وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    وكالة دولية: الزنداني رفض إدانة كل عمل إجرامي قام به تنظيم القاعدة    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    إلا الزنداني!!    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثلاثي المحيّر ..جدلية العقل والعواطف والغرائز
نشر في الجمهورية يوم 26 - 02 - 2010


مراكز الغرائز السفلية:
أعجب ما في الدماغ أنه يحس بالألم ويفسره أما هو بالذات فلا يعرف الألم، فوخزة بسيطة بالإبرة تجعلنا نسحب يدنا بدون أن نفكر، بفعل المنعكسات العصبية الموجودة في الحبل الشوكي في الظهر، في حين أن غرس الأقطاب الكهربية في الدماغ يمكننا من دراسته وهو في حالة العمل وبدون ألم، وهي مفارقة عجيبة تساعد في الدراسة العصبية.
هذه الميزة مكنت علماء الفيزيولوجيا العصبية من سبر هذا المحيط الرائع واكتشاف مجاهله.
ومما كشف هو أن الدماغ ليس واحداً، بل ثلاث طبقات مركبة فوق بعضها البعض، أو بالأحرى ثلاثة أدمغة وبشكل كيانات منفصلة.
ففي القاعدة نشترك نحن والتماسيح في الغرائز الدنيا؛ من نبض القلب ونظم التنفس وضغط الدم ومقدار السكر في الدم والنوم واللعاب والعطاس والتبرز بل وغرائز الجنس والتكاثر..
وفوقها تستقر مراكز العواطف في الدماغ المتوسط مثل العدوانية والحب والقرف والاشمئزاز والخوف والحزن في ست إلى سبع عواطف رئيسية.
ويتكلل الرأس في الأعلى بقشرة المخ العليا، حيث يجلس ليس ملكا واحدا بل ملكين عن اليمين والشمال، في فصين متساويين، متعاونين يعملان دفعة واحدة، وكأن (خنزيرا وسبعا وملاكاً ) قد حشروا دفعة واحدة داخل تجويف الرأس، كما افترض الصوفي الغزالي الذي عاصر فترة العواصف العقلية في الفكر الإسلامي في القرن الخامس والسادس الهجريين، أثناء تأسيسه علم النفس الإسلامي في ذلك الوقت(7) .
لقد اهتدت الأبحاث العصبية الحالية إلى المراكز التشريحية بشكل واضح فيما يتعلق بالغرائز المتعلقة بالجوع والعطش والغريزة أي الحاجات البيولوجية الأساسية ، وعرفت أن الدماغ الإنساني مكون في حقيقته من ثلاثة أدمغة وليس دماغاً واحداً.
هذه الأدمغة الثلاثة هي لب المشكلة في فهم السلوك الإنساني، فالدماغ العلوي (المخ) هو الذي يسيطر على ساحة التفكير ويميز الإنسان، ولكن مركز العواطف والغرائز تمثل البراكين المزلزلة الساخنة المندفعة غير المنظمة التي تدمدم وتهمهم في أعماقنا الداخلية بشكل مرعب، لأنها حاجات بيولوجية تقوم الحياة بها ولا تستقيم بدونها، ولكن قوى عاتية يجب ضبط طاقتها وتنظيم مسارها والتحكم في سرعة تدفقها، تماماً مثل أي طاقة كهرطيسية في دارات الكترونية، أو وقود ديزل لمحرك سيارة.
والقواعد السفلية تمثل الطاقة الرهيبة، والدماغ العلوي يمثل الآلة التي تمر من خلالها هذه الطاقة، فإما تم تنظيمها والتمكن من قيادها، وإما انفجرت فقضت حتى على آلة الدماغ التي تمر من خلالها.
ثلاثة أدمغة في دماغ واحد:
استطاعت الأبحاث العصبية الحديثة تحديد خريطة الدماغ بشكل تفصيلي، ففي جذع الدماغ في الأسفل حيث يتمادى العمود العصبي الممتد في الظهر داخل الرأس إلى ما يشبه الفطر المتفتح؛ تقبع أهم المراكز الحيوية المسئولة عن تنظيم الأعمال اللاإرادية، ففيها منعكسات البلع وآليات العطاس، وضربات القلب وحركات التنفس، وتنظيم التكييف المركزي فلا ترتفع الحرارة فتحرق الدماغ، ولا تهبط فيرجف الإنسان ويتوقف القلب، منها ينظم انحلال السكر في الدم بمقدار غرام واحد لليتر، فلا يرتفع فيتعطن، ولا ينقص فيميل الإنسان للغيبوبة والتشنج، فيها تنظم دورات النوم واليقظة، فيهجع مع الليل، وينهض مع إشراقة الصباح.
أما لماذا ينام الإنسان على وجه الدقة فهو أيضاً سر مجهول، وأعظم ما فيه سحر المنام والأحلام العجيبة.
في هذا المركز تنظم دورات الحيض، كذلك مقدار الجزر والمد لسوائل البدن، وهو المسئول عن الإحساس بالعطش والجوع، وفيها مركز العطش الجنسي فإذا اضطربت أصيب صاحبها بشبق جنسي لا يرويه شيء كما حدث مع سيدة اكتشف عندها لاحقاً ورم في المنطقة العصبية الجنسية المرافقة فكانت تطلب جنساً بدون توقف مثل موتور سيارة يخرّ منه البنزين فيطلب هل من مزيد؟.
وباختصار ففي قاعدة الدماغ احتشدت وتجمعت مفاتيح البيولوجيا الأساسية. وهذه نشترك فيها مع الطيور والضفادع، وتماسيح النيل والزواحف البرمائية، والقطط والثعالب البرية، وهي حلقة بناء الخلق الأول وليس الخلق الآخر، فإذا ارتفعنا إلى مستوى الدماغ المتوسط بدت مراكز جديدة منظمة للعواطف، مثل الضحك والبكاء والانفعال والتوتر والعدوانية والخوف والحزن والقرف والاشمئزاز كما ذكرنا، فإذا اختل مركز الضحك أصبح مصيبة، لأن صاحبها يضحك ولو كان في جنازة أمه (8).
الدماغ يعمل كوحدة متكاملة متجانسة:
ولكن الدماغ يعمل كوحدة متكاملة واحدة، بما فيه فصا الدماغ، الذين ظن العلماء أنهما نسختان مكررتان كما في الذراعين واليدين، ولكن تبين أن الدماغ الأيمن هو غيره الدماغ الأيسر؛ فالدماغ الأيمن مسئول عن الحدس وحس الفراغ والأعمال الفنية والإبداعية، في حين أن الدماغ الأيسر يملك مركز اللغة والنطق وفن التفكير وعمليات المنطق الباردة والتحليل العقلي المنظم (9).
وفي الدراسة التشريحية المقارنة بين الضفدع والوزة والقرد والإنسان تبين النمو النوعي الكبير لكتلة المخ العلوية، وخاصة الفصوص الدماغية الجبهية عند الإنسان، فقد ازداد حجم الدماغ بشكل واضح عند الإنسان، ولكن هذا يطرح سؤالاً حيوياً وهو:
هل يحكم مكان الكائن في سلم الخلق كتلة الدماغ بشكل عام؟؟
وبكلمة أخرى هل ينحط الكائن مع نقص وزن الدماغ ويرتفع إلى أعلى عليين عندما يزداد وزن الدماغ ؟
معجزة الدماغ الانساني لاتزيد عن 1300 غرام:
لا يزن الدماغ بكل تعقيده المرعب في المتوسط أكثر من 1310 غرامات عند الإنسان يزيد وينقص، ولكنه عند الفيلة يزيد عن خمسة كيلوغرامات!!
فهل معنى هذا أن الفيل أذكى من الإنسان؟! أم الحوت الذي يزيد وزن دماغه عن ثمانية كيلوغرامات؟
برز للعلماء قانون بيولوجي في هذا الصدد ذو شقين، فالدماغ عند الحيوانات الصغيرة مثل الفئران يزيد عن وزن دماغ الإنسان إذا وضع كلاهما في المقارنة بين وزن الدماغ مقارناً إلى وزن الجسم عامةً، ولكن الدماغ حتى يتحول إلى جهاز يؤدي فعالية خاصة متميزة لابد له من اختراق قانون الكتلة الحرجة.
قانون الكتلة الحرجة في المستوى البيولوجي:
هناك قانون انطولوجي وجودي يضم فعاليات الوجود على ما يبدو وهو أن التراكم الكمي يقود إلى التغير النوعي، ففي غليان الماء لابد من وصول درجة الحرارة إلى مستوى معين حتى تتحول طبيعة الماء بشكل نوعي؛ إما إلى الثلج هبوطاً أو إلى الغليان صعوداً، وفي الانفجار الذري ظهر قانون الكتلة الحرجة حتى يحدث الانشطار الجبار، وكان بالنسبة لكتلة اليورانيوم في حدود 60 كغ وللبلوتونيوم حوالي 2.6 كغ..
وحتى تسيل العبرات من المآقي في مستوى تأثر النفس لابد من وصولها إلى الدرجة الحدية حتى تتأثر فتبكي.
والمجتمع حتى يتحول إلى وضع الثورة لابد له أيضاً من شروط موضوعية، فالفقر مثلاً لا يقود إلى الثورة ولكن الشعور بالفقر يقود ، فوقود الثورات هو وعي إنساني قبل كل شيء.
وهنا في المجال العضوي لا يكفي أن تزداد أو تنقص كتلة الدماغ حتى يتحول إلى دماغ إنساني؛ والمثل المشهور عن هذا دماغا كلا من الأديبين (أناتول فرانس) الفرنساوي و(تورجينيف) الروسي، أنهما كانا مبدعين في نفس المجال، وكان وزن دماغ أناتول فرانس الفرنسي بقدر نصف وزن دماغ تورجينيف الروسي وكلاهما كانا رائعين بنفس القوة والإثارة..
والشيء المهم الذي تمت ملاحظته هو مقدار ازدياد وزن الدماغ مع التقدم في سلك الكائنات.
لقد تمت ملاحظة أن الإنسان يقفز إلى الأمام بشكل واضح نسبة إلى وزن جسمه، خلافاً لبقية الكائنات التي تعرج خلفه فلا تلحق به.
إن كتلة دماغ الإنسان إلى جسمه هي اثنان بالمائة 2% ولكنه يستهلك أي المخ من الطاقة عشرين بالمائة مما يأكله كل الجسم، فهو شره نهم خاصة للحلويات والسكاكر، لذا كان على من يرغب في نوم سعيد اتحاف دماغه قبل النوم بأكل السكريات أكثر من الدهون الثقيلة.
في حين أن دماغ الفيل يصل إلى اثنين بالألف من وزن جسمه، ويصل دماغ الحوت إلى خمسة بالعشرة آلاف من وزن جسمه.
وبموجب هذا القياس فإن القط يجب أن يكون وزن دماغه ثماني مرات أكبر، فيما لو قيس بالإنسان، والغوريلا يجب أن يقفز إلى تسع مرات لأن وزنه ثلاثة أضعاف الإنسان، ولكن دماغه يصل إلى ثلث وزن دماغ الإنسان. هذه واحدة...
وأما الأمر الثاني الحاسم الذي كشف عنه العلم الحديث فهو اختراق الدماغ لكتلة حرجة يقفز بموجبها قفزة نوعية وعرف حدودها بما لا يقل عن ألف غرام (كيلوغرام واحد)(10)
ما الذي يحدد عظمة الدماغ ؟ الوزن أم الترابط الداخلي؟
والسؤال الذي يبرز مع تدفق هذه المعلومات الجديدة عن الوزن الحدي لكتلة الدماغ، يجبرنا على الغوص أكثر لفهم الترابط الداخلي لخلايا الدماغ، فالطفل عند الولادة يولد بكم محدود معروف من الخلايا العصبية، في حدود مائة مليار خلية عصبية، ولكن بدون ترابطات داخلية تقريباً، فالنورونات غير الخلايا العصبية، فالنورون (NEURON) أي الوحدة العصبية، هي الخلية العصبية وترابطاتها، ويتم هذا من خلال الاستطالات العصبية التي قد تصل في بعض الأحيان إلى ألف ارتباط على الأقل من خلال الأكسونات، التي تشبع أذرع الإخطبوط؟ بل تقفز إلى 200 ألف ارتباط في خلايا بوركينج في المخيخ؟.
ويتم هذا الترابط تدريجياً ويكتمل تقريباً في سنوات العمر الأولى، وهذا يفسر استعصاء تعلم اللغة إذا فاتت عن سنوات العمر المبكرة.
وهذا التعقد الداخلي المرعب هو سر الجملة العصبية، والذي يحاول فهمه العلماء اليوم، ولعل الكشف عن أسراره سيكون أهم من الكشف عن الحامض النووي في نواة الخلية الذي يبلغ ثلاثة مليارات حرف من حروف تكوين الأحماض النووية الرباعية ( السيتوزين والغوانين والثيمين والأدنين ACTG).
مم يتركب الدماغ؟
يتكون الدماغ من لحاء ولب. واللحاء يشبه لحاء الشجر وهو محشو بالخلايا العصبية التي تعطيه اللون الرمادي وتسمى النورونات، وعددها 300 مليار خلية، وهي أكثر من عدد الجنس البشري الحالي ب 50 مرة، حيث تجاوز عدد البشر ستة مليارات بقليل مع بداية الألفية الثالثة. وهو عدد تضاعف ست مرات بين عامي 1800م و2003م.
وكل خلية عصبية يمتد منها أذرع طويلة قد تصل أحيانا إلى طول متر. والاستطالات كثيرة وأقل النورونات يخرج منها ألف ذراع بما يوازي أكثر من خمسمائة إخطبوط.
وفي بعض الخلايا تزيد عن مائتي ألف بما يشبه شجرة عملاقة.
والدماغ مكون من فصين أيمن وأيسر، بينهما جسر معلق برابط تتفوق به الإناث عن الذكور.
وهو يفسر قدرة المرأة على الحديث والتقاط التلفون أكثر من الذكور.
وإذا اجتمعت امرأة بامرأة لم يتوقف الحديث، أما اجتماع الرجال فهو ممل وبارد وصامت.
والدماغ البشري مضغوط ومحمي داخل تجويف عظمي. يسبح في ماء محلى بالسكر، ومن حكمة الله العظيمة أن جعل الدماغ ليس مسطحاً بل فيه تجعدات، مثل الجوز الذي نأكله تماماً، مما تزيد من السطح ثلاث مرات، فلو كان الدماغ بدون تجعدات مسطحاً أملس كحدوة الحصان لفرش صفحتين من حجم A4 ولكن مع التجعدات غطى سبع صفحات.
ونحن خلال سبعين سنة نكتب على هذه الأوراق ما لو رصفت لجنب بعضها لغطت مساحة تزيد عن بحيرة جنيف البالغة 583 كيلومتراً مربعاً.
و«لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا».
وحسب إحصائيات الدكتور أنور حمدي في كتابه عن الدماغ أن الدماغ لو فرش سطحه بدون تجعدات لبرز رأسنا وتضخم ست مرات مما نحن عليه، ولإجراء التوازن فلا بد من ارتفاع طولنا إلى ثلاثة طوابق، ووزننا إلى حوالي نصف طن!
والطفل بالمناسبة يخرج من بطن أمه غير مكتمل الدماغ فيتابع نموه 18 شهراً آخر، ولولا ذلك ما خرج من الرحم مطلقا.. وما يخزنه الدماغ يوميا يحتاج إلى 340 فلوبي ديسك من حجم 1.4 ميجا بايت، وهي معلومة معروفة لمن يتعامل بالكمبيوتر.
وفي الثانية الواحدة تتوهج كل خلية عصبية بنبضة واحدة. والنورونات تتفاهم مع بعضها بلغة موحدة من النبضات الكهربية في الوقت الذي يتفاهم البشر فيما بينهم بما لا يقل عن 6000 لغة.
وتتحول في نهايات الاستطالات إلى لغة كيماوية تزيد عن أربعين مادة مختلفة.
وإذا كانت النبضات في الثانية الواحدة 300 مليار فهو يعني استيعاب 750 ألف مجلد في الثانية الواحدة والرد بمثلها في ثانية واحدة.
وإذا عرفنا أن الموسوعة البريطانية التي كتبت للمرة الأولى عام 1768 م وطبعت للمرة 15 بعد مائتي سنة تتضمن 200 مليون حرف، فهو يعني بلغة الرياضيات أن الدماغ ينتج أكثر من ألف موسوعة بريطانية في اللحظة الواحدة، وهو تصور يجعلنا نميل للإغماء.
فتبارك الله أحسن الخالقين.
الاتصالات بين الخلايا العصبية
والاتصالات بين الخلايا العصبية غير مفهوم حتى الآن، وربما ستحتاج الدراسات العصبية أكثر من ألف سنة حتى تحل هذا اللغز الذي يزداد تعقيدا مع إماطة اللثام عن بعض أسراره.
والنورون الواحد له أكثر من ألف ارتباط ويزيد وفي مكان محدد من منطقة عصبية محددة أخرى.
وحتى يمكن استيعاب هذه الحقيقة فإن دماغ الدودة مثلا فيه 23 خلية عصبية (نورون)، ويقول الدكتور (أنور حمدي) في كتابه (الدماغ إبداع وإعجاز) إن إمكانيات الاتصالات بين الخلايا العصبية عند الدودة تحتاج إلى كمبيوتر متوسط السرعة، يحسب لمدة 13 مليون سنة!
فكيف بالنورونات في دماغ النملة وهي 250 خلية؟ أم دماغ النحلة وفيها 900 نورون؟
فإذا نقلنا هذا القياس إلى خلايا الدماغ البشري البالغ عددها 300 مليار خلية عصبية، فلن ننهي مهمتنا عن إمكانيات الاتصالات قبل 175 مليار مليون سنة ذلك أن كمية الاتصالات تقفز فوق الجو جول.
وإذا كانت مدينة هونج كونج تعتبر من أكثر المناطق ازدحاما في العالم فطول الطرقات 1465 كم في مساحة لا تتجاوز 1076كم مربع، فإن مساحة الدماغ البشري 2322سم مربع، وطول المحاور الاسطوانية مائة ألف كم. فتبارك الله أحسن الخالقين.
ومع نمو الاستطالات العصبية تتشكل شبكات وصل كاملة، ويمر طنين لا يتوقف من السيالات العصبية آناء الليل وأطراف النهار، والدماغ لا يعرف النوم بل هو أحد أنشطته..
في هذا الكمبيوتر المتفرد، ولفظة كمبيوتر هي من باب التبسيط لا أكثر. ويتم التفاعل بين النورونات العصبية على شكل كهربائي وكيماوي، فالكهرباء تخترق الخلية من أقصاها حتى منتهاها، ولكن نهايتها تشبه (القمع أو المخروط) أو قدم الفيل يسمونها السنابس (SYNAPS)، ومن هذه النهاية تنطلق مواد كيماوية كشف عن أربعين شكلآً منها حتى الآن، هي التي تسبب لنا التعاسة أو الفرح، المتعة أو السوداوية، في كيفيات مجهولة حتى الآن.
ومما عرف ارتباط مرض الرعاش باركنسون بالدوبامين، والسوداوية والإحباط بالسيروتونين والألم بالاندومورفين وهكذا.. بل والخوف له قاعدة كيماوية وكذلك الحزن والفرح.. فكلها كيمياء..
كيمياء الدماغ
لا يوجد ضمانات في الحياة ولا لثوانٍ، وإذا كنا نعمل عقود عمل لمدة سنة، فلا يوجد عقود ضد الموت إلى لحظات، وهو وضع نعيش فيه بكل غرابة، وكل امتلاء، حتى إذا صدم أحدنا بموت عزيز، انفتحت تحت أقدامه ثقوب سوداء تشفطه بدون رحمة؛ فينسحق القلب، وتكتوي الذاكرة بألم براح..
ولكن لماذا لا توجد ضمانات في الحياة؟؟
ولماذا خلقنا محفوفين بالمخاطر تطوقنا عن اليمين والشمال عزين؟ لمواجهة هذا الوضع غير المحتمل فقد عمدت الطبيعة إلى زرع أجهزة خاصة مقاومة للفناء، في صورتين:
حفظ النوع بوقود من جنس، أشد من استعار الوقود النووي.
وهورمونات تغرق دمنا بما يعطل الخوف، ويمكننا من متابعة الحياة.
ومن أعجب الاختبارات في الكشف عن هذا السر ما توصل إليه الدكتور (يو) الكندي، من ميل الإنسان لركوب المخاطر، حينما اهتدى إلى خميرة في الدم أطلق عليها اسم ماو (MAO) وهي مختصرة من ثلاث كلمات وليس ماوتسي دونج سفاح الصين؟
ووجد أن هذه الخميرة لها علاقة بروح المجازفة واقتحام المخاطر، فهي تعمل مثل الفرامل داخل العضوية، فإذا ارتفعت أصبحنا أكثر حذراً، وإذا تدنت هجمنا بجسارة على المصاعب.
قام الدكتور (يو) بأول تطبيق لهذا فذهب الى سجن في مدينة (ساسكواتشن) في وسط كندا، حيث يحتشد أعتى القتلة والمجرمين، وقام بفحص كمية الخميرة المذكورة في دمائهم، فلاحظ تدنيها عن الناس العاديين من أمثالنا.
وعندما سمع الطبيب الاسباني (فيرناندو غاليندو) هذا الخبر، أثاره لفحص ذلك عند مصارعي الثيران، وتعرضهم للتوتر الأقصى في المواجهة، فيقضي بعضهم نحبه على قرني ثور هائج كل عام.
وكانت النتيجة صاعقة: إن كمية الخميرة في دم مصارعي الثيران في حدودها السفلية تماماً عند القاع، تكاد تنضب من دمائهم، وكأنه لا يوجد في دمائهم كوابح للخطر وتوقي الخوف.
ومن الغريب أن هذه الخميرة تتراوح في دمائنا من شخص لآخر منذ الولادة، وتزداد مع تقدم السن، كما تفيض فيضا في دماء النساء إلا قليلاً منهن.
وهذا يعني أن أحدنا مع الكهولة يصبح أقل ميلا للمجازفة، كما أن النساء أبعد عن اقتحام المخاطر، ولعل الله غرسها في بيولوجيا النساء من اجل حفظ الجنين والحياة؛ ولذا فإن كل الذين يذبحون في ساحات الحرب هم من الذكور العدوانيين محبي المجازفة المرتفعة في دمهم حدود الخميرة المذكورة.
وقام بعض علماء النفس كما فعلت (جودي هوكس) من ساسكواتشن في كندا، بدراسة نفس النتيجة على امرأة (تخاف) من دخول المحلات العامة، وتبين وجود كمية كبيرة من الخميرة في دمها، أوصلتها إلى حالة الفوبيا.
ولتأكيد صحة النظرية كان لابد من حقن السيدة بالمادة فتحسنت على نحو ملحوظ..
إن الله وضع فينا الميل للمخاطرة، مثل وضع الملح في الطعام، فبدونها لا تتغير الحياة الإنسانية... ومن قلب محاور التاريخ هم المغامرون.
وهذه المادة تخضع لقانون التوتر الحي؛ فمع نقصها ننقلب إلى التهور المهلك، ومع زيادتها ننحصر في مثلث الرعب، فنرزح تحت سلاسل الخوف.
وحسب التحدي الأرسطي؛ فكل فضيلة هي وسط بين رذيلتين، فالشجاعة هي ذلك الحد الذهبي بين التهور والخوف، والحكمة هي ذلك التوازن بين كفتي الجربذة والملعنة(الخبث والجدبنة؟)، والعفة هي ذلك الوسط المتأرجح بين الجمود والشره.
كذلك فإن كل الحياة تقوم على المخاطر، حتى لو هربنا منها؛ ففي أمريكا يموت كل سنة 300 إنسان حتف أنفهم في مغاطس الماء وهم يستحمون، ويموت أكثر من 2500 بالسقوط من عتبة البيت أو السلالم، فالعالم ليس مكانا آمناً تماماً، والموت أقرب لأحدنا من حبل الوريد...
والشاب (مارك دوغيت) من بريطانيا وعمره 24 سنة ذهب ليحتفل بعيد ميلاده الأربع وعشرين؛ فرجع محمولا على نقالة بأربع دواليب إلى المقبرة.
لقد تراهن مع من حوله من الشبان عن استعداده لتجرع أربع وعشرين كأسا من الشمبانيا، وفعلاً قام بدلق تلك الجرادل من الكحول في معدته، والشباب والبنات من حوله يصفقون له ويهتفون؛ فلما انتهى (البطل) من (الزقنبة) هتف الجميع بحياته فقد مات بدون رجعة..
وكما كشف عن هورمون الخوف؛ فنحن نعلم حاليا من الأمراض العصبية أن خلف الكآبة تدني السيروتونين، وحدثني من أثق به أن أخا له فقد غلامه فكاد أن يهلك جزعا، ويخسر وظيفة هامة يعمل فيها كمشرف على مشروع، فتناول عقاقير الأدوية المضادة للكآبة فتحسن ونشط من عقال.
واعرف صديقا لي أصيبت زوجته بانهيار نفسي فتغيرت حتى ما عرفتها، وبعد العلاج عادت وكأن مسا من الجن تركها..
والأمراض النفسية هكذا..
وهكذا فيبدو أن حياتنا الروحية مرتبطة بالدماغ، والدماغ يقوم على السيالة العصبية، وهي بدورها مكونة من إفراز أكثر من أربعين مادة مختلفة، تشكل لغة الدماغ الروحية من مزيج حروفها.
فبأي آلاء ربكما تكذبان؟؟
وأما هورمون الحب فقد كشفت عنه دايان آكرمان (Diane Ackerman) في كتابها “تاريخ طبيعي للحب” (A Natural History of Love) فقد وصلت إلى أن مادة (phenyl ethylamine) هي المسئولة عن عاطفة الحب، ويشار إليها اختصارا ب(PEA)، فتتدفق بغزارة عندما يلتقي شخصان ويعجبان ببعضهما.
وهذه المادة التي يفرزها العقل تزيد نشاط العقل إلى درجة عالية، حيث تساعد على زيادة سرعة نقل المعلومات بين الخلايا العصبية بشكل كبير، مما يحدث شعورا بالانتعاش والإثارة والسعادة والطاقة العالية.
وتقول ابنتي عفراء الصحفية إن هذا “يفسر قدرة المحبين على المحادثات الطويلة في آناء الليل وهم مغمورين في السعادة وبمادة “البيا”، التي ربما بدونها ستكون هذه المحادثات مملة ومدعاة للنعاس”
بنفس الوقت فقد توصل العالمين الأمريكيين (Michael Liebowitz) و (Donald Klein) في المؤسسة النفسية في ولاية نيويورك إلى اكتشاف عمل هذه المادة، واكتشفوا أيضا أن بعض الناس يدمن على تدفق هذه المادة مما يجعلهم عرضة للوقوع في قصص الحب، الواحدة تلو الأخرى، وأسموهم ب«مدمني الإعجاب».
واعتبرا هذا نوعاً من الخلل النفسي، ولم يكن أمامهم إلا إعطاء الترياق المناسب، مثل معالجتنا لمرضى النزف بالفيتامين (ك)، فأعطيا مرضاهم ما يخفف تدفق “البيا” في الدماغ؛ فرجعا إلى حالة السواء وودعا الغرام المجنون؟؟.
انبثاق الوعي من رحم التعقيد:
إذا كان التراص الداخلي لذرات الفحم هي التي تقلب هباب الفحم إلى ألماس، والسكر إلى فحم، وإذا كانت المركبات الكيماوية تقلب السم إلى ترياق بدون تغير كمي بل بتغيير نوع الترابط الداخلي للذرات، وإذا كانت المجتمعات تتباين بطبيعة شبكة العلاقات الاجتماعية التي تحكمها داخلياً؛ فإن الدماغ على المستوى البيولوجي يفعل شيئاً أرفع بكثير من هذا، بتدفق الوعي من رحم التعقيد المنظم الرهيب.
إذا كانت ذرات الهيدروجين والأوكسجين وهي غازات تنقلب طبيعتها بالكامل أثناء الاتحاد، فإن ما يحصل في طبيعة هذا التعقيد المرعب للوصل العصبي بين النورونات؛ انه يمكن من فهم انبثاق الروح من المادة.
هذه الفكرة ينحو اتجاهها رواد بحث الجملة العصبية الحديثون من أمثال (روجر سبيري) و (تشارلز شرنغتون) و(جون أيكلس) و (وايلدر بينفيلد) الذي أنجز أعظم أبحاثه في علاقة المادة العصبية بالروح في كتابه الهام (لغز العقل The Mystery of Mind).
وينقل (تشارلز فيرست) في كتابه (الدماغ والفكر) عن أحد الرواد العظام في فيزيولوجيا الأعصاب هو (روجر سبيري):
(النظرية الحديثة لروجر سبيري أبو الأبحاث على مرضى الانشطار الدماغي، التي تساند نظريته القول بأن الوعي ناشئ عن الخواص الوظيفية لسياقات دماغية ذات ترتيب عالٍ)
كما يستشهد بعملاق آخر من عمالقة البحث العصبي هو (جون ايكلس) الذي (يبين أن الجهاز العصبي المركزي يبدي درجة شديدة جداً من التعقيد أعظم من أي جهاز منظم معروف في الكون، ومن الطبيعي أن يسبب التعقيد المنظم العجيب للدماغ انبثاق خواص من طراز شديد التباين عن كل ما جرت مشاركته مع المادة من خواص حتى الآن كالتي لمسناها عن طريق الكيمياء والفيزياء)(11).
وجود النوع وترقية النوع:
يذهب صاحب مدرسة علم النفس الإنساني أن حاجيات الإنسان هي ليست فقط (بيولوجية) كما ذهبت إلى ذلك مدرسة علم النفس التحليلي التي كانت (موضة) قوية متفشية في أوروبا مع بداية هذا القرن، بل يمكن بناء هرم متدرج لحاجيات الإنسان، بحيث لا يتم الاستغناء عن الحاجات البيولوجية، وهكذا يحدد (أبراهام ماسلو) الحاجيات الإنسانية بخمسة، تجلس في قاع الهرم وتشكل قاعدته الحاجات البيولوجية، التي تنبني عليها بقية الحاجيات: الفسيولوجية (PHYSIOLOGICAL NEEDS)
الأمن ( SAFETY NEEDS - SECURITY )
الانتماء ( SOCIAL NEEDS - AFFILATION )
والتقدير ( (ESTEEM NEEDS - RECOGNITION )
وتحقيق الذات ( SELF - ACTUALIZATION NEEDS )(12)
والملاحظ أن التقدير هو محاولة كسب احترام الجماعة التي يعمل في وسطها، في حين أن تحقيق الذات هو إشباع ميوله الداخلية بما يخلد ذكره ويثبت تقديره في وسط الجماعة.
والآن هل يمكن فك جدلية الغرائز والعواطف والعقل؟
إن الغريزة تحافظ على النوع كفرد، وتنشر النوع كجماعة من خلال بيولوجيا الطعام والشراب والجنس، ولكن العقل يقوم بترقية النوع، وهذا الذي أدخل إلى المجتمع الإنساني آلية التغيير التي لا تتوقف .
مراجع وهوامش :______
(1) تشير الروايات التاريخية إلى أنه يوحنا المعمدان وهو في إطار الثقافة الإسلامية النبي يحيى وإن كان القرآن لا يشير على وجه التحديد إلى نهاية هذا النبي ولكن القرآن أشار بشكل واضح إلى (ظاهرة) قتل الأنبياء في المجتمع اليهودي (وقتلهم الأنبياء بغير حق).
(2) يراجع كتاب ( الجزء والكل محاورات في مضمار الفيزياء الذرية ) تأليف فيرنر هايزنبرغ ترجمة محمد أسعد عبد الرءوف نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب الألف كتاب الثاني رقم 27 فصل ( تصرف الأفراد أثناء الكارثة السياسية ) ص 201 حتى ص 217
(3) يراجع كتاب علم النفس والأخلاق (تحليل نفسي للخلق)(PSYCHOLOGY AND MORALS ) تأليف ج . ا . هادفيلد ترجمة محمد عبد الحميد أبو العزم نشر مكتبة مصر بحث الذات المنتظمة ص 104
(4) قبل فترة قصيرة أعرف عن فتاة من محيطي حيل بينها وبين من تحب لسنوات طويلة واستنجدت بي لمساعدتها في الزواج وتركتها وعدت إلى المملكة ونسيت الواقعة وفجأة وبدون مقدمات تبرز هذه الفتاة المعذبة في منامي عصر يوم جمعة وكأنها كانت ميتة وبعثت إلى الحياة وهي في حالة انتعاش روحي مدهش، لم أعرف ماذا حدث بالضبط؟ ولكن أياما لاحقة جلبت لي تفسير المنام بانزياح معارضة الأهل وموافقتهم على الزواج ممن تحب وكان في نفس الوقت حسبما روى لي والد الفتاة.
(5) يراجع كتاب كولن ولسن (الإنسان وقواه الخفية) ترجمة سامي خشبة دار الآداب بيروت فكرة قوة الروح عند هنود أمريكا ص 5.
(6) يراجع كتاب الإخوان والثورة تأليف حسن العشماوي نشر المكتب المصري الحديث ص 142 144 حيث ذكر عن قصة عجيبة وهو في مخبأه أن الماء كان يأتيه كل أسبوع في الصحراء، وإذا بصوت أخيه المتوفى يناديه بدون توقف مثل إنذار الخطر ( حسن .. حسن .. قم يا حسن .. قم وانزل قبل أن تنتهي ) فظن أنه تلبسه الجن أو فقد عقله في هذه العزلة الصحراوية الطويلة، ولكنه أدرك بعد ذلك أن هذا النداء كان لإنقاذ حياته حيث توقف النداء عندما دخل مكانه ورأى القربة والماء يقطر منها، وكان انتهاء القربة يعني أن يقضي نحبه في الصحراء عطشاً بدون رشفة ماء.
(7) شرح الغزالي نظريته الأخلاقية في كتابه الموسوم (معارج القدس في مدارج معرفة النفس) وكذلك في كتابه الشهير (إحياء علوم الدين).
(8) جاءت هذه الرواية في كتاب العقل البشري تأليف جون بفايفر ترجمة الدكتور م . عيسى نشر مكتبة النهضة المصرية ص 76.
(9) كتاب الإنسان باللغة الألمانية (DER MENSCH) نشر مؤسسة (GEO) الألمانية الشهيرة
(10) تم تحديد هذه الفكرة في مقال نشر في المجلة الألمانية معجزة التطور ( DAS WUNDER DER EVOLUTIO ) مجلة (P . M . P .) فصل الاختراع الأعظم للتطور لا يزيد عن 1300 غرام ص 56
(11) الدماغ والفكر تأليف تشارلز فيرست ترجمة محمود سيد رصاص نشر دار المعرفة دمشق ص 229 وص 231
(12) يراجع في هذا كتاب الأمة المسلمة تأليف الدكتور ماجد عرسان الكيلاني نشر مكتبة دار الاستقامة ص 136


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.