تتجسد حاجتنا إليه بتجسد ارتباطه بالحياة كضرورة وجودية اقتضاها منهج رباني. فلو وقفنا على الآية (30) من سورة البقرة لوقفنا على معاني الحوار قبل أن نستخلف الأرض. عماد زيد «وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون» إذا لا شك أن الحوار يمثل منظومة متكاملة لها علاقتها الأزلية بديناميكية الحياة بمختلف مفرادتها. لذلك ينبغي التعامل معه كمفهوم يتجاوز أحرف الحاجة إليه. فمفهومه لايعني ضرورة الاقتراب منه كلما ابتعدت مسافة الوصول بيننا، إنما الوقوف من خلاله على معاني الإنسانية وما تحمله من دلالات تعايش. فالوصول أو النظر إلى الحقيقة لاينحسر على نافذة واحدة أو مسلك واحد، فالاختلاف تنوّع والتنوع ليس بالضرورة اختلافاً. فالحياة مليئة بالتضادات، وهذه التضادات أو بالأصح التقابلات تمثل للحياه اكتمال ماهيتها. فالليل والنهار لاعلاقة للتباين بألوان كل منهما إنما من خلال أحدهما نفقه الآخر. ومن خلال جميعها نقف على الكثير من الأسرار كعلاقة الصورة بالظل ومايمثله الضوء من دلاله معرفية لايتسيّد بذاته الدلالية في غيابهما. لذلك لايزايلنا اليقين بأن غياب أي من الليل أو النهار يمثل اختلالاً مؤكداً يستهدف أبجدية البقاء. فمن خلال تعاقب الليل والنهار كان الوقت.. اللفظة الجزئية للزمان الذي تتناسله عقارب الأمكنة. فالتعاقب دليل حركة.. وغياب التعاقب يقضي حضور أحدهما على حساب الآخر وذاك الحضور إن تم بديمومته يحمل معاني العذاب. قال تعالى «قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون، قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون، ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون». من خلال السابق نستشف بأن التنوع رحمة، والرحمة صفه تلازم النقص فبغياب النقص يكون الكمال.. والكمال متعلق بذات الخالق عز وجل وكوننا مخلوقين فما من شك بضرورة احتياجنا للتراحم، لذا كيما نواري عيوبنا يتوجب علينا غض الطرف عن مساوئ المخلوقين وتجاوزها.. ليس بألسنة العد.. بل بمعاني الحوار. لكل قلبي الوطن. !!