تبدأ خلال الايام القادمة جلسات مؤتمر الحوار الوطني , ورغم انى لست سياسيا بل اكاديمي مستقل لا انتمى لأى من الاحزاب والأطراف السياسية المشاركة في هذا المؤتمر, ولا احب كثيرا الخوض في السياسة ، لكن عندما أرى وطني قد يتجه إلى ما لا تحمد عقباه ، حينئذ يكون لوطني وأبنائه حق عليّ ، وأكون عندها السياسي والاقتصادي والكاتب والطبيب والعامل ، فعند كلمة الوطن ، تذوب الفوارق وتضمحل الأسماء ولا يبقى إلا اسم واحد ( اليمن ). ومن هذا المنطلق اوجه من خلال هذه المقالة رسالتى او نصيحتى لكل المشاركين فى هذا المؤتمر من شخصيات وأحزاب وتنظيمات وتكتلات ومنظمات سياسية واجتماعية وعلماء ومفكرين وشباب ونساء ، وأقول لهم بدايةً : مع بالغ احترامى وتقديري لكم جميعا ، أذكر نفسي وأذكركم وانتم تتجهون اليوم الى طاولة الحوار : بأن تتقوا الله في هذا الوطن وأبنائه الطيبين. المغلوبين على امرهم والذين لا تتعدى طموحاتهم وأمنياتهم تحسين اوضاعهم المعيشية والأمنية والتعليمية والحياتية ، وهي أمور يرددها الشاب والكهل ويعلمها القاصي والداني. أيها المتحاورون من اجل اليمن : لا تنسوا أنكم جميعا يمنيين ، على هذه الأرض ولدتم وترعرعتم , وأسأل الله العلي القدير أنكم ومن خلال ما شاهدتم وعايشتم من فتن وأزمات ومشاكل مر بها الوطن خلال الفترة السابقة فطنتم واعتبرتم ، وبعد فترة زمنية قد تطول او تقصر, سترحلون وبين يدي مالك الملك والحاكم العدل ستعرضون , وعن هذا الوطن وأبنائه ستسألون ، فاتقوا الله فيه وفي ابنائه . واستحضروا عظمة ما أنتم مقبلون عليه ، فأنتم على وشك أن ترسموا سياسة ومستقبل وطن ، وطن يعيش فيه أكثر من خمسة وعشرين مليون نسمة ، سياسة لا تحتمل أدنى درجات التخبط والعشوائية والارتجالية ، فالوطن ليس مؤسسة حكومية او شخصية او حزبية , وليس ملكاً لفرد او جماعة بعينها .انه وطن الجميع ومختلف المشاكل والقضايا والهموم المطروحة على طاولة الحوار تهم الجميع و تؤثر على حاضر ومستقبل هذا الوطن , وهو ما يستدعي تناولها ومناقشتها بحكمة وروية من أناس يخشون الله في هذا الوطن وفي ابنائه. ويغلبون مصلحته العليا على مصالحهم الشخصية او الحزبية او السياسية الضيقة , ويمارسون خلال الفترة القادمة ثقافة الحوار وليس المفاوضات ، فالحوار يكون بين المواطنين المخلصين المحبين لوطنهم ، من يخشون الله فيه وفي ابنائه ، اما المفاوضات فتكون بين الأعداء ونسأل الله ألا يكون بينكم ولا بيننا من هو خصم وعدو لهذا الوطن . أيها المتحاورون من اجل اليمن : تذكروا جيدا وانتم على طاولة الحوار أن قلوب وعقول الملايين من أبناء هذا الوطن معكم ويتطلعون شوقا إلى ما سوف تخرجون به من نتائج و أفكار ورؤى واستراتيجيات تنتقل بهم وبوطنهم نحو مستقبل مشرق تتحقق فيه آمالهم وأحلامهم في العيش الرغيد والحياة الكريمة والأمن والاستقرار والنهوض في شتى المجالات . فكونوا عند مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقكم , وعليكم جميعا السمو فوق الخلافات والصغائر , ونبذ الماضي بكل مساوئه وفتح صفحة جديدة في تاريخ اليمن وتاريخكم السياسي , عنوانها اليمن بلد الجميع ويتسع للجميع . فالكل مسئول أمام الله والتاريخ عن هذا الوطن من منطلق مركزه ودوره وتأثيره في الحياة السياسية على الساحة اليمنية , والكل لابد ان يسهم في تنمية الوطن وتعزيز و وحدته وأمنه واستقراره. وأقول لكم في ختام رسالتي مرة اخرى اتقوا الله في هذا الوطن وجسدوا الحكمة اليمانية التي عرفكم العالم بها قديما وحديثا في تحاوركم ومعالجاتكم وتناولكم لمختلف القضايا التى تهم الوطن وتعاملكم معها . وتأكدوا إننا جميعا نبحر على ظهر سفينة واحدة هي سفينة الوطن ومسؤوليتنا أمام الله والتاريخ والأجيال القادمة أن نوصلها إلى بر الأمان ، لأنه إذا ما عصفت بها أعاصير التحديات والأخطار التي نجابهها اليوم فستغرق في بحر الفرقة والتمزق والصراعات والفوضى التي ليس لها قرار . فاحرصوا على أن تصلوا بسفينة الوطن إلى بر الأمان وشاطئ النهوض والتقدم والاستقرار , والله يوفقكم لما فيه خير اليمن وتقدمها واستقرارها ويسدد على هذا الطريق خطاكم انه ولى ذلك والقادر عليه .