كانت الصين تملأ الآفاق بمثالياتها التي كان يجسدها أبناؤها في كل مكان من العالم الثالث الذي اتجه ماو تسي تونج زعيم الثورة الصينية نحو الدول الفقيرة ومنها اليمن بمشاريع استراتيجية كطريق الحديدة- صنعاء وطريق صعدة- صنعاء ومصنع الغزل والنسيج بصنعاء ومستشفى تعز العام الذي يعرف اليوم بمستشفى الثورة.. ضف إلى ذلك البعثات الطبية التي ماتزال قوافلها السنوية تأتي وتروح للعمل بالمستشفيات الحكومية مجاناً وتقدم المساعدات الفنية كالأجهزة والأدوات والعلاجات وكأن المرضى اليمنيون يطمئنون إلى هؤلاء الذين شيدوا لبلادهم سمعة حسنة مثل تشييد الصناعة والزراعة والقدرات العسكرية ومنها النووية وسفن الفضاء ورواده بنجاح فاق ماسعت إليه الدول الكبرى الصناعية في الغرب والشرق..! تلك كانت فترة ماو تسي تونج ورفاقه الذين لم يظهر أحد منهم معارضاً لنظامه حياً أو ميتاً إلا بعد وفاته وعرفت بعصابة الأربعة فالتقطها الزعماء الجدد بذكاء وحكمة حيث حوكمت العصابة محاكمات طويلة ونفذ فيها حكم الاعدام، لكن النظام الشيوعي الاشتراكي بقي كمنهج ليس في بنوده مايشجع على التخلي عن دستور عام 38م مُدخلاً عليه طريقه العملي بالأسلوب الرأسمالي غير المطلق لتشجيع الرأس المال والاستثمار المحلي والخارجي بضوابط صارمة لاتستنثي أحداً من العقاب إذا خالف وإن كانت المخالفة لاترقى إلى درجة الخيانة العظمى في مفهومها العالمي.. وإذا بالعملاق الأصغر يحافظ على أيديولوجيته ويفتح الباب أمام الاستثمارات التي هبّت من كل مكان ويتحرك في كل اتجاه ويعمل أكثر من طاقته فأتقن بعلمائه ومهندسيه وسياسييه حتى شعر الغرب بخطورة الغزو والتفوق الصناعي الصيني لما رأوا أنه اقترب من تجاوز أكبر الاقتصاديات في أمريكاواليابان ويتفوق عليها بالكم والنوع.. ومثلما بدأت اليابان نهضتها وسط دعايات غربية تصور كل ماهو مصنوع في اليابان بالمغشوش والسريع التلف ورغم ذلك صمدت اليابان وحسنّت منتجاتها وأتقنتها ذهب الصينيون إلى ماهو أبعد بتقليد الصناعات الغربية والأمريكية واليابانية خاصة في مجال التكنولوجيا الالكترونية واتهموها بانتهاك الحق الفكري وحلت محل تلك الدول مجتمعة في أسواق العالم الثالث بكل ماهو جيد ورديء بل ومضر بصحة وحياة المستهلك.