ذات مقال امتدح الشيخ عايض القرني رقّة الفرنسيين في العيادات والمكتبات والتعامل في الشارع، وبلغ به التأثر حد الكتابة تحت عنوان «نحن العرب قساة جفاة» وفي هذا السياق قال: «لم نزل نحن العرب مجتمع غلظة وفظاظة». لا أعرف لماذا تذكرت هذا المقال وأنا في مدينة الرباط المغربية.. لكن ما أعرفه هو أن الحضارة ورقّة الطباع تنتقل من بلد إلى آخر، حيث وجدت في المغرب ما يؤكد أن التفاوت في المدنية يحكمه القرب والبعد من بؤر الحضارة الإنسانية. تسأل المغربي عن مكان ما فيرافقك أو يصف لك الطريق بأخلاق عالية وطباع وطبع رقيق.. وتهطل الأمطار في طقس متقلب فلا تجد من السائقين من يدفع بالمياه المتحركة في الشارع على ملابسك، ويلاحظ السائق رغبتك في قطع الشارع؛ فيهدئ السرعة متيحاً لك فرصة العبور. وفي المحلات التجارية تجد الكثير من الصدق والأمانة والقليل من الكذب، فضلاً عن عدم مضايقتك من باب دفعك إلى الشراء. ومن الملاحظات أنهم يحترمون العربي والأجنبي ويعطونه منزله من التقدير تجعله يدرك أنه اختار المكان الصحيح للسياحة. وإذا كنت يمنياً فسيبهرك حجم المفردات التي ننطقها في الريف اليمني في إشارة إلى أجداد غادروا اليمن في أزمنة بعيدة فطاب لهم المقام هناك. قد تطأ قدماك أرض المغرب وأنت متوتر من صحف ورقية وتصريحات الأزمات وقات الشتاء المفخخ بالغلاء والسموم؛ لكنك سرعان ما تطلق الابتسامة متأثراً بعدوى الربوع المغربية الخضراء وإنسان المغرب الطيب. هناك في المملكة المغربية لابد أن تغسل همومك وتغادر قلقك إلى شخوص وأماكن وعمار تكشف عن روعة المكان وبساطة البناء وروح الإنسان.