كنت أحتفظ بسرٍ لم أذعه من قبل احتراماً للعزيز الفقيد يحيى الدرة رحمة الله عليه، لخصوصية كنت ومازلت أحترمها فيه ,وله، بالرغم من أنني من محبي برنامجه ومتابعيه ولاتخفى علينا جميعاً قفشاته وغمزاته المحببة وهو يلقي علينا كلمات تترسخ في الوجدان دائماً وأبداً ومنها ماجاء رداً على إحدى السائلات حول (باب اليمن والدائري) وسرعة بديهته وطرافة موقفه ورده المقنع.. والسر الذي أود البوح به اليوم , بعد أن توفى الله سبحانه عبده الغالي يحيى وصعدت روحه الطاهرة إلى جل جلاله.. يتعلق بلقاء حضرناه معاً في دولة الكويت في فترة الثمانينيات , لم تخني الذاكرة فقد كنا في حلقة نقاش في المركز العربي للتقنيات التربوية بالشويخ ,وكان يمثل آنذاك إذاعة صنعاء وأنا أمثل برامج الأطفال في تلفاز وإذاعة عدن مندوباً عن التربية التي كانت تتولى عدداً من البرامج في التلفاز والإذاعة بمعية الزملاء الأساتذة عوض بامدهف وعبدالمنان مهدي أقول التقينا في قاعة النقاش بمقعدين متجاورين ,لكن الوفود العربية كانت تتحدث عنا بسخرية وفكاهة، ويقول أحدهم (النص) يكمل (النص) ويسنده بالكلام والقصد معروف اننا كنا (شطرين) أي انصاص لديهم ولايؤكد حديثه إلا كلامي والعكس صحيح. كنا ننزل في فندق (البيت الثاني) بالكويت وكان يحيى يتحرج كثيراً عندما يرى النظرة إلينا فقال لي يا ولدي (وهذه أمانة) أنا ما أفهم في برامج الأطفال أنا أقدم برامج دينية وغيرها ,وأوكلك بالحديث نيابة عني قلت له هذا لايكفي لأنهم يعتبروننا انصاصاً أو انصاف دولة ولذا يجب أن نعمل شيئاً، لم يدعني أكمل فقال: بكرة نحضر اللقاء بمقعد واحد يمثل اليمن الواحد ,وكنت انا (الحزبي) اعلم خطورة ذلك علي، لكنني وافقت ولم أبلغ سفارتنا بالكويت بما حدث ومثلنا الشطرين بمقعد واحد ورؤية واحدة منه ومني.. وهذا موثق في المركز في الكويت وفي وثائقنا كمشاركين وعندها تم التصفيق وإظهار الاحترام لليمن الذي حضر في النقاشات والحلقات كلها بمقعد واحد.. هذا هو يحيى الدرة الذي كبر وشمخ في الكويت بين العرب المشاركين, وازدادت عظمته عندي لأنه كان صادقاً ودوداً يمقت التشطير ,ويبارك الوحدة قبل تحقيقها بسنوات كثيرة، وحقيقة أنني ذيلت تقرير مشاركتي بما حدث وكنت أتوقع عقوبة حزبية في عدن , ولكن يشهد الله أن الموضوع لاقى استحساناً ومباركة وتشجيعاً لأن الكل كان هاجسه الوطن والوحدة والتوحد ,ولكنها الخطوة التي تجرأ على فعلها المرحوم يحيى ناصر الدرة الذي اطلقوا عليه في الكويت (يحيى أوقاتاً) لأنه كان يتحدث عن القات بكراهية ويصفه بأنه المفسد للحياة عموماً.. لكنه يؤكد أن التخزين (أوقاتاً) معينة لايضر مثلما هو (دائماً)! هكذا كانت مشاركتنا في ذلك المؤتمر حول برامج الأطفال والمناهج ومقررات التربية الوطنية في (الشطرين) ولكن باسم اليمن حتى إن المدير المالي للمؤتمر اقترح مازحاً: إذن ليكون المخصص المالي لواحد يكفي الاثنين فهل توافقان, وضحكنا وضحك معنا الجميع.. لقد كان الفقيد على مستوى عال من الثقافة الإسلامية واندهش المشاركون عندما عرفوا أن الرجل المتواضع هو قاض ومعد برامج ومذيع وخطيب وصاحب اسهامات في المجتمع والحياة.. وكانت كلماته الأخيرة عند سفرنا هو إلى صنعاء وأنا إلى عدن أمانة عليك ياولدي ياحكيم لو ما تصل عدن ألا تكلم أحداً.. واترك ذلك للزمن.. وفعلاً حفظت الأمانة من النشر ما عدا تقرير جهة العمل الذي يعتبر سرياً وتناقشه المنظمة الحزبية فقط ولاتذاع نتائجه البتة! تذكرت أستاذي الجليل الدرة الخالصة والعقيق اليماني الأصيل تذكرته وفاضت دموعي وقد كنت أتابع برنامجه (فتاوى) الشيق المفيد.. ولكنها إرادة الله ولاراد لها.. فنم ايها الفقيد الغالي في جنان الله .. ولك الخلود ابدأ ولذويك الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.