تجتاح بلادنا اليوم - ومثل غيرها من البلدان - موجة من التطرف الديني والمذهبي والمناطقي والسياسي؛ ربما بسبب الانفتاح الديمقراطي وحرية التعبير وبروز التعددية كظاهرة اجتماعية إيجابية تترشد التجربة يوماً بعد يوم من خلالها.. إن التطرف عملي سلوكي ينعكس سلباً على أمن المجتمع واستقراره, يعيق التنمية الاجتماعية ويهدد السلم الاجتماعي بالكثير من الصراعات والمشاكل التي تشغل الدولة عن خطط التنمية والنهوض الوطني. ذلك التطرف يعبر عن نفسه بأشكال وصور وأعمال عنف موجهة إما ضد الدولة وأجهزتها ومؤسساتها والمنشآت الاقتصادية، وإما ضد المجتمع من خلال فرز المواطنين على أساس مناطقي هذا شمالي وهذا جنوبي, الأمر الذي يؤدي إلى إقلاق الأمن وضرب الاستقرار وإشاعة روح الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد. يبدو أن التطرف يعمل بأجندة داخلية وخارجية, مدفوع من قبل أطراف تسعى لضرب الاقتصاد اليمني عن طريق ضرب السياحة التي تدر على الخزينة العامة والمجتمع دخلاً لابأس به وضرب الاستثمار من خلال قطع الطريق عليه حتى لايصل لأن المعلومات التي تصل إلى المستثمرين تفيد بأن اليمن بلد غير آمن أو مستقر فتدفع بهم تلك المعلومات إلى تغيير اتجاههم إلى بلد آخر. التطرف الديني أو الاجتماعي أو السياسي يشوه صورة اليمن واليمنيين ويسيء إلى سمعة الحياة برمتها, كما أنه يعمل على فقدان ثقة الإخوة والأصدقاء بنا وبقدراتنا على بناء مجتمع آمن مستقر ديمقراطي. ما من شك بأن للتطرف علاقة مباشرة وغير مباشرة بتردي الأوضاع المعيشية وازدياد معدل البطالة وظهور صور وأشكال للظلم الاجتماعي, والصراع السياسي المحتدم في الساحة وانسداد الحوار الديمقراطي البناء, الأمر الذي ساعد على ظهور التطرف في أعمال عنف سواء التمرد الحوثي أم قطع الطرقات وإحراق محلات المواطنين وأعمال الشغب وتخريب المنشآت وتدمير التنمية ومحاولة إيقافها، أو على هيئة خطاب ديني متشدد ومغالٍ يحاول إيقاف العقلية اليمنية عن العمل والتفكير والإبداع وتوجيه المجتمع باتجاه الصراعات الهامشية والقضايا الشكلية. ظاهرة التطرف الديني والاجتماعي والمناطقي بحاجة إلى معالجات سريعة وجذرية, تأخذ بعين الاعتبار البعد التربوي والتعليمي والتعبوي والتثقيفي والنفسي والمعيشي والاجتماعي, بشرط أن نعمل بجدية وإيقاف العبث أو الاستخدام السيىء للدين من قبل هذا أو ذاك ضد الآخر المختلف معه, لأن استخدام الدين سلاحاً في معاركنا ضد بعضنا يشوش صورة وقيم الدين لدى الناشئة والشباب والمجتمع. التطرف هو الأب الشرعي للإرهاب المسلح الذي شوه صورة الإسلام وأهله حتى أصبح ملازماً لكل مسلم. [email protected]