(مخرّب غلب ألف عمار) هكذا يقول المثل الشعبي وهي حقيقة نلمسها على أرض الواقع فما أسهل أن يقوم الواحد منا بهدم منزل في ساعات قليلة وهوالذي استغرق بناؤه سنين، فالتخريب سهل وسهل جداً ولامشاق أو معاناة يواجهها من يقوم به. أما البناء فهو شاق ويحتاج إلى الجهد والمال من أجل أن يرى النور. ومن هذا المنطلق فقد صعقت وأنا أستمع إلى مضامين المحاضرة القيمة التي ألقاها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح أمام الدارسين والأكاديميين في الأكاديمية العسكرية العليا وخصوصاً في الجزئية الخاصة بالكلام (الأهوج) الذي قاله أحد أعضاء اللقاء المشترك(سنعمل على هدم وتدمير الوطن ومنجزاته وتدمير السلطة ونبنيها من جديد) وهذا الكلام لايصدر إلا عن شخص معتوه حاقد على اليمن ومايسعى من أجله يتنافى جملة وتفصيلاً مع جوهر العملية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وليس من مصلحة المعارضة أن تعمل على هدم وتدمير الوطن ومنجزاته، لأن الوطن ملك للجميع سلطة ومعارضة ومنجزاته العملاقة التي تحققت له هي ثروة وطنية لايجوز التفريط بها أو الاساءة إليها بأي شكل من الأشكال.. من حق المشترك أن يعارض ويمارس صلاحياته التي كفلها الدستور والقوانين النافذة، ومن حق المشترك أن يوجه النقد البناء للسلطة الحاكمة من أجل تقويم الإعوجاج وتصحيح المسار إذا كان مبرراً لذلك ولكن ليس من حقه التآمر على الوطن والسعي للفتك به وتدميره والنيل من منجزاته ومكتسباته العظيمة والخالدة، هناك طرق ووسائل عدة وخيارات سليمة وقانونية متاحة أمام المعارضة لإثبات ذاتها وتحقيق طموحاتها وتطلعاتها السياسية وفي طليعتها المشاركة الديمقراطية الفاعلة عبر صناديق الاقتراع والتي من خلالها يتم التنافس الشريف من أجل كسب ثقة وتأييد الناخبين وخصوصاً أن لديها وسائل عدة للقيام بهذه المهمة ولامبرر للفوضى والأعمال الصبيانية التي لاتلقي بالاً للوطن ومصالحه ومكتسباته ومنجزاته .. المعروف والمتعارف عليه في بلدان العالم الديمقراطية أن المعارضة هي الوجه الآخر للحكم وأن معارضتها للسلطة الحاكمة تصب في خدمة الوطن، فهي تراقب الأداء وتعمل على تقييمه من أجل أن تعمل السلطة الحاكمة على معالجة الأخطاء وتجاوز أوجه القصور والخلل وتشيد بما هو إيجابي بهدف تعزيزه والمضي فيه قدماً نحو الأفضل، وهي المرة الأولى التي أسمع فيها أن المعارضة تهدف إلى هدم الوطن وتدمير منجزاته وتدمير السلطة ومن ثم تقوم بعملية بناء كل ذلك من جديد ولا أعلم ماهو الذنب الذي ارتكبه الوطن في حق هذا المعارض(الساذج) حتى ينصب له العداء ويسعى إلى تدميره. إن بناء الوطن ووصوله إلى ماوصل إليه من تطور ونهوض شامل وطفرة حضارية وتنموية شاملة كلف الخزينة العامة للدولة ميزانيات مهولة جاءت مجسدة للخطط والبرامج الحكيمة وما تحقق صار ملكاً لكل أبناء اليمن، وعيونهم اليوم وتطلعاتهم نحو المزيد منها وذلك لمواكبة النهضة والتطور الذي يشهده العالم، هناك العديد من أوجه القصور وهناك سلبيات وأخطاء وهي محط الاهتمام وبصدد المعالجة الناجعة لها وهذا شيء طبيعي فالكمال لله وحده ولكن من غير المنطقي أن يصل الحمق السياسي بالبعض إلى الإضرار بالوطن وتدميره من أجل الوصول إلى سدة الحكم، وكأن المعارضة تريد من وصولها للحكم خدمة مصالحها الشخصية الضيقة بدليل أن نواياهم الشريرة التي أفضح عنها ذلك(المريض) أظهرت مدى حقدهم على الوطن وزيف دعاويهم الباطلة والاستغلالية بأنهم ينشدون من وراء معارضتهم مصلحة الوطن، فهل مصلحة الوطن في هدمه وتدمير منجزاته؟ لا أعتقد ذلك. أما تدمير السلطة وبناؤها من جديد فلاحاجة ولامبرر له مادام الصندوق هو الحكم، فالانتخابات فرصة ثمينة لكافة القوى السياسية للنزول إلى الناخبين بواسطة برامج انتخابية يتنافس الجميع بها ومن خلالها يمنح الناخبون أصواتهم للبرنامج الأنسب لهم بقناعة تامة، ومن يحوز على الأغلبية فإنه ينال شرف إدارة شئون البلاد وتصريف كافة شئونها ومن يخسر فعليه أن يراجع حساباته ويدرس أسباب إخفاقه من أجل أن يتلافاها في المستقبل،أما أن ندعي قبولنا بالنهج والخيارات الديمقراطية وعند تعرضنا للهزيمة في الانتخابات نتنصل عن قيم ومبادىء الديمقراطية فهذه مغالطة مفضوحة ينبغي على أحزاب اللقاء المشترك الترفع عن الوقوع فيها وممارستها. وقد يقول قائل: ماذنب المشترك .. هذه التصريحات عبارة عن آراء فردية عبر عنها شخص أو عدة أشخاص فلماذا التعميم؟!! وللقائل هذا أقول: لو أننا سلمنا جدلاً أن ماذكرناه مجرد رأي شخصي؟ فلماذا لم تسارع أحزاب اللقاء المشترك بإدانته والتعبير عن رفضه والاعلان عن أنه لايمثل وجهة نظرها، فالحاصل أن القيادي المعارض المحسوب على المشترك الذي تفوه بهذا الكلام قال جهراً ما تعمد أحزاب المشترك على قوله سراً ولذلك فضل الاخوة في المشترك الدعممة واللامبالاة حيال ذلك وكأن الوطن ملكية خاصة للمؤتمر الشعبي العام وللسلطة الحاكمة، متجاهلين أن الوطن ملك الجميع وماتحقق له من منجزات وماشهده من تحولات نوعية في مختلف المجالات لم يأت وليد الصدفة ولامن فراغ وإنما جاء ثمرة جهود وطنية مخلصة عملت على بنائه وتشييده طوبة طوبة حتى غدا شامخاً مزدهراً يتحف كل من يشاهده. وفي الأخير لابد أن تعي المعارضة أن مواقفها المعادية للوطن لن تمكنها من الوصول إلى ماتصبو إليه وستكسب عداء كل أبناء الوطن وهو مايحتم عليها العودة إلى جادة الحق والصواب والابتعاد عن الولاء الخارجي على حساب الولاء الوطني وأذكرهم بماقاله فخامة الرئيس لهم في محاضرته الوطنية القيمة سالفة الذكر والتي جاء فيها(نحن نؤمن بالديمقراطية وحرية الرأي والرأي الآخر دون التجريح، دون أذى للوطن دون المساس بمصالح الوطن دون الولاء لخارج الوطن ابتعدوا عن الولاء الخارجي فيكون ولاؤكم لله ولهذا الوطن لاأحد يكذب على هذا الوطن، لاتتباكوا على هذا الوطن وأنتم تسعون لهدمه) وعليها ان تدرك أيضاً أن الهدم والتخريب مهمة سهلة أما البناء والتعمير فهي مهمة شاقة ومتعبة ومكلفة ولن يقف أبناء الشعب مكتوفي الأيدي أمام أي قوى تحاول تهديد الوطن وهدم منجزاته وتهديد أمنه واستقراره ووحدته، فكل شيء يهون دون الوطن وهي بديهية لابد أن يعيها الجميع في السلطة والمعارضة. Fatah [email protected]