مع صدور قرار رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة التواصل والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني والبدء بالإعداد لهذا المؤتمر, يتساءل الكثير من أبناء الوطن هل سينجح هذا المؤتمر ويخرج المتحاورون منه بنتائج وحلول فعالة لكل القضايا والمشاكل والمعوقات والتحديات التي تواجه الوطن وتهدد أمنه ووحدته واستقراره؟! أم أن مختلف أطراف العمل السياسي على الساحة المشاركة في هذا الحوار ستتجه إلى طاولة الحوار وكل طرف منها لديه أجندات خاصة به يسعى لفرضها على المتحاورين لإقرارها وليس لمناقشتها وتحليلها وتحديد مدى صلاحيتها ملاءمتها من زاوية المصلحة العليا للوطن؟! وهل سيكون مؤتمر الحوار الوطني نقطة البداية لرسم وتحديد معالم المستقبل المشرق لهذا الوطن ووضع أسس وقواعد بناء الدولة المدنية الحديثة دولة النظام وسيادة القانون والحرية والعدالة والمواطنة المتساوية؟! أم سيكون مجرد ساحة للتراشق اللفظي بين المتحاورين لتبادل الاتهامات وتصفية الحسابات وتوسيع دائرة الخلاف والتباين بين مختلف الأطراف السياسية بدلاً من محاولة تضييق هذه الدائرة لصالح نقاط التوافق والرؤيا المشتركة لما فيه تحقيق الخير والتقدم والنماء لهذا الوطن الحبيب؟ ومن هذا المنطلق ولكي ينجح مؤتمر الحوار الوطني بالخروج بنتائج إيجابية وفعالة لمصلحة الوطن وليس لمصالح الأطراف المشاركة في الحوار, أرى أن هناك العديد من المتطلبات أو المقومات اللازمة لنجاح هذا الحوار أبرزها من وجهة نظري: أن تحرص لجنة التواصل والإعداد لمؤتمر الحوار على دعوة جميع أطراف العمل السياسي على الساحة الوطنية للمشاركة في فعاليات هذا الحوار وعدم تجاهل أي طرف, مع ضرورة إشراك مختلف الأطراف والفئات والشخصيات المهمة لإثراء الحوار مثل: العلماء والشباب والأكاديميين المتخصصين في مختلف الجوانب السياسية والقانونية والاقتصادية والتشريعية.. أن يمتلك جميع المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني النية الصادقة والإرادة الحقيقية لخدمة الوطن وأبناء الوطن من منطلق حبهم وولائهم لهذا الوطن وحرصهم على تحقيق تقدمه وأمنه واستقراره. أن يضع المتحاورون مصلحة الوطن العليا فوق مصالحهم وأهدافهم الضيقة كقاعدة أساسية للحوار, بحيث يتفق الجميع على كل ما من شأنه تحقيق مصلحة الوطن العليا وأبنائه مهما تعارض ذلك مع المصالح والأهداف السياسية أو الحزبية أو الخاصة لأي من أطراف الحوار. أن يسمو جميع المتحاورين فوق الخلافات والصغائر, وينبذوا الماضي بكل مساوئه ويفتحوا صفحة جديدة في تاريخ اليمن وتاريخهم السياسي, عنوانها اليمن بلد الجميع ويتسع للجميع. والكل مسئول أمام الله والتاريخ عن هذا الوطن من منطلق مركزه ودوره وتأثيره في الحياة السياسية على الساحة اليمنية, والكل لابد أن يسهم في تنمية الوطن وتعزيز وحدته وأمنه واستقراره. تنظيم وإدارة فعاليات الحوار وموضوعاته وفقاً لأولويات القضايا المهمة على الساحة اليمنية التي تتطلب معالجة سريعة والخروج برؤيا مشتركة إزاءها مثل: القضية الجنوبية, القضية الحوثية, وتنظيم القاعدة, وقضايا الشباب والدستور والنظام السياسي والوضع الاقتصادي وغيرها من القضايا الوطنية المهمة. وختاماً أشير إلى أننا جميعاً قد نختلف في الرؤى والاتجاهات، وتتعدد وتتنوع الأفكار السياسية والانتماءات الحزبية، لكن كل ذلك الاختلاف يجب أن يكون من أجل الوطن ولصالح تقدمه وازدهاره وأمنه واستقراره, فالوطن هو الثابت الوحيد وما عداه يعد متحولاً.. لا المصالح يمكن أن تكون مشروعة إذا تعارضت مع مصلحته العليا ولا القضايا والمطالب تكون عادلة إذا عرّضت أمنه واستقراره ووحدته للخطر. فالوطن هو القاسم المشترك بيننا جميعاً نحن أبناءه سواءً كنا متحزبين أو غير منتمين سياسياً مدنيين أو قبليين مثقفين أو غير متعلمين وإذا ما اعتبره الجميع خصوصاً الفرقاء السياسيين بأنه الرقم الصعب غير القابل للقسمة وآمنوا بهذه الحقيقة فإن كل المشاكل والمعضلات ستجد الحلول الملائمة والمرضية للجميع. وسيخرج الجميع من مؤتمر الحوار برؤى مشتركة وأفكار واضحة وأهداف واستراتيجيات فعالة من شأنها دفع عجلة التقدم والنمو بهذا الوطن نحو الأمام والحفاظ على وحدته الغالية وأمنه واستقراره.. والله من وراء القصد. * أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز