كنت أعتقد أن بعض القيادات التي كان لها رصيد نضالي لا يمكن أن تفرط في الثوابت الوطنية مهما كان، على الأقل من باب الحرص على ذلك السجل النضالي الذي مازال مشرقاً. غير أنني تفاجأت في أحد اللقاءات أن ذلك البعض قد تحول من الاتصاف بالعقلانية والهدوء والصبر إلى مجرد انفعالي يطلق أقوالاً لا يمكن أن يقبل بها عاقل، فما بالك بمحاور سياسي. بل والأكثر من ذلك أن هذا البعض الذي اتصف في مراحل حياته بالحكمة والموضوعية والحرص الشديد على الثوابت قد جعل من نفسه كأنه مسير وليس مخيراً. وممن هذا التسيير - إذا جاز لنا التعبير؟!- من عناصر لا تمتلك خبرة ولم تعركها الحياة وتسبر أغوارها، بل عناصر طائشة تميل إلى السعي خلف الشهرة. وتتحكم في فرض الأجندة بما يوافق هواها وليس بما يتفق مع مصالح البلاد والعباد دون أن تدرك تلك العناصر أن المسيرين يستغلون ذلك الطيش بذكاء غادر للوصول في نهاية المطاف إلى فرض أجندة أول من سيندم عليها ذلك النفر المتصف بالطيش وقلة الخبرة بل وانعدامها. والأكثر من ذلك كله هو أن هذا النفر الطائش غير مدرك لدهاء ومكر أولئك الذين يسيرونه في كل شيء ظناً منه بأنهم يظهرون ما يبطنون. ولا يدرك أن أولئك لديهم من تجارب الحياة ما مكنهم من الغدر ومن ثم النكاية بالوطن في اللحظة التي يرون أنها مناسبة لهم. نعم إن انعدام الخبرة والتجربة وعدم التمتع بالحكمة والميل إلى تحقيق الأهواء والنزوات الشخصية تجعل من ذلك النفر فريسة سهلة للمبتزين وجسراً يعبرون من خلاله إلى الإضرار بالمصالح العليا للوطن، والنيل من الثوابت التي تأتي في مقدمتها الوحدة الوطنية. ولذلك كله أدعو من وضعوا أنفسهم في موقع الفريسة بسبب طيشهم وقلة تدبيرهم أن يستيقظوا من غفلتهم قبل أن يندموا على فعلتهم؛ وحينها لا ينفع الندم أمام الشعب. ونقول لأولئك الذين يتظاهرون بأنهم مجرد مسيّرين أن يتقوا الله في الشعب، وأن يدركوا بأن المساس بالوحدة اليمنية مساس بالحياة كلها؛ لأنه لا وجود لليمن دون الوحدة. فهل يكف الانتهازيون عن ممارساتهم المشينة، وهل يصحو الغافلون قبل فوات الأوان؟!. ذلك ما ستسفر عنه الأيام القليلة القادمة، حيث نرجو أن تصحو جميع الضمائر الحية دون استثناء.