من بوابة الملف الأمني.. إخوان اليمن يحاولون إعادة الصراع إلى شبوة    النعي المهيب..    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    متهم بجريمة قتل يسلم نفسه للأجهزة الأمنية جنوبي اليمن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    رسالة تهديد حوثية صريحة للسعودية .. وتلويح بفشل المفاوضات    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    توحيد إدارة البنك المركزي في صنعاء وعدن.. خبير مصرفي يكشف عن حل مناسب لإنهاء الأزمة النقدية في اليمن    الذكرى 51 لجريمة قتل الدبلوماسيين الجنوبيين بتفجير طائرتهم في حضرموت    زيود الهضبة يعملون على التوطين في مأرب وسط ويحابون كوادرها المحلية    برفقة حفيد أسطورة الملاكمة "محمد علي كلاي".. "لورين ماك" يعتنق الإسلام ويؤدي مناسك العمرة ويطلق دوري الرابطة في السعودية    وزير الدفاع يؤكد رفع مستوى التنسيق والتعاون بين مختلف الوحدات والتشكيلات العسكرية لهزيمة الحوثيين    جماعة الحوثي تفاجأ سكان صنعاء بهذا القرار الغير مسبوق والصادم !    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    حزامٌ ذهبيٌّ يُثيرُ جنونَ لصٍّ: شرطةُ سيئون تُلقي القبضَ عليهِ بتهمةِ السرقةِ!    نجل الزنداني يوجه رسالة شكر لهؤلاء عقب أيام من وفاة والده    روما يسعى لتمديد إعارة لوكاكو    الحوثيون يتلقون ضربة موجعة بعد رسالة قوية من الحكومة اليمنية والقضاء    السفير السعودي يبحث مع بعثة الاتحاد الأوروبي "خارطة الطريق" ومستجدات الأزمة اليمنية    "لا تلبي تطلعات الشعب الجنوبي"...قيادي بالانتقالي يعلق على رفض مخرجات لقاء الأحزاب    شاهد...عمار العزكي يُبهر جمهوره بأغنية "العدني المليح"    انقلاب مفاجئ.. الانتقالي يوجه ضربة قوية للشرعية ويهدد بالحرب بعد يوم تاريخي في عدن.. ماذا يحدث؟    أول تحرك يقوم به أبو زرعة في عدن بعد وصول العليمي مأرب    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    دوري ابطال اوروبا: الريال يتجاوز جحيم الاليانز ارينا ويفرض التعادل امام البايرن    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    بيان الرياض يدعو الى اتخاذ خطوات ملموسة لحل الدولتين وإيقاف فوري لإطلاق النار في غزة    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاريع ربط القارات جسر جيبوتي اليمن لربط أفريقيا بآسيا (1-2)
نشر في الجمهورية يوم 21 - 01 - 2010


مشروع القرن الواحد والعشرين
المشاريع العملاقة تحتاج أفكاراً كبيرة، والأفكار الكبيرة تحتاج الرجال الجريئين بنظرات اختراقية، وحاليا يجري التفكير في بناء جسر عملاق بطول 29 كم، بين جيبوتي واليمن، يقوم على تسعة أعمدة هائلة مغروسة بعمق 300 متر في قاع البحر، وتشهق في السماء بارتفاع 400 متر، ويمتد هذا المشروع حتى عام 2025م، حيث سيربط القارتين آسيا بأفريقيا، وستبنى مدن عصرية على الجانبين، تتسع في اليمن لوحدها إلى 4.5 مليون نسمة. وسيكون كلفة هذا الجسر وتوابعه من البنى التحتية والمصانع والمرافئ والمطارات ومئات الآلاف من المنازل وتأمين وظائف العمل ل 60ألفا كوجبة أولى، ولاحقا ل 850 ألفا من عامل ومهندس وتاجر ومقاول، ما يحيل المنطقة إلى جنات تحيى ذكرى جنة عدن، وبكلفة مبدئية تبدأ ب 25 مليار دولار لتصعد إلى 175 مليار دولار، وسيفتح الطريق للمساهمين من كل العالم، وأحد المخططين لهذا المشروع الماموت هو المهندس طارق بن لادن، الذي يشارك ب 10 مليارات دولار، في محاولة دخول التاريخ بطريقة سلمية، بعد أن جر أخوه العالم إلى حرب مدمرة أهلكت الحرث والنسل.....
القاموس والكلمات
أرسل لي الأخ صالح السوداني بعد أن قرأ مقالتي التي كتبتها في جريدة الاقتصادية السعودية عن أمريكا أن وجهة نظره متطابقة مع وجهة نظري وأنه يمد لي يداً بيضاء للتعارف.. ولأن الكثير من بنى اللاوعي الضارة تتحكم في تفكيرنا فقد أرسلها وهو السوداني غامق اللون يصافح بيد بيضاء، وهو يشي بتزوير القواميس وعلم الألسنيات بمفاهيم الرجل الأبيض العنصرية، فهو من كتب التاريخ وخط القواميس ورسم مفاصل علم الألسنيات..
وهكذا أصبح القلب الأسود رمز الحقد، والعلم الأبيض علامة السلام، والثوب الأبيض رمز الطهارة والنقاوة، بل وحتى أعظم بيت سياسي بني في أمريكا سمي البيت الأبيض..
وهكذا فحتى السوداني من أفريقيا تورط واستخدم لغة الأبيض السامة من حيث لا يشعر..
وهو يذكرني بمذكرات الأسود مالكوكم اكس حين دخل السجن شقياً وخرجاً فيلسوفاً وفي السجن عكف على دراسة كل شيء ليكتشف صدمته في كتاب القاموس اللغوي أنه رسم الحضارة والرقي والروعة والتقدم والنبل الأخلاقي بلون أبيض والقذارة والحقد وكل لون من الانحطاط بلون أسود، فكتب الرجل الأبيض التاريخ واللغة على أساس عنصري..
ونحن في تعاملنا اليومي نقول لبعض لا تجعل قلبك أسود، والقلب لونه أحمر بالدم والعضلات وليس أسود ولا أبيض.
بل إن علم الفيزياء نقل لنا أن اللون الأبيض لا وجود له بل هو خليط متطفل فإذا أضفت الأحمر إلى الأزرق اخضر وإذا مزجت الأخضر بالأزرق اصفر فإذا امتزجت جميعا أصبحت بدون لون فكانت اللون الأبيض. أما الأسود فهو معكوس الألوان أي اللون الذي يمتص كل الألوان. ومنه ينصح بعدم لبس الأسود تحت الشمس بل الأبيض لأن الأبيض يعكس والأسود يمتص كل الشعاع فتبارك الله رب العالمين..
وميكانيكا الكم خرجت على العالم بقوانين جديدة حورت الفيزياء إلى عالم جديد من خلال ظاهرة الصندوق الأسود ويعتبر ملك الألوان هو الأسود في علم الأناقة..
وأما علم الانثروبولوجيا فقد أماط اللثام عن خروج الإنسان الأول من شرق أفريقيا من حيث لمع نجم أوباما الرئيس الأمريكي الجديد ....
واليوم بعد دخول أوباما البيض الأبيض بقدم سوداء تكمل الحضارة دورتها، وترجع إلى أفريقيا من حيث خرجت، فالأبحاث الأنثروبولوجية كلها تشير إلى خروج إنسان هومو سابينز من شرق أفريقيا من كينيا والحبشة تحديدا قبل 200 ألف سنة فتبارك الله أحسن الخالقين..
لقد شحن الرجل الأبيض على مدى قرنين أكثر من 200 مليون نسمة من أفريقيا مات منهم أكثرهم ولم يبق إلا أقلهم وأقواهم وهم من زرعوا الأرض في أمريكا وحصدوا القطن حملوا البلد على أكتافهم، والآن جاء دور العبيد ليأخذوا مكان الأسياد، كما يقول فوكوياما في كتابه نهاية التاريخ، أن التاريخ والمستقبل لمن يعمل..
ولقد صور فيلم سفينة الاستاد مأساة حمل العبيد واسترقاقهم وكيف حررهم القضاء الأمريكي وأعادهم إلى الجذور، والآن وعند هذه الزاوية بالذات سيقوم مشروع القرن الحادي والعشرين، فيسير الإنسان من حيث سار أجداده ليس على رجليه وبأدوات بدائية بل بشروع الماموت من بناء جسر بين جيبوتي واليمن بطول 29 كم فيه طريق عريض بست مرات للسيارات والناقلات وأنبوب نفط وسكة حديد جنبا إلى جنب وبذلك يعود التاريخ فيقفل دورته من حيث بدأ «وكما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين»..
قصة انتشار الإنسان أنثروبولوجياً:
ليس نوعنا الوحيد الذي انبثق للحياة، وليس نوعنا من ساد وانتشر في البسيطة قبل ملايين السنين، بل أنواع شتى زادت عن درزن، وكلها انقرضت، وآخر نوع انقرض هو إنسان نياندرتال، انقرض قبل 35 ألف سنة، ونوعنا العاقل ما يسميه الأنثروبولوجيون الهومو سابينز بدأ رحلته من شرق أفريقيا قبل 200 ألف سنة، ومشى في رحلته شرقا إلى اليمن حيث مشروع ربط القارات الحالي قيد الدراسة بين جيبوتي واليمن، وعثر على آثاره في الشرق الأوسط قبل ثلاثين ألف عام، وبقي هذا الإنسان العاقل الطموح يعبر القارات على أقدامه بدون مشاريع طموحة إلا رغبته في الاكتشاف وبحثه عن الغذاء، حتى وصل أمريكا الجنوبية وبلاد النار قبل 12 ألف سنة..
وهكذا فمشروع دمج ووصل القارات هو نفس مشاريع الإنسان القديم بفارق التكنولوجيا..
دمج العالم بثلاث طرق:
تم وصل العالم بثلاث طرق؛ الوصول إلى الشواطئ عن طريق السفن عابرة المحيطات، ثم اكتشاف عنق المضائق، وأخيرا الطيران والانترنت..
ولكن مشاريع ربط القارات أخذ أبعاداً جديدة، فهناك من فكر في ربط أوربا بأفريقيا عن طريق ممر جبل طارق، ولكن عثر على أرضية غير مستوية في قاع البحر فبرز تحد جديد يجمع بين العمق واختلاف التضاريس في قاع البحر فضلا عن الجو المتقلب وغدر البحر في ذلك المكان. كما برزت أفكار في ربط أمريكا بآسيا عن طريق ممر بهرنج وهو مشروع درس بجدية يعتمد أيضا على بناء جسر خاص في هذه المدرعة الجليدية هناك، وطبعا فلكل مشروع مخاطره ومشروع جيبوتي - اليمن الذي سيربط أفريقيا بآسيا يقع في مكان مضطرب سياسيا من هجمات قراصنة البحر والحرب الأهلية في الصومال وعدم استتباب الأمن هناك.. ولكن كانت دوما المشاريع الكبرى محفوفة بالمخاطر مثل كل الأحلام الكبرى..
مشروع جسر جيبوتي اليمن للربط بين أفريقيا وآسيا:
يفكر مهندسو المشروع ببناء جسر بطول 29 كم يحوي ستة ممرات للناقلات بالإضافة إلى خط أنابيب بترولي وخط سكة حديد. ولعمق البحر والوصول للقاع فيجب غرس دعامات قوية تغرس في عمق 300 متر، بحيث تعتمد كل أسطوانة عملاقة من هذا النوع بفارق 3 كم عن رفيقتها، وهو ما سيكون في مجموعه تسع أسطوانات هائلة يعتمد جذع الجسر عليها..
لقد تم الاتفاق مع كل من حكومتي جيبوتي واليمن على تخصيص الأراضي اللازمة للمشروع في كل جنب، بحيث ينشأ في كل طرف ميناء حر ومدينة عصرية حديثة، والذي سيكون بركة اقتصادية لكلا القطرين. وهو خير من النزاع فالمشاركة بركة والخصومة مقتلة. وحالياً خصصت كل من جيبوتي واليمن كلا من طرفها منطقة بمساحة ألف كيلومتر مربع للميناء الحر.
وفي المرحلة الأولى سيخرج للوجود ميناء حر للتبادل التجاري، ومن ثم سوف تقوم مدينتان تجاريتان في كل جانب.
وبعد خمس سنوات سوف يكون هناك وفي الطرفين ميناء عميق هائل للتفريغ والتحميل ومطار ومحطات طاقة جنبا إلى جنب مع توفير فرص عمل للعمال والمهندسين ومقاولين من كل أنحاء العالم.
بعد عشر سنوات سوف تقام مراكز بحث علمي، وجامعات ومئات الآلاف من بيوت السكن للعاملين.
وخلال 15 سنة لن يكون الجسر واقفا لوحده بل يطمع المهندسون ببناء مدينتين عصريتين ملائمتين للطبيعة خالية من التلوث، ومن سيتولى مشاريع رائعة من هذا النوع لن تكون الحكومات بل الشركات الخاصة.
فهذه هي فلسفة المشروع الجديد..
في فترة الانطلاق سيترتب أن يعمل 60 ألف عامل كوجبة أولى، يلحقها فيما بعد 850 ألف وظيفة عمل حتى عام 2025م. وسيكون من يعمل في هذا المشروع من كل فج عميق من الصين والشرق الأوسط من أوربا وأمريكا من هاييتي والدومينيكان والفلبين وتركستان...
وبالنسبة لبناء الجسر فهو يخلق تحدياً خاصاً للمهندسين. فكيف يمكن غرس عامود يغطس في الماء 300 متر ليحمل الجسر، أم كيف ستصعد هذه الأسطوانات الجبارة تخرق الغمام إلى ارتفاع 400 متر في السماء؟ ما هو أعلى ب 170 متراً من أعلى مكان في العالم جسر البوابة الذهبية!!
وطبعا فإن المشروع سيكلف المال .. المال بوفرة وكثرة.. فالجسر لوحده سيكلف 25 مليار دولار، أما المدن العصرية خالية التلوث فهذه ستلتهم من النفقات لوحدها 175 مليار دولار؟ وبالنسبة للشيخ طارق فهو سيشارك مبدئياً بعشرة مليارات دولار، أما البقية فستكون باستقطاب رؤوس الأموال من كل فج عميق..
يبدأ المشروع عام 2009 ببناء مصنع أسمنت للانطلاق ومجمع سفن في جيبوتي، وحتى عام 2025 م ستنشأ مدن جميلة في الشاطئين، وفي اليمن لوحدها ستقوم مدينة بتعداد سكان يصل إلى 4.5 مليون نسمة؟
مع هذا فالمشروع لا يخلو من المخاطرة فالمنطقة مولعة سياسيا وخطف السفن تلك التي قام بها قراصنة من الصومال لسفينة أوكرانية كانت تنقل السلاح إلى الفارقة المساكين لينحر بعضهم بعضا سمعنا بها.. ولكن دوماً كانت الأفكار الجريئة تقاوم ويسخر منها الناس حتى إذا استوت على سوقها قالوا ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم..
والأفكار الجريئة عديدة ومنها مشروع ربط أوربا بأمريكا ما عرف بمشروع قطار الأطلسي؟
قطار الأطلسي العائم الغائص؟
القطارات تمشي في العادة على عجلات وفوق الأرض، ولكن المهندسين اليوم يفكرون ببناء سكة حديد يطير فوقها قطار بدون عجلات بقوة المغناطيس، في عباب البحر الهائج من خلال نفق يجتاز المحيط الأطلسي لمسافة 5000 كم، يسير بسرعة 8000 كم في الساعة، ما هو أسرع من القطار المغناطيسي في اليابان بعشرين مرة، ومن طائرة الكونكورد بثلاث مرات، ويقطع المحيط بأقل من ساعة، وهو ما يحتاجه المسافر من بيته في نيويورك لبلوغ المطار في ساعة الذروة.
وأول من فكر على هذه الصورة الجريئة (جول فيرن) عام 1895 م صاحب قصص الخيال العلمي فكتب قصصا عن الغواصات قبل اختراعها في قصة (عشرين ألف فرسخ تحت الماء) التي مثلها كيرك دوغلاس في فيلم من إنتاج هوليوود في الستينات.
والسفر إلى مركز الأرض وهو ما أنتجته هوليوود في عام 2004 بعنوان (لب الأرض )The Core). ) وقد تصور جول فيرن قطارا يمشي على البخار بسرعة 1600 كم في الساعة. أما (هاري هاريسون) صاحب كتب الخيال العلمي فقد تنبأ عام 1972م بنفق من هذا النوع يجتاز الأطلنطي. وها نحن شهود فكرة هذا النفق الذي صورته قناة الديسكفري بشكل تفصيلي أخاذ والذي قد ينتهي مع نهاية القرن الواحد والعشرين.
وبناء أنفاق تحت البحار ليس أمرا جديدا، ونحن نعلم اليوم أن نفق (المانش) الذي ينقل ستة ملايين مسافر في السنة، تم تنفيذه في مدى ثلاث سنوات، بواسطة حفارتين تلتهم كل واحدة جدارا من الأرض بعرض 15 مترا، وتحت سطح البحر بحوالي ستين متراً، من كالييه بفرنسا والساحل البريطاني، بحيث اجتمعت الحفارتان على بعد بضع مليمترات عام 1987م.
ولكن حفارات من هذا النوع لنفق تحت الأرض عبر الأطلنطي يحتاج إلى جهد ثلاثة قرون، لأن عرض المانش 50 كم، وعرض الأطلنطي خمسة آلاف كيلومتر؟
وتذهب التوقعات أن تكون كلفة هذا النفق 12 تريليون دولار، يستهلك فيه خلال ذلك كل فولاذ العالم، من مصانع العالم أجمعين لمدة سنة كاملة.
والفكرة الأولى في هذا النفق الحديدي كانت من أين يبدأ؟ وأين ينتهي؟ على سطح الخريطة، وكان الأقرب أن يبدأ وينتهي على شكل قوس، يبدأ من جزيرة (فاوند لاند) في كندا، ليمر عبر غرينلاند، ثم آيسلاند لينتهي في النرويج وسكوتلاندا، ثم يتابع طريقه إلى لندن وباريس.
ولكن ظروف العمل في الشمال البارد تجعله مستحيلا، لذا تم اختيار الطريق الطبيعي بين لندن ونيويورك.
هذا من ناحية الربط السطحي، أما من ناحية العمق فكيف يوضع وأين؟
هل سيكون تحت أرض البحر مثل نفق المانش؟ أم يمر في خندق على ارض المحيط بعمق الكيلومترات؟ أم سيكون معلقاً في الماء؟ وإذا كان كذلك فكم سيكون العمق؟
وكانت الفكرة الأولى تحت الأرض كما حصل مع نفق المانش، أو نفق خليج سان فرانسيسكو، الذي انتهى عام 1960م، وبطول خمسة كيلومترات، وبعمق ثمانين متراً تحت سطح البحر. وتمت صناعته من أنابيب عملاقة مسبقة الصنع، بطول 200 متر للأنبوب الواحد، وبقطر 15 مترا، حيث غطست كلها، وأجلست على أرض البحر، واحتاجت إلى 57 قطعة مسبقة الصنع، وهي المعروفة باسم مشروع (بارت)، وهي اختصار من كلمات نقل الخليج السريع.
ولكن مشروعنا الحالي يعادل ألف ضعف من مشروع بارت؟!
وإذا عرفنا أن كلفة مد كيلومتر من هذا النوع من الأنفاق يكلف ستة مليارات دولار؛ فإن نفق الأطلنطي سيبلغ رقما فلكيا، تعجز عنه دول الأرض أجمعين.
لأنه سيصل إلى حاصل ضرب خمسة آلاف بستة مليارات؛ فيكون الحاصل ثلاثين ألف مليار أو ثلاثين تريليون دولار؟
فهل توازي هذه التكلفة مردود بناء مثل هذا النفق الذي لا يقترب منه بناء كل الأهرامات؟ أو كل سدود العالم؟
والجواب كان في سرعته التي ستصل بين أمريكا وأوربا وكأنها أرض واحدة.
وتقف العديد من العقبات في وجه مشروع الماموت هذا، وأولها العمق السحيق في عمق الأطلنطي، وفي بعض الأمكنة يصل عمق البحر إلى ثمانية كيلومترات، وليست أرضه مسطحة مستوية، بل تحتوي العديد من الجبال والتضاريس المنوعة، مما يجعل العمل في حكم المستحيل، حيث الضغط في العمق 500 مرة، عما هو عليه على سطح الأرض، ما يعادل وزن بوينج 747 وضعت على أنش واحد.
يضاف إلى ذلك أن بعض مناطق المحيط ترتج فيها الأرض بمعدل خمس زلازل في اليوم الواحد؛ مما جعل هذه الخيارات خارج نطاق التفكير والعمل فاستبعدت، سواء في وضع نفق القطار على سطح أرض البحر أو تحته كما في نفق المانش.
ثم فكر المهندسون بفكرة جريئة هي نموذج النفق (العائم الغاطس) حيث يتمايل مثل البندول على صورة مقلوبة؟!
أي عمل نفق تحت مستوى سطح الماء بمائة متر فقط، أعلاه مجسمات عائمة، ويثبت إلى الأسفل في قاع البحر بمائة ألف كابل، تنتهي في دواعم راسيات في أرض المحيط، تثبت بالتدريج، بدفعها إلى الأسفل، مع شفط الماء، وهو عمل لن ينجزه البشر، بل الغواصات؛ بفعل الضغط السحيق والظلام الدامس، أما على السطح فسوف ينجزه البشر.
وهي فكرة استفادوا فيها من بناء المنصة البترولية هايدرن في بحر الشمال، وأثبتت صلابتها لفترة عشرات السنوات، بحيث إن الأمواج الهائلة تجعلها تتمايل، بدون أن تنخلع مع أن وزنها 330 ألف طن؟! في ضوء وجود خطر آخر هو تحدي تيار الخليج، وهو تيار مائي ساخن، يمشي بسرعة تسعة كيلومترات في الساعة، ويضم من المياه في أمواجه ما هو أكثر من نهر الفرات والميسسبي ويانج تسي والفرات معاً؟!
ومن أجل صلابة الجدار؛ فقد بني من غلافين من الحديد المقاوم للصدأ، بينهما جدار عازل، وتحت الأغلفة الثلاثة وضعت طبقة من الأسمنت المسلح، على شكل قطع أنبوبية، طول الواحدة مائة متر، وسوف يحتاج كامل النفق 54 ألف قطعة من هذا النوع.
وكل قطعة سوف تستهلك 30 ألف طن من الأسمنت المسلح، وهي الكمية التي يحتاجها المهندسون لإنجاز بناية من عشر طوابق.
وهذا المشروع سوف يعمل عليه 225 مصنعا لإنتاج الفولاذ في 24 ساعة لمدة عشرين سنة متواصلة، ولسوف يكون مصدر تأمين عقود لعشرات السنوات لقبيلة من العمال والمهندسين والمقاولين ومهن لا تنتهي.
وبالنسبة لبنية الأسمنت المسلح مسبق الصنع على شكل أنابيب أو صناديق، فمهمتها أن تبقى تحت الماء، والهولنديون بارعون في هذا، فالأسمنت المسلح العادي غيره تحت الماء، ويجب أن يعالج معالجة خاصة، ولذا فهم يمررون عادة ولمدة 28 يوما بخاراً ساخناً عليه؛ فلا يتصدع أو يفسد بعد تركيبه تحت الماء.
وتبقى مشكلة الكابلات الممتدة إلى طول الكيلومترات، ولحل هذه المشكلة فسوف يعمدون إلى تثبيت هذه الأنابيب بأسلاك مرنة إلى عمق المحيط، متصلة إلكترونيا بمراكز مراقبة في غاية الدقة على مدار الساعة، بحيث تتمطط أو ترتخي؛ فيما لو صدمت من حيتان كبيرة، أو غواصات نووية تحمل رؤوسا نووية من وزن 45 ألف طن.
وسوف يخصص في الأنبوب نفق للذهاب وآخر للعودة، وبينهما أمكنة للصيانة والبنية التحتية، بالإضافة إلى مولدين للطاقة في الطرفين، تتوزع إلى أمكنة طاقة على طول النفق....
ومن أجل رفع السرعة إلى قدرة خيالية فقد اعتمدوا أمرين: قوة المغناطيس وتفريغ الأنبوب من الهواء؛ فقد ثبت حسب إفادة (روبرت شايلد) من معهد (ما سا شوست) للتكنولوجيا، أن سرعة الأشياء ضمن أنبوب مفرغ تقفز ثلاث مرات؛ فأما المغناطيس فهو يلغي الاحتكاك مع الأرض وأما تفريغ الأنبوب من الهواء فسوف يلغي مقاومة الهواء فيطير القطار هكذا في خلاء بدون مقاومة وكأنه في عالم آخر خارج الأرض.
وسرعة هذا القطار إذا تم الاعتماد فيها على التقنية المضاعفة من قوة المغناطيس وتفريغ الهواء أن تصل إلى 8000 كم في الساعة، أي أن الرحلة بين نيويورك ولندن سوف تكون في 54 دقيقة، مقارنة بالسفن قديما التي كانت تحتاج أسبوعا إلى أسبوعين، أو طائرات الجت الحديثة التي تتطلب سبعة ساعات. وبإمكان القطار حمل ألف من الركاب.
وبالنسبة لقوة المغناطيس؛ فالألمان حاليا يجربون طريقة القطار (ماغليف) المغناطيسي بسرعة 500 كم في الساعة، الذي لا يمشي على عجلات، بل يطير فوق السكة لمسافة 2 سنتمتر بفعل العمل المغناطيسي؛ فلا يبق احتكاك، فكيف إذا تم التخلص من مقاومة الهواء؟؟
إنه شيء أشبه بالخيال، ولكن القطار الذي يمشي حاليا بين طوكيو وهيروشيما، يطير هكذا بدون دواليب بسرعة 400 كم في الساعة، ما يعادل سرعة طيارة من نموذج قديم، وهو أمر يكاد يذهل له المرء أن تمشي الأشياء بدون عجلات، بعد أن اعتمدها الإنسان ثلاثة آلاف من السنين؟؟
وهناك مشاكل جديدة في هذه السرعة المخيفة، وهي الحرائق أو الصدام أو قوة الجاذبية، فلو حدث اصطدام بهذه السرعة الخرافية من عيار آلاف في الساعة فسوف يتبخر الركاب قبل أن يشعروا أنهم انتقلوا إلى عالم الآخرة؟
وبالنسبة لقوة الجذب فنحن نعرف عن رواد الفضاء أن وزنهم يزداد مع السرعة والانخلاع من جاذبية الأرض، قبل أن ينعدم الوزن حين بلوغ سرعة 27 ألف كم في الساعة في الفضاء الخارجي.
ومعروف عن الطيارين أن السرعة تزيد الكتلة، وأحيانا قد يصل وزن الطيار إلى ألف كيلو غرام وتتفرغ الأوعية المغذية للمخ من الدم؛ فيصاب بفقد الوعي، وهو أمر يمكن أن يحدث مع قطار الأطلسي.
لذا زود القطار بكراسي خاصة، دوارة بنوعية خاصة، كما أن السرعة سوف تزاد بالتدريج على ثلاث مراحل؛ كل مرحلة تستغرق 18 دقيقة، تبدأ الأولى من نيويورك حيث يندفع القطار من قفل هوائي، ثم تزاد السرعة بالتدريج في ال 18 دقيقة الأولى، في مسافة الألف كيلومتر الأولى، ثم ينطلق القطار تحت تأثير شفط المغناطيس وانعدام مقاومة الهواء بأسرع من طلقة المسدس وهو ما أخذ اسم القطار الرصاصة؟ بحيث يحقق سرعة 8000 كم في الساعة في 18 دقيقة التالية وفي ال 18 دقيقة الأخيرة تتباطأ السرعة تدريجيا، حتى يحط الرحال في عاصمة الضباب لندن في 54 دقيقة.
وهذا يعني أن البحار لم تعد تفصل الناس، فأين عيون (كريستوف كولومبس) ليرى الفرق بين رحلته وهذه الرحلة.
أما نحن فما زلنا نعاقب من دخل على الانترنيت، ونصدر بحقه حكما بالسجن لمدة سنتين ونصفا حبسا، لأنه قرأ مقالتين ونصف، أرسلها إلى شخصين ونصف، وهي ليست نكتة بل حبس وتعذيب دفع ثمنها شاب في برج ثوري..
وهو أمر كان سيعجب كولومبس ولكنه اليوم يغضب الكثير من سكان المعمورة الذين يعيشون العصر، فهذا الفرق بيننا وبينهم.
والفرق بين الخيال والحقيقة شعرة، وكل قصص ألف ليلة وليلة كانت هكذا من بساط الريح والعملاق والجني وحوريات البحر.
وكلها رموز لحقائق رأتها أعيننا واشتهى أن يراها الأقدمون فتخيلوها فلم يروها؟؟
نحن اليوم نطير بأسرع من الطيور. ونتخاطب مثل الجن بسرعة الضوء. ونرى عمق المجرات في أبعاد سحيقة بعيون من تلسكوبات خارج أرضية. ونسحق الزمن إلى الفيمتو ثانية. ونرسو على سطح الكود الوراثي. ونكتشف الكواركز واللبتونات من الجزيئات دون الذرية. ونعرف تاريخ الديناصورات قبل 245 مليون سنة. ونكتشف هياكل عظمية للإنسان قبل سبعة ملايين من السنين. ونعرف أن الكون انفجر قبل 13,7 مليار سنة من نقطة رياضية متفردة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.