كانت الأمثال، ولا تزال ، لسان الصدق والحدس والفراسة ، وقد نبغ العرب في الأمثال دون غيرهم، ولأنهم كانوا يدرسون الواقع، ولا يلقون بمثل إلا بعد دراسة وتمحيص وصدق في الواقع لا يقل عن 90 % في مقياسنا الحالي ! ولم يخب أي مثل عربي، ضُرب في مسألة ما، بل ووجد له مصداقاً منذ تلك الفترة، أي ما قبل ظهور الإسلام، حتى اليوم، ولن نجادل في سرد وتفسير الأمثال، فهي كافية في بيانها، وصدق طرحها ، لكننا سنعرض لمثل يجد صداه اليوم، وقد أثبته باحث عربي في (مجلة العربي) هذا الشهر، إذ أورد في استطلاع عن جزيرة (مالطا) حقائق تؤكد صحة ما ذهبنا إليه، وإن كان الكاتب صاحب الاستطلاع لم يشر إلى ذلك صراحة، لكنه قدّم ما يدل على المثل بالكلمة والعبارة والصورة فكان خير بيان لمثل سار. «إنك لا تؤذن في مالطا» مثل هكذا ينطق ، وقد تختلف الكلمات، لكن المعنى واحد.. وهذا بعد أن كانت (مالطا) في زمن مضى دولة إسلامية وفتحها المسلمون وكانت مثلها مثل (صقلية) و(الاندلس) وبقية مناطق المغرب العربي، والغرب المسيحي .. ولكن العرب لم يحافظوا على ملكهم مثل الرجال .. فبكوا عليه كما تبكي النساء، وصارت آثارنا في تلك البقاع تشكو حالها واهمالنا لها، وهنا يصدق المثل القائل (إنك لا تؤذن في مالطا) ! ومالطا أرخبيل مكون من ثلاث جزر هي : (مالطا – جوزو – كومينو) وتتبع ايطاليا وترتيبها من الأكبر إلى الاصغر على التوالي، وكانت عاصمتها القديمة (مدينة) فحولوها إلى (فاليتا) بعد طرد العرب منها واستيلاء المسيحيين (الكاثوليك في معظمهم) عليها ولم يتركوا فيها أثراً إسلامياً كالمساجد والمصلى عدا بنية المدينة وشوارعها والطابع العربي فيها من أزقة ومحال ونقوش وزخرفة .... إلخ. والمهم في الجزيرة اليوم عندما تسأل رئيس الجالية الإسلامية (كويتي الأصل) كم عددهم فيقول: (12ألف مسلم) لا يجدون مكاناً للصلاة ولوسألت مالطياً كم عدد الكنائس في مالطا يجيب على الفور : لدينا كنائس على عدد أيام السنة لكل يوم كنيسة ... وهذا دليل على أن لا مكان لمسجد أو مصلى لدى هؤلاء، فقد أغرقوا الجزيرة التي مساحتها عامة (316 كم مربعاً) بكنائس في كل مكان لتصل إلى (360 – 365) كنيسة وهذا هو حقد الكاثوليك هناك على الإسلام والمسلمين، رغم الرابط اللغوي والحضاري الباقي حتى اليوم .. في السنوات القليلة الماضية قام الرئيس الليبي القذافي ببناء مسجد يسمى باسمه ولكن الحديث لم يتناوله أبداً لا من الجالية المسلمة ولا من صاحب الاستطلاع بل اكتفوا بنشر صورة للمسجد كإشارة من باب أن الجالية في معظمها مهاجرون مقيمون ومؤقتون من ليبيا ومصر وسورية. ترى هل سنؤذن في مالطا ... أم نترك أجراس الكنائس تقرع طيلة أيام السنة.. الله وحده العالم، والقادر على هذه الأمور ... وله الشأن أما نحن فلسنا الا خانعين وراضين بما يجري، درينا أم لم ندرِ.. والسلام .