبق من اتفاق فبراير، ثم بعد ذلك لجنة الحوار الوطني تشكّلت في أثنائها، دعت إلى الحوار لمناقشة القضايا الراهنة والسابقة واللاحقة ودعت كل المعنيين وغير المعنيين إلى المشاركة فيه".
وأضاف: "هناك آلية أخرى أسست لمشروعية جديدة خارج المؤسسة الدستورية (رئاسة الدولة)، دعوة الرئيس إلى حوار وطني تحت قُبّة مجلس الشورى، وهي مؤسسة دستورية مشروعية، لكن أن تنشأ آلية أخرى ويدعو الحزب الحاكم للانخراط في هذا الحوار، بمعنى إنشاء مشروعية خارج هذه المؤسسات، في ظل هذه الأجواء جاءت دعوة الحوار، سيعودون إلى اتفاق فبراير، عند ما اجتمعوا اتفقوا على استبعاد أي قضايا جديدة بعد اتفاق فبراير والعودة إلى اتفاق فبراير، وأن تكون ذات طابع سرّي، وإيقاف التسريبات والحملات الإعلاميّة المتبادلة، وفي البداية يمكن النظر إلى هذه المبادئ. هناك جهود مبذولة من الدولة لإطلاق الحوار، القضايا مفتوحة لكن لا تُؤخر لطرح القضايا، والوقت يمر ولا يجب الخوض في الشكليات، فمن الحوار هل نريد تأسيس مشروعية جديدة؟ عليهم -الرئيس والحكومة والبرلمان والشورى- أن يقوموا بأدوارهم وصلاحياتهم بما يمليه الدستور، وإذا كانت لجنة الحوار معنيّة بحل كافة القضايا فهذا يعني تخلِّي عن صلاحيات وإلقائها على هذه اللجنة".
وأكد أن اليمنيين أمام استحقاق دستوري "نصل إلى إصلاحات دستورية ونعدّل النظام الانتخابي"، والرئيس عند ما دعا إلى الحوار هو من باب التنازل عن صلاحياته الدستورية وابتعاد عن المشكلات وإلقائها على عاتق لجنة الحوار، ربما بسبب ضغوط خارجية، والرئيس لا يتجاهل الآخرين، من باب الاستشارة وتداول الرأي معهم ينبغي التركيز على الإصلاحات الدستورية، وستحل كافة القضايا، نقل موازين قوى لمواقع أخرى، الآن لجنة الحوار تعتقد أنه لن يصبح لها دور، تريد أن تعيدهم إلى حضنها، هناك أناس لا يريدون أن ينجح الحوار، وأن يُهيأ الملعب، المؤتمر أعطى فرصة، وإذا لم ينخرطوا في الحوار اعتقد أنهم سيمضون في مهامهم الدستورية، لكن الأجواء مبشِّرة بنجاح الحوار. وكل الأطراف في تحدٍ كبير، وسوف يتضح من يريد الحوار وإنجاحه ومن لا يريده، وسيتضح إذا كان المشترك جزءا من الحل أم جزءا من المشكلة، وأعتقد أنهم سينتصرون لقضايا الوطن".
حوار لا يحده شروط
وفي السياق ذاته، أكد نائب رئيس جامعة صنعاء للشؤون الأكاديمية، الأستاذ الدكتور أحمد الكبسي، أن الدعوة للحوار هي ما يجب أن تكون، وأنه يجب للحوار ألاّ يحده حد دون شروط، إلا مصلحة الوطن، وأن توضع كل المواضيع والإشكاليات على الطاولة، وتبدي كل الجهات آراءها ومواقفها من الحوار.
قال: "التمرّد الحوثي والأسباب التي أدت إليه وكيف يمكن التعامل مع هذا الحدث الكبير والخطير الذي أثّر على استقرار البلد وسمعته وإمكانياته ومسار التنمية بمختلف جوانبها، وما أطلق عليه بالتمرّد في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية، والبحث عن أسبابها، والجهات التي تدخّلت، وكيف يمكن تعرية هذه الجهات، ومعرفة الأهداف المبطّنة من خلف هذه الإشكاليات، وما هو الدور الذي يجب أن تؤديه الدولة, خصوصا وأن وظيفتها تحقيق الأمن والاستقرار وإشباع رغبات واحتياجات المواطنين -أين أحسنت الدولة وأين أساءت- وماذا عن تأديتها لدورها والتعرّف على مكامن التقصير وأسباب ذلك (هل هم الأشخاص الذين قُلِّدوا تأدية المهام المختلفة في مختلف مؤسسات الدولة) بالإضافة إلى مراجعة أجندة الحكومة، ومدى كفاءتها وأداء وكفاءة المجالس المختلفة، وكذا أجهزة السلطة التنفيذية في مهامها المختلفة، كل ذلك وغيره مواضيع يجب أن تُطرح على طاولة الحوار الوطني".
ويرى الكبسي أن البعض قد يحاول تحريف الحوار الطبيعي، أو ما يجب أن يكون، ومحاولة إحياء الخلايا النائمة لبعض الجهات المعارضة, معتبرا في الوقت ذاته أن المعارضة مكفولة أصلا، ولكنها في أشياء، أما فيما يخص أمن واستقرار وسيادة البلد ووحدته واستقلاله والحفاظ على مكتسباته الوطنية وغيرها يجب ألاّ يكون فيها مكايدة ولا قيد سياسي ولا معارضة.
مطالبا السلطة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني وغيرها بضرورة الوعي بأنهم جميعا زائلون، ولن يبقى إلا اليمن، والتاريخ سيذكر من عمل من أجل تهيئة المستقبل الآمن والمستقر، ومن عمل من أجل تحقيق مصالحه الذاتية والأنانية والتخريب. منوها إلى الاستفادة من العبر في أفغانستان والصومال والعراق وغيرها, وزاد: "الفتنة والطائفية والمذهبية والسلالية والعنصرية نائمة لعن الله من أيقظها، فيجب علينا بحث كيفية تعزيز اللّحمة الوطنية بعيدا عن المناطقية وغيرها، خصوصا وأن الشعب اليمني مترابط ومتماسك ومتداخل، ولا يمكن تفكيكه، ومن يحاول إشعال المناطقية هنا أو هناك فهو يعمل على إشعالها في اليمن أجمع؛ لأنها ستشتعل في كل حارة؛ كون البنية الاجتماعية اليمنية مترابطة، ولا يمكن أن تفصل الشمال عن الجنوب أو الشرق عن الغرب ولا حتى فصل الأسر والعائلات والقبائل عن بعض، ولهذا فالبعض مصالحهم ومكتسباتهم في إثارة النعرات الطائفية والمناطقية، ويجب أن نتنبّه لها، وأن يتم التعامل معها بجرأة على طاولة الحوار".
داعيا "إلى التلاحم والاصطفاف الوطني وتلبية دعوة فخامة رئيس الجمهورية؛ كونه انتهج الحوار منذ مجيئه للسلطة ومسيرته مسيرة حوار منذ تبنّى الميثاق الوطني واكتشاف ثروات البلاد، مرورا بالحوار الذي قاد إلى الوحدة ومحاربة الانفصال والانفصاليين، وتعزيز الثوابت الوطنية والاصطفاف الوطني في الانتخابات المختلفة" -حد قوله، مؤكدا في ختام حديثه "إمكانية أن يكون الحوار هو الحل الأمثل للبلد إذا خلصت النوايا لله ثم للوطن، وأيقنا أننا مسؤولون وسيحاسبنا الله سبحانه وتعالى".
رموز الشراكة السياسية
من جهته، قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء رئيس هيئة مجلس عام تنسيق منظمات المجتمع المدني، الدكتور حمود العودي: "الحوار الوطني هو مبدأ ديمقراطي ورمز من رموز الشراكة السياسية بين الناس في إدارة شؤون حياتهم، واليمن جديرة بأن تمارس مثل هذا الدور، وأستطيع القول إنه فيما يتعلق بما يطرح الآن، وما يدور حول حوار جدّي بين كل أطراف الطيف السياسي هو قضية ربما أجبرت الظروف الجميع بالوصول إليها، وليس الاختيار الذاتي لها بقناعة؛ لأنه لو كان الاختيار المتعلق بالحوار هو الأساس لكان بالإمكان أن يتم في وقت مبكر، ونكون قد تجنّبنا الكثير من المشاكل والمخاطر التي تحيط ببلدنا في الوقت الراهن، لكن -للأسف الشديد- لم يتنبّه الجميع إلا بعد أن وقع الفأس في الرأس، كما يقال, وبالتالي أستطيع القول إنه "مُكرَه أخوك لا بطل", سواء كانت السلطة أو المعارضة، لكي يدخلوا في حوار جاد، ونتمنّى أن يكونوا جادين حتى هذه اللحظة؛ لأن هناك ما يزال من الهمز واللمز ما يشير إلى أن خطاب التكتكة والفبركة واللف والدوران لا تزال أصواته ترتفع بين لحظه وأخرى".
مؤسسات الدولة وإعادة ترتيبها
وفيما يجب أن يتم التحاور عليه أو يطرح على طاولة الحوار الوطني يرى العودي أنه لا ينبغي أن يكون "حوار طرشان"، وإنما حورا يُبنى على أسس واضحة ودقيقة وبسيطة في الوقت نفسه.
ويضيف: "منظمات المجتمع المدني أسهمت في هذا الأمر كطرف محايد ليس له مصلحة من أي طرف، وإنما هي شاهد حق يعكس الرأي العام، ومن خلال عمل استمر على مدى أربعة أشهر حتى الآن، أفرزنا وثيقة واضحة ومتكاملة الرؤية "للحوار الوطني" ولمواجهة التحديّات التي تواجه البلد، بما في هذه الوثيقة وما يمكن أن يكون موضعا للحوار هي مسألة "مؤسسات الدولة" وإعادة ترتيبها واختصاصاتها واحترام كل منها لاختصاص الآخر، ليس فقط من منطلق المؤسسات التقليدية (السلطة التشريعية والقضائية والسياسية)، وإنما أيضا في نطاق كل سُلطة على حدة, كمؤسسة الرئاسة ومؤسسة الحكومة والبرلمان والحُكم المحلي؛ لأن كل هذه المكونات هي القوام الرئيسي للأمن والاستقرار والديمقراطية والشراكة الحقيقية, فإذا ما حددت مهام وصلاحيات كل جهة وكل مؤسسة بشكل دقيق ومن واقع تعديل الدستور أو نصوص الدستور الحالية، فإننا سنضمن إخراج السلطة والثروة من دائرة المنافع والطموحات الشخصيّة والمناطقية والطائفية والحزبية الضيّقة إلى دائرة الوطن والحق العام الذي ينبغي أن يتنافس الناس عليه من خلاله".
حكومة برلمانية منتخبة
وضرب العودي مثالا بمؤسسة الرئاسة فقال: "في تقديرنا أن من أهم مهام هذه المؤسسة هو أن تمثل الرمز الأول للسيادة الوطنية وحقوق وسلطات السيادة الوطنية بدءا بالدفاع والأمن القومي وإعلان الحرب وإدارة ظروف الحرب وأحوال الطوارئ والسياسة الخارجية والتخطيط الاستراتيجي العام للبلد إلى غير ذلك مما لا ينبغي أن تضيع جهدها في تفاصيل الحياة اليومية للناس, وبالتالي هذه مهمّة يجب أن تكون واضحة ومبنيّة على انتخاب شعبي، كما هو منصوص لرئيس دولة ولفترات محددة".
وزاد: "أيضا حكومة برلمانية منتخبة يُنتخب فيها رئيس الوزراء من البرلمان وحكومته تُزكّى من البرلمان فرديا وجماعيا، وبالتالي تتولى إدارة شؤون البلد والدولة بكل تفاصيلها دون تدخل من أحد (سياسيا واقتصاديا واجتماعيا و..) وبروح الحداثة والتطوّر, ليس فقط كل صغيرة وكبيرة في البلد، وإنما ما يتعلق بشخصية ومركزية الدولة والوطن والتخطيط و..الخ, يضاف إلى ذلك رديف بالغ الأهميّة وهو الحكم المحلي كامل الصلاحيات، والذي ينبغي أن يُعطى له حقه ويمارس دوره في إطار الثوابت الوطنية العامة للوطن بدءا بوحدة الوطن ونهج ومسيرة الثورة وفكرها وإيديولوجيتها الوطنية والقوميّة والعربية والإسلامية والإنسانية بعيدا عن التعصّبات الطائفية والمناطقية والمذهبية, ثم التركيز على التنمية المحلية وإدارة الشأن المحلي ورعاية حقوق الناس".
ويضاف إلى ذلك "التفكير بدور اليمن الداخلي والخارجي, فاليمن رقم مهم جدا، ويجب أن يلعب دوره عربيا ودوليا وإقليميا؛ لأن اليوم لا ينبغي لأحد أن يفكر بعمل شيء بمعزل عن العالم، فعليه أن يفكر بدوره ولا يعزل نفسه عن الآخر".
مدى النجاح والفشل
وقال العودي "إن البرلمان هو المصفاة أو الفلتر الذي ينظم كل ما سبق ذكره، وتدور حوله كل المخرجات السياسية، بدءا من مؤسسة الرئاسة حتى الحكومة وتفاصيلها، وينبغي أن يمارس دوره كسلطة حقيقية، وليس مجرد أغلبية لهذا الطرف أو ذاك", ويؤكد العودي أنه "إذا ما دار الحوار حول هذا الأمر وبعيدا عن نزعات التقاسم والمقاسمة وتناسب المقاعد فستكون اليمن بخير, أما إذا كان حوارا للتقاسم والمصالح فلا يظن أنه سينجح، وعلى المجتمع والرأي العام أن يحدد موقفه في هذا الدور، وألاّ يغيب نفسه؛ لأنه في النهاية هو الذي سيدفع الثمن، إما خيرا أو شرا".
في قضايا الحوار الاقتصادي:
تفعيل جهاز الرقابة والمحاسبة وحماية المال العام والقضاء على البطالة وتحسين بيئة الاستثمار
في هذا الجانب شدد المستطلعة آراؤهم على ضرورة تفعيل جهاز الرقابة والمحاسبة ومعاقبة المفسدين، ومعالجة تدهور الخدمات العامة وحيادية المال العام والوظائف، وكذلك تحديد مهام وصلاحيات كل مؤسسة بشكل دقيق يضمن إخراج السلطة من دائرة المنافع إلى دائرة الوطن والحق العام، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار.
يقول وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع خطط التنمية، الدكتور مطهر العباسي: "إن كل الأوساط السياسية والاجتماعية والاقتصادية وعامة المواطنين أُثلجت صدروهم بدعوة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح للحوار بين الأطراف السياسية للخروج بإجماع وطني تحت سقف الوحدة والجمهورية والديمقراطية وبرؤية مشتركة يجمع عليها الكل، وبما يعزز مصلحة اليمن ويحقق الأمن والاستقرار والرخاء لكل مواطن يمني".
وأشار إلى أن فحوى دعوة الرئيس للحوار تنمّ عن نبل الهدف، وعن صدق النوايا، وعن حسن الظن بكل الفعاليات؛ لأن ترقى إلى المستوى التاريخي واللحظة التاريخية التي يمر بها المجتمع اليمني.
وأضاف: "إن الأحداث الآنية سواء كانت سياسية أو أمنية أو تحديات اقتصادية تجعل اليمن يمر بمرحلة تاريخية هامة وخطيرة، وأن الوضع لا يحتمل المماحكات والمهاترات التي تعكس المصالح الذاتية على حساب حاضر ومستقبل البلاد".
وقال الدكتور العباسي: "اليمن يواجه تحديات اقتصادية أكبر بكثير من التحديات السياسية، ويجب أن تكون الأجندة الاقتصادية في الحوار هي ذات المساحة الأكثر والهم الأكبر؛ لأن الخلافات السياسية دائما، وفي المجتمعات المتقدّمة والديمقراطية أصلها المنافع الاقتصادية للمجتمع، ولذلك لا بُد علينا أن ننظر بعين ثاقبة للتحدِّيات التي تواجهه مجتمعنا، ونتعامل مع الفرصة المتاحة للحوار بعقلية مستنيرة وبنّاءة حتى يتمكن الجميع أن يخطو الخطوة السليمة إلى الأمام في تعظيم مصالح البلد العليا".
ولفت إلى أن القضيّة الأولى التي تهم الجميع هي كيف يمكن إيجاد فرص عمل مواتية وملائمة لمئات الآلاف من الشباب، ومن هم في سن العمل، فحوالي 75 بالمائة، أي ثلاثة أرباع السكان هم في الفئة العُمرية 30 سنة فما دون، وهذه الفئة هي مربط الفرس في ازدهار المجتمعات أو في تراجعه وتخلّفه. فيما تتمثل القضيّة الثانية في كيف يمكن للجميع سواء في الحكومة أو المعارضة التكاتف من أجل إيجاد برامج عملية وملموسة للتخفيف من الفقر ولحماية ذوي الدخول المحدودة وتضييق بؤر الفقر والبطالة في البلد.
وأضاف: "إن القضية الثالثة تكمن في كيف يمكن أن نروّج لليمن ونسوّقه للعالم سواء في إطار دول الإقليم، وهي دول مجلس التعاون الخليجي التي تربطنا بهم علاقات إستراتيجية ومصالح كبيرة وأن يحرص الجميع (سلطة ومعارضة) على أن تكون سُمعة اليمن طيّبة حتى نجذب الاستثمارات الإقليمية والعالمية"، مشيرا إلى "أنه لا يمكن الحديث عن فرص عمل وعن تحسين مستوى الدخل وعن الحد من الفقر والبطالة إذا لم توجد استثمارات كافية ومتدفقة بصورة مستمرة، وأن تكون اليمن بيئة حاضنة وسليمة للاستثمارات".
وتابع العباسي: "السؤال الملح الآن هو: كيف يمكن لنا أن نهيِّئ بيئة الأعمال، وأن نعزز دور القطاع الخاص في أن يقوم بدوره، وتحقيق هذا الأمر يتطلب من الجميع العمل على القضاء على أي مصدر يسبب مشاكل أمنية وعدم استقرار تهدد مصالحنا جميعا في أي منطقة من مناطق البلد في الساحل، في الجبل، في الصحراء، وكيف يمكن لنا أن نكون كلنا عيونا ساهرة على هذه المصالح".
وأشار وكيل وزارة التخطيط إلى أنه "حان الوقت لأن نستوعب مشاكلنا، وأن نميِّز بين مصالحنا الاقتصادية والطموحات السياسية. المجتمعات الديمقراطية تتركز كل خلافاتها وكل نقاشاتها وحواراتها حول الأجندة الاقتصادية، وكل المجتمعات الآن تتنافس على تحسين مستوى دخل الفرد وعلى تحقيق أعلى معدل من الرفاهية للأفراد، وعلى توفير أفضل فرص التعليم، وأفضل أنظمة الصحة والرعاية الصحيّة والتأمين الصحي".
وأكد على أن موضوع توسيع فرص العمل للشباب وتأهيلهم وتدريبهم هو ألهم الذي يجب أن يطغى على الذهنية السياسية في البلد أيا كانت، سلطة أو معارضة، متمنيا أن تكون هذه القضايا الرئيسة هي القضايا المحورية في الحوار.
وقال: "اليمن يقع في منطقة إستراتيجية عالميا، وأن استغلال هذه الميزة يتطلب تكاتف كل الجهود، حتى نجعل هذا المكان يشار إليه بالبنان عند الحديث عن نمو اقتصادي، وعن فرص اقتصادية، وعن فرص واعدة للاستثمار، لا أن يشار إليه على أنه مصدر خوف وقلق".
ودعا كافة الأطراف "إلى تعزيز مكانة اليمن إقليميا بحكم أنها تقع على منطقة هامة يحدها غربا القرن الأفريقي وبوابة أفريقيا، وشمالا وشرقا منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية، التي تربطنا بهذه المحاور مصالح اقتصادية".
وأضاف "يجب أن نضع في حواراتنا كيف نبحث عن فرص عمل للعمالة اليمنية الماهرة في دول مجلس التعاون الخليجي، وفي هذا الجانب فإن للقيادة السياسية رؤية واضحة بالتنسيق مع أشقائه (زعماء دول مجلس التعاون الخليجي) في قضية اندماج اليمن في المجلس، وتمت الاستجابة لذلك باتخاذ قرار بأن يتم وضع برنامج تنفيذي لاندماج الاقتصاد اليمني في اقتصاديات دول المجلس بحلول عام 2015".
وطالب وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع خطط التنمية بأن تكون هذه الأجندة هي المهيمنة والتي تشغل الرأي العام (السياسي أو الشعبي أو الأهلي).
وقال: "يجب أن تشغلنا قضية هل مستوى التعليم في شبوة وفي مارب يصل إلى أكبر عدد من الفتيات والأبناء؟ وهل مستوى الصحة والمراكز الصحية يصل إلى المواطنين في تهامة وحجة وصعدة؟ وغير ذلك".
وأعرب عن اعتقاده ب"أنه آن الأوان لأن نعيد أبجدة التفكير بالعمل السياسي بما يتوافق مع منطق تعظيم المنافع الاقتصادية ومنطق العقل والرشد في التصرّف والسلوك".
وقال: "هذا هو الذي يجب أن يتم، وأعتقد بأنه إذا كان هذا هو ألهم المشترك فلن تكون هناك أي مشكلة تواجه أطراف الحوار، فالكل سيعقد العزم على أن مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، وأن المصالح الضيِّقة ستنحصر في زوايا ضيّقة، وفي حجرات مغلقة، قد لا تفيد من يحملها، ولا يمكن البوح أو الحديث عنها".
وأضاف "كل من يطرح مثل هذه القضايا هو الذي سيزداد رفعة ومكانة وثقة بنفسه، وسينظر إليه الآخرون باحترام وتقدير، أما من يريد أن يتقوقع في مناطق ضيّقة ومصالح ذاتية، وفي شخصنة للأشياء، هؤلاء قد يرون أنفسهم خارج السرب، وخارج هموم الناس والرأي العام والمواطنين جميعاً".
وقال الدكتور العباسي: "فخامة الأخ الرئيس عوّد الجميع أنه في المراحل والمواقف الحرجة التي يمر بها البلاد يمثل صمام أمان ويستوعب إحساس وتطلعات المواطن الذي يعيش إما في قمة الجبل أو في قعر الصحراء وفي بطن الوادي، وهموم اليمنيين معروفة وواضحة".
وأشار إلى أن كل يمني يحلم بالأمن والاستقرار والوئام وبيمنٍ مليء بالفرص على الرغم من التحديدات. لكن الآمال معقودة على كل اليمنيين الذين عاش أسلافهم عبر مراحل التاريخ المختلفة، واستطاعوا أن يصنعوا حضارة إنسانية راقية، وما يزالون يحملون هذا الأمل، وهذه النفس العالية من التفكير.
ولفت إلى أن دعوة رئيس الجمهورية مليئة بصفات تحتاج إلى أن يستوعبها ذوو الحكمة، وأن يتم ترجمتها إلى واقع عملي وملموس، مطالبا الجميع بأن يأخذوا هذه الدعوة بكل صدق وتجرد وموضوعية، وأن تكون هي المنطقة التي تُطرح فيها كل الأمور وكل القضايا والتحديات، وأيضا كل المعالجات والتطلّعات للمستقبل.
وقال: "قضية الحوار في هذه اللحظة التاريخية تصبح قضيّة جادة وجوهرية، فمعظم التقارير الدولية توحي بأن اليمن يواجه تحديات كبيرة وتهديدات لبناء الدولة ولتحقيق الأهداف التنموية المتفق عليها في الأسرة الدولية، وكثير من المؤشرات سواء في الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي أو الأمني أو السياسي تضع اليمن في مواقع لا يرضى بها أحد، وليس من السهل تحسين موقع اليمن في هذه المواقع، إلا إذا توافق كل أبنائه وبمسؤولية مشتركة وتضامنية في وضع اليمن في المكان اللائق به بين شعوب المعمورة".
وأشار إلى أنه لا يمكن تحسين وضع اليمن وسمعتها في العالم إذا لم تعمل كل الأطراف كل في موقعه، الحكومة في موقعها والمعارضة في موقعها والقطاع الخاص والمجتمع المدني والفعاليات الأهلية بكل مشاربها وتوجهاتها على أن اليمن يحمل عمقا حضاريا وتراثا واسعا استطاع أن يعيش في هذا المكان منذ الآلاف السنين.
وقال هناك لحظات تاريخية يجب على الجميع أن يعود فيها إلى الذات، وأن يعيشوا فترات مناجاة ذاتية تجعلهم يستهدون الطريق السليم والقويم لليمن.
مشاكل عدّة
في غضون، ذلك أشار أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، الدكتور طه الفسيل، إلى أن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اليمن والتأزم السياسي القائم منذ فترة طويلة بين أحزاب المعارضة والحزب الحاكم (أو السلطة الحاكمة) انعكست سلبا على الأوضاع الاقتصادية والاستثمار في اليمن، مضيفا أن الاستقرار السياسي من أهم العوامل الأساسية الجاذبة لعملية الاستثمار.
وقال: "نظرا لهذه الأزمة، وما تبثه صحف المعارضة والمستقلة من أخبار وأحداث تدخل في إطار المكايدات السياسية، أثرت سلبا على وضع اليمن، وشوّهت صورته في الخارج"، لافتا إلى "أن اليمن تواجه مشاكل عديدة اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية لا يمكن حلها إلا من خلال اجتماع كافة الأطراف تحت مظلة واحدة، وهي مظلة الحوار، للخروج برؤية واحدة في كيفية معالجة هذه المشاكل والأزمات على أن تتوفِّر للحوار الاقتصادي كافة الأُسس والمقوِّمات التي تضمن نجاحه".
وقال: "للأسف الشديد، في الفترة الماضي كان الحوار يتم في إطار من المكايدات السياسية وكل طرف يتمترس وراء مطالب خاصة، ويظن أن لديه الحقيقة الكاملة، فلا بُد أن يدخل الجميع الحوار وأمامهم ثلاثة أمور أساسية، الأول: أن يعرف الجميع أننا في سفينة واحدة إذا غرقت عرق الجميع، وإذا تم إنقاذها سيتم بالتالي إنقاذ الجميع".
وتابع: "الأمر الثاني: لا يمكن حل جميع المشاكل إلا من خلال رؤية سياسية موحّدة، صحيح أننا دولة ديمقراطية ناشئة، لكن في وضع مثل وضع اليمن الديمقراطية وفقا للمنظور الغربي قد تكون وبالا عليه. والأمر الثالث: يكمن في أن نحدد المواضيع ونناقشها بصورة موضوعية، هناك انجازات وهناك كثير من الإصلاحات تمت، وكثير من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لا بُد أن نعترف بها، ولا بُد أن يكون الحوار في إطار الثوابت الوطنية والمصلحة الوطنية".
وأعرب عن اعتقاده بأن القضية الأساسية التي نعاني منها والتي لا بُد أن تُطرح كقضية اقتصادية إلى جانب السياسية الأخرى، هي قضية التنمية، على الرغم من أنه إذا تم التوافق على القضايا السياسية سيتم التوافق على القضايا الاقتصادية.
وقال: "ما يحدث في اليمن هو نتيجة غياب التنمية الذي هو نتيجة تأزم سياسي بين الأطراف السياسية في البلد. التنمية هي من أسباب ما يحدث في صعدة، والذي يجري حاليا في بعض المناطق الجنوبية، وهي التي أخرجت الحراك السياسي السلمي من إطاره السلمي، فلو تمت التنمية في كافة أرجاء اليمن لحُلت المشكلة بأكملها".
واعتبر دعوة الرئيس للحوار الوطني صادقة وأمينة، داعيا إلى توفّر مجموعة من الأُسس والقواعد الأساسية عند كافة الأطراف، ومن أهمها: الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والابتعاد عن المصالح الشخصية والضيّقة والآنية والحزبية، والنظر إلى مصلحة الوطن بالصورة الأساسية من كافة الأطراف.
وقال: "يجب ألاّ ننظر إلى القضايا بالنظارة السوداء، ونعتبر أن الحكومة فاشلة، ولم تعمل أي شيء، وإن كل الناس فاسدون، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار النظرة الواقعية والصادقة والأزمات الحاصلة في اليمن لأن أي تدهور ينعكس سلبا على مصير المواطنين والدخول في حركة مفرغة من الصراع السياسي".
وأضاف "يكفينا ما حدث في كثير من الدول الأخرى، والصومال أمامنا كمثال، نحن لا نخوّف به، ولكن نحذِّر من الوقوع في صوملة اليمن".
انخفاض معيشة المواطنين
من جهته، يقول رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى، علي لطف الثور: "هناك عدّة مطالب ومشاكل في الجانب الاقتصادي والمالي ينبغي أن تُطرح للمناقشة في الحوار الوطني لوضع مُعالجات جادة لها، منها: عوائق الاستثمار الأمنية والقضائية والخدمية والإدارية وزيادة السكان وهجرة الريف إلى المُدن والجفاف المصاحب للهجرة لتدنّي النمو الزراعي وعدم الاستفادة من القروض والمنح والمساعدات الممنوحة لليمن بالشكل السريع وعدم اكتمال البنية الأساسية، وخاصة الكهرباء، وضعف الخدمات الأخرى, والهبوط التنازلي للموارد النفطية، استحواذ الجهد العسكري والأمني على أكبر نصيب من ميزانية الدولة ومواردها, وانخفاض الناتج المحلي صناعيا وزراعيا وبتروليا ومعدنيا, وضآلة معدل النمو الاقتصادي".
وأضاف: "كذلك انخفاض مستوى المعيشة للمواطنين، واتساع مساحة الفقراء، وانخفاض الدخل الفردي للفرد، وارتفاع الأسعار، وزيادة الادخار على الاستثمار لأصحاب الدخل، ندرة المصادر الميسّرة للتنمية ومصادر التمويل المناسبة، انحسار الدور المعرفي للمجالات التنموية والاستثمارية، وتوظيف الجهد الرسمي والشعبي للأحزاب السياسية، وبروز مظاهر إسراف وتبذير وفساد واهتمام بالمظاهر، وانعدام المحاسبة على العبث وإهدار موارد البلاد".
حرمان من أهم مصادر التنمية
ونوه الثور إلى ضرورة مناقشة التضخّم الوظيفي في الجهاز الحكومي، وما يتعلق بمظاهر المحسوبية في تولِّي المناصب العليا، التخلّف العلمي وعدم الاستفادة من التكنولوجيا والتقنيات الحديثة على طاولة الحوار الوطني، وما يتعلق أيضا بقلّة الإنفاق على متطلبات وحوافز التنمية الصناعية والزراعية، الصيد الجائر والمدمِّر للثروة السمكيّة على مدى الحاضر والقريب والمتوسط، وحرمان البلاد من أهم وأكبر مصادر التنمية الصناعية والزراعية والسياحية المتعلقة بإنشاء محطات الكهرباء العملاقة المعتمدة على الغاز المسال بعد أن تم بيع الجزء الأكبر منه بأقل الأسعار.
معاقبة الفاسدين
مشيرا إلى أن الأزمات المالية والاقتصادية العالمية والإقليمية وتأثيراتها على بلادنا, والأبواب الموصدة أمام القوى العاملة للعمل في دول الخليج، والاختلالات الأمنية والعسكرية المهددة للوحدة الوطنية والاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي، وقلة العائد المنشود من السياحة بفعل الاختلالات وعدم الاستقرار السياسي وقلّة الإمكانات المتاحة والترويج العلمي لها خارجيا, قلّة فعالية الرقابة النيابية والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومعاقبة الفاسدين، إشكاليات اقتصادية لا يظنّها "الثور" بأن تغيب عن جهد المتحاورين لمعالجة أسبابها إلى جانب الاستقرار السياسي كأهم محور للنقاش، واحترام خيارات الشعب في الوحدة والديمقراطية والتنمية ومواجهة التحدّيات بالاصطفاف الوطني الشامل في ظل الدستور، وقيم العدل والمساواة والنزاهة، وإيثار مصلحة الوطن العليا على المصالح الأنانية الشخصيّة والأسرية والمذهبية والمناطقية.
الفساد وعدالة توزيع الثروة
من جهته، يرى عضو مجلس الشورى، الدكتور محمد أفندي، أن تدهور مستوى الخدمات العامة الأساسية للدولة (الكهرباء والمياه والتعليم والصحة) ومدى حيادية المال العام والوظائف فيما يتعلق بالعملية الانتخابية وإستراتيجية التنمية الاقتصادية والفساد الاقتصادي والمالي وعدالة توزيع الثروة جميعها قضايا اقتصادية يفترض طرحها للمناقشة على طاولة الحوار.
ولم يستثنِ أفندي في الوقت نفسه بقية القضايا الاقتصادية، ويضيف إلى ما سبق: "قضايا البطالة ومدى نجاعة السياسات الاقتصادية في حلها، والجمع بين التجارة والسياسة أو السلطة والتجارة ودور القطاع الخاص والشراكة مع الحكومة إلى جانب مدى استفادة الفقراء من برامج وشبكة الأمان الاجتماعي، والتحدّيات التي تواجه اليمن فيما يتعلق بنضوب المياه وبدائل النفط في ظل مؤشرات تدهور إنتاجه وارتفاع الأسعار والجرعات السعرية للحكومة.
قنابل موقوتة في الشارع
نائب رئيس جامعة صنعاء للشؤون الأكاديمية، الدكتور أحمد الكبسي، شدد على ضرورة عدم إغفال مشكلة البطالة؛ كونها مشكلة المشاكل، التي يعاني منها عشرات الآلاف من خريجي الجامعات والمعاهد المختلفة، والتعرّف على كيفية التعامل معهم؛ كونهم قنابل موقوتة في الشارع, لافتا إلى أهميّة وضع حلول مناسبة لمشاكل الشباب والتفاوض مع دول الجوار؛ اعتبارا من أن أمن اليمن من أمنهم واستقرارنا من استقرارهم، ولذا يجب أن نتفاوض معهم بهدف فتح أسواقهم للأيدي العاملة الماهرة من الشباب اليمنيين.
منوها إلى ضرورة التعرّف على أسباب ظهور تنظيم القاعدة والإرهاب في بعض المحافظات اليمنية، وتطهير اليمن من هذه الظاهرة، لكي لا تكون ملاذا آمنا لهذه العناصر، مع أهميّة نشر الوعي الوطني والسياسي والقومي بأخطار الظاهرة، وكيف يمكن للمواطنين بأن يكونوا آمنا لليمن واستقرارها، وجزءا داعما للأجهزة الأمنية المختلفة.
* نقلاً عن السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.