أشياء كثيرة تختفي في أزمنة الفوضى والصراعات والحروب تختفي من الواقع بعد حضورها وتظهر في قواميس الأمنيات وحتى الأمنيات تأخذ ألواناً أخرى تناسب تلك الأزمنة.. أحاديث الناس تختلف واهتماماتهم تختلف بحكم القائم من الأوضاع والحاصل من الأحداث.. لم يعد هناك من لايدرك ما الذي يختفي في حضرة الصراعات والحروب وما الذي يحضر؟ الجميع يدركون ذلك إلا من أصابته عاهة في عقله وفهمه فاختلطت عليه الأمور وغاب عنه التمييز، أو من أغلق عن قصد باب الادراك وأراد أن يفهم كل شيء على النحو الذي يتوافق مع هدف إغلاق باب الادراك وتعطيل لغة الفهم. والإغلاق والتعطيل في هذه الحالة هما من أسباب نشوب الصراعات والحروب والفوضى بشتى أنواعها وصورها.. ولكي تكون الصورة واضحة في هذا الجانب يجب التأمل في الأسئلة التالية والاجابة عنها: هل يمكن الحديث عن العلم والثقافة في زمن الحرب؟ وهل يمكن الحديث عن التنمية بأي مستوى من المستويات؟ وهل ثقافة الفوضى والحروب مثل ثقافة البناء والاستقرار والسلام؟ وهل أمنيات الناس والمجتمعات في زمن الحروب مثل أمنياتهم في زمن الأمن والاستقرار؟ وهل الأوضاع النفسية للناس في الزمنين سواء؟ هل القيم والأخلاق في الحالتين مثل بعضها؟ أسئلة كثيرة في مختلف نواحي الحياة تطل لتوضيح الفروق بين أزمنة الأمان والسلام وأزمنة الفوضى والحرب وفي ذات الوقت لإظهار الفروق الكبيرة بين رجال الزمنين وبالتأكيد لكل زمن رجاله، وهناك فرق وأكثر من فرق بين من يبحث عن أسباب الأمن والسلام ويفتش عنها ويتمسك بها لصناعة السلام في المجتمع وبين من يسلك سبل الفوضى ويختلق أسباباً للحروب وأسباباً للأزمات أو المشكلات التي تفضي للصراع والحرب في أزمنة الأمان و يجري الحديث عن المستقبل الأفضل وعن التنمية الشاملة والعمل يأتي مصداقاً للحديث في حضرة العقل والقيم السوية حينذاك في أزمنة الأمن والاستقرار تكون هموم الناس تتعلق بأشياء أخرى بينما في زمن الحرب تعود إلى الطلب الأول وهو مطلب الأمن والأمان ولا شيء غير ذلك ويصبح الأمن أول الهموم وآخرها وأكبرها والأمنيات كلها تتجه نحو التحول من حالة الصراع والخوف إلى حالة الوئام والأمن. في أزمنة الحرب يصبح التفكير بغير اسكات أصوات البنادق والمدافع والقذائف الأخرى ضرباً من السخف والسذاجة وخفة العقل، وفي أزمنة الحرب تكون السلامة من نيران المتصارعين أو المتحاربين محط كل الاهتمامات وغاية كل إنسان، لكن أزمنة الأمن والسلام ليست بحاجة لأن نعدد مزاياها فهي معلومة للجميع دون استثناء لعاقل أو لصاحب مبدأ سليم أو منطق حكيم .. أزمنة السلام والاستقرار لا تحتاج إلى تجميل لأنها جميلة وفاتنة بذاتها وكذلك هم اصحابها وعشاقها لا يحتاجون إلى اطراء أو مديح أو تجميل من أي نوع . المطلوب ليس أكثر من فهم للفروق بين أزمنة السلم وأزمنة الحرب وإدراك لما يغيب ويحضر فيهما من الأمنيات والأحلام والثقافات والأعمال والسلوكيات والتصرفات .. المطلوب أن يدرك الجميع أهمية الأمن والاستقرار وعواقب الفوضى والصراع قبل فوات الأوان .. بالإدراك والوعي نستطيع ان نحدد أي زمن نريد وأي واقع نعيش ؟ يجب ان نفرق بين أسباب الأمن ودواعي الحرب وبين من يؤسس لسلام دائم وشامل ومن يفخخ الحاضر والمستقبل بأسباب الصراعات والحروب لدوافع وأهداف ليست محلية , ما يظهر منها هو الوجه المضلل والزائف والذي يغطي على الحقائق أو يحاول أن يفعل ذلك .. المطلوب هو الوعي السليم الذي يأتي بالسلم والسلام والأمن ويمنع الصراعات والحروب.