لو أن هذه الصراعات التي تعصف بنا نحن اليمانيين كانت صراعاتنا نحن وبسببنا نشأت لقلنا كلما توقفت حرب كما قال أبو تمام: إذا احتربت يوماً فسالت دماؤها تذكرت القربى فسالت دموعها ولكن هذه الحروب هي حروب سوانا وقد أراد أعداؤنا أن نعيشها كي ينالوا من دمائنا ما يشبع نهمهم للدماء ولكي ينالوا من وحدتنا ما يطمئنهم على وجودهم ومصالحهم التي لا يرون أنها تتحقق إلا بتمزيقنا . قوى الغرب ترى أن كتلة بشرية بحجم اليمن مع ما تمثله من عمق تاريخي وحضاري وإيماني لا تؤتمن على مصالحها النفطية في المنطقة. وإسرائيل ترى في هذه القوة الإيمانية الغيورة على عروبتها ودينها خطراً على كيانها. والقوى الباطنية في المنطقة ترى أن نقاء اليمن من لوثاتها وطهرها من انحرافاتها لا تحقق مطامعها التوسعية .. نحن شعب يستهدفه الثالوث الذي استهدف بلاد العرب والمسلمين وتلاقت عند تدميره مصالح هذا الثالوث من فلسطين فأفغانستان فالعراق فالسودان والقائمة تطول ، والأعادي لا يستطيعون تحقيق مآربهم بغير قوة داخل الأمة تفسد ما صلح من أمرها وتعمل فيها تمزيقاً وتفريقاً حتى تصل إلى مآربها التي هي مآرب كل قوى الشر في العالم .. إذا انطفأت الحرب انبرى من يشكك في جدوى السلام كما يقولون وإذا انطلقت المدافع يشككون في جدوى الحسم العسكري وعبثية القتال وإذا نهض المصلحون لإصلاح ما فسد اتهموهم بكل شنيعة وإذا ضربت مصالح المنتفعين من الحروب ثارت المخاوف من ردود الفعل الانتقامية لهؤلاء وأثاروا الروع والفزع بين الناس وهكذا . باختصار نحن محاصرون بأعدائنا، مستهدفون بطوابيرهم في صفوفنا ونحن بين خارجين مقاتلين وخارجين غير مقاتلين ظاهراً ولكنهم مستقتلون في معارضة كل توجه خير ينشد الحق والعدل والوئام بين أبناء الشعب.. هؤلاء المستقتلون لا يعيشون إلا تحت سحب الدخان والموت ،ولا يلذ لهم إلا صور الدمار والقتل والترويع ولا تطربهم إلا أصوات المدافع والمتفجرات ولو قدر لهم أن يصلحوا لما عدموا طريق الخير ولقدموا مشاريع الصلاح إلى ولي الأمر ولكن لم نر منهم إلا غير ذلك مع أن بمقدورهم أن يقدموا مشاريع الخير ويضغطون باتجاه تنفيذها وهم يمتلكون قوة ضغط محلية وبرلمانية وقبلية بل وخارجية عربياً وإقليمياً ودولياً لكنهم لا يستخدمونها إلا في الشر ولم نرهم يوماً يفعلون غير ذلك . شعبنا ينشد السلام وينشد العدل والحق والإصلاح ويرى أن قتال الخارجين واجب الحاكم والمحكوم ويرى أن الجنوح للسلم حين يجنح إليه الخارجون واجب مثل واجب المواجهة لهم ويرون أن من يقتل بالطلقة مثل الذي يقتل بالقلم وبالكلمة المنطوقة ظلماً وعدواناً ويحرض على العنف والكراهية بين أبناء جنس و دين وشعب واحد. ويرون أن تأويلات الفاسدين الخارجين عن الجماعة والذين يشقون عصا الطاعة ومن وقف معهم ومن والاهم تقع كلها في نفس الموقع المعادي للشعب والأمة وللوئام وتتمترس بنفس المتارس لتواجه سلام الأمة ودينها ولتنشر الفتنة والقتل في أوساطها.. وسيان أن يكون صاحب هذا الموقف في قلب صنعاء أو في قلب عدن أو في أعالي كهوف مران أو جبال الضالع والشعيب .. أو حيثما أطلت الفتنة برأسها يجب أن تواجه بنفس الحزم والقوة والحكمة معاً .. مرحباً بالسلام ومرحباً بكل موقف حاسم حازم حيثما كان الحسم والحزم ضرورياً .. ولقد قيل .. فقسا ليزدجروا ومن يكُ حازماً فليقْس أحياناً على من يرحم