تكتمل خلال الايام القادمة الجلسات النهائية لمؤتمر الحوار الوطنى , وكل ابناء الوطن يأملون ان يتوصل اعضاء لجنة التوفيق وأطراف الحوار الى نتائج ومخرجات نهائية تحقق مصلحة ابناء الوطن كافة , وليس فئة او فئات بعينها , وفى هذه اللحظات الحرجة فى تأريخ اليمن .يجب ان يكون اعضاء لجنة التوفيق وأطراف الحوار على قدر المسئولية الوطنية الملقاة على عاتقهم فى مناقشاتهم الختامية و قراراتهم النهائية التي سترسم مستقبل هذا الوطن . ويضعوا نصب اعينهم انهم يمثلون كل ابناء الوطن , وان مصلحة الوطن اهم واغلى من اى مصالح شخصية او حزبية او خاصة ضيقة . فالوطن أكبر من الأحزاب والتيارات السياسية والمصالح الخاصة , والحفاظ على مصالحه أولوية رئيسية لا ترقى إليها أية أولوية أخرى ، كما أن عليهم ان يعلموا علم اليقين ، أن هذا الوطن هو ملك كل أبنائه وأنه ليس كعكة نتقاسمها ولا بنكنوتاً مالياً نتوزعه في ما بيننا، ولا بقرة نحلبها ، ولا رقعة جغرافية يستبيحها الغوغائيون والمخربون والقتلة وقطاع الطرق ومروجو ثقافة الحقد والكراهية ، بل هو وطن نستمد منه عزتنا وكرامتنا ومنعتنا وهويتنا ووجودنا ، وإن هذا الوطن تحميه إرادة وعزيمة اكثر من خمسة وعشرين مليون مواطن وصفهم نبي البشرية بالحكمة والإيمان ، وأعزهم الله بنصرة الحق والدين . ولا يمكن أن يسمحوا بأي حال من الأحوال لأي كان بالتلاعب بإرادته وابتزازه وتعريضه للأخطار وإشاعة الفوضى فيه ، واستباحة أمنه واستقراره وسلمه الاجتماعي . وينبغي ان يكون شعار الجميع فى هذه اللحظات الحرجة (اليمن أولاُ ) وعلى كل اطراف الحوار من شخصيات وأحزاب سياسية ان يدركوا جيدا انه لا مشروعية لأى طرف او حزب لا يرفع هذا الشعار ويؤمن به , ومن لا يعنيهم أن يكون اليمن أولاً هم ولاشك لا يعنون اليمن، ومن لا يوائمون توجهاتهم وفقاً لشعار اليمن أولاً ، لا يستحقون أن يحملوا هويته ، ومن الأجدى لهم أن يبحثوا عن هوية أخرى ، وحينها يصير أمرهم لا يعنينا. وطالما ظلوا يزعمون أنهم أبناء هذه الأرض ويحملون هويتها وينعمون بخيراتها ويستنشقون هواءها فلا مناص لهم من الامتثال لشعار اليمن أولاً. والغريب ألاّ يرفع هؤلاء هذا الشعار، وهم الذين يدركون تماما أنهم وفي اللحظة التي يتخلون عن اليمن أولا ، يفقدون هويتهم الوطنية ورابطة الانتماء وديمومة وجودهم والكينونة التي يكنون بها. ولهذا فإن شعار اليمن أولاَ سيبقى شعار كل وطني غيور وكل إنسان شريف على هذه الأرض، ولا عزاء للمتذبذبين واللاهثين وراء المشاريع الصغيرة والمصالح الضيقة، الذين تلاشت في قلوبهم معايير الحب والانتماء لهذا الوطن ، وهم وأمثالهم لن يفلحوا أبداً ، وستظل خيبتهم تلاحقهم ما عاشوا ، إذ لا كرامة لإنسان إلاّ بكرامة وطنه. فحب الوطن بمعانيه ومضامينه العظيمة.. بدلالاته النبيلة وأبعاده العميقة هو ليس اقوالاً وثرثرة سياسية وشعارات ترفع في الفراغ لتحقيق اهداف وغايات هي أبعد ما تكون عن السلوك والممارسة العملية الحقة المجسدة لهذا الحب في العقل والقلب.. في الوعي والوجدان , بل ان هذا الحب ينشأ مع الإنسان من الصغر ويكبر معه قيماً واخلاقاً متحولاً من الاقوال الى الأعمال متجلياً في جهود وعطاءات حقيقية صادقة لخير اليمن ونمائه وبنائه وتطوره سياسياً واقتصادياً وثقافياً موحداً وديمقراطياً مستقراً وناهضاً يمضي صوب غد أكثر تقدماً ورقياً ينعم كل ابنائه برفاهية . وختاماً اوجه كلامى الى اعضاء لجنة التوفيق وأطراف الحوار وأقول لهم : لا تنسوا أنكم جميعا يمنيين ، على هذه الأرض ولدتم وترعرعتم , وأسأل الله العلي القدير أنكم ومن خلال ما شاهدتم وعايشتم من فتن وأزمات ومشاكل مر بها الوطن خلال الفترة السابقة فطنتم واعتبرتم ، وبعد فترة زمنية قد تطول او تقصر, سترحلون وبين يدي مالك الملك والحاكم العدل ستعرضون , وعن هذا الوطن وأبنائه ستسألون ، فاتقوا الله فيه وفي ابنائه . وتذكروا جيدا فى هذه اللحظات الحرجة أن قلوب وعقول الملايين من أبناء هذا الوطن معكم ويتطلعون شوقا إلى ما سوف تخرجون به من نتائج و وقرارات واستراتيجيات تنتقل بهم وبوطنهم نحو مستقبل مشرق تتحقق فيه آمالهم وأحلامهم في العيش الرغيد والحياة الكريمة والأمن والاستقرار والنهوض في شتى المجالات . فكونوا عند مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقكم , وعليكم جميعاً السمو فوق الخلافات والصغائر , ونبذ الماضي بكل مساوئه وفتح صفحة جديدة في تاريخ اليمن وتاريخكم السياسي , عنوانها اليمن بلد الجميع ويتسع للجميع . فالكل مسئول أمام الله والتاريخ عن هذا الوطن من منطلق مركزه ودوره وتأثيره في الحياة السياسية على الساحة اليمنية , والكل لابد ان يسهم في تنمية الوطن وتعزيز وحدته وأمنه واستقراره. وتأكدوا أننا جميعاً نبحر على ظهر سفينة واحدة هي سفينة الوطن ومسؤوليتنا أمام الله والتاريخ والأجيال القادمة أن نوصلها إلى بر الأمان ، لأنه إذا ما عصفت بها أعاصير التحديات والأخطار التي نجابهها اليوم فستغرق في بحر الفرقة والتمزق والصراعات والفوضى التي ليس لها قرار . فاحرصوا على أن تصلوا بسفينة الوطن إلى بر الأمان وشاطئ النهوض والتقدم والاستقرار , والله يوفقكم لما فيه خير اليمن وتقدمها واستقرارها ويسدد على هذا الطريق خطاكم إنه ولي ذلك والقادر عليه. رابط المقال على الفيس بوك