استطاعت المبادرة اليمنية أن تشق طريقها إلى متناول القمة العربية، وإلى أن تصبح ورقة عمل جادة مطروحة على كل الزعامات العربية ليس لمناقشتها فحسب، ولكن للتعامل معها، كل في موطنه على أنها منهاج عمل سياسي وثقافي ووطني وقومي واجتماعي ... إلخ يجب تعميمه واثراء أبجدياته ومضامينة بالدراسة والتحليل من قبل مراكز التنوير الإعلامية والأكاديمية بغرض نشر نورها ملء الآفاق العربية الملبدة بالظلمة والعقول المليئة بالإحباط والقلوب المليئة بالمشاعر التي يسيطر عليها الانهزام والاستسلام للواقع العربي المتشرذم حتى الهرولة وحتى المهزلة خروجاً بالفكر العربي الشعبي والرسمي إلى حالة من التوقد والتحرر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من طموحنا العربي المتسول في شوارع المذلة والهوان الذي أودى بنا إلى ما نحن عليه اليوم كأمة عربية إسلامية ووطن عربي كبير من ضعف وتفسّخ جعل منا أرضاً وإنساناً فريسة سهلة لأعداء العروبة والإسلام ينخرون قوتنا وينهبون ثرواتنا ويتكالبون على أجزاء من وطننا الكبير في فلسطين والعراق ولبنان و.المبادرة اليمنية .. خيار العرب الأمثل.. و..... إلخ كالذئاب المتوحشة فيسفكون دماء الأطفال ويهدمون المساكن ويحرقون المزارع ويعتدون وبكل وقاحة على مقدساتنا الدينية. نعم أقول : إن مثل تلك المبادرة قد جاءت صوتاً للضمير العربي صارخاً في وجه الصمت البليد منطلقاً من اليمن .. وطن العروبة والإيمان والحكمة والتاريخ.. ووطن الوحدة القدر والمصير الممتدة فينا جيلاً بعد جيل منذ الزمن (اليزني) الذي أرس مداميك التوحد للأرض والإنسان وحتى عصر (الصالح) الوحدوي الذي ملأ الدنيا أناشيد افتخار بوحدته التي جاءت إلى تاريخ أمتنا صباح الثاني والعشرين من مايو المجيد، ليبقى الرمز قائدنا علي عبدالله صالح وهج الفكر وإنسان الوحدة الشماء في الزمن المعاصر، وتبقى الوحدة اليمنية الخالدة نبع نضالنا العربي المتدفق بطموحاتنا الحالمة بالتوحد.. ويبقى وطننا الأرض والإنسان (محك التجربة) تجربة التمرد على التشرذم وصولاً إلى ما ينبغي عليه أن نكون من التوحد .. ولقد جاءت المبادرة اليمنية في هذه اليوميات المعاشة بمثابة العنوان المتوثب بالطموح أبجديات صاغتها إرادة أمة وقيادة وطن مؤمنة ورثت عن أجدادها مجد البطولة والرجولة والكبرياء المضمّخة بالكرامة.. وإنها – أي المبادرة اليمنية – العنوان الذي توحدت فيه كل تفاصيلنا المجزأة لتبدو كلاً لا يتجزأ وموقفاً وطنياً وقومياً ثابتاً وضع الوطن العربي الكبير شعوباً وقيادات في موقع الاختيار بين أن نكون أو لا نكون ... والمتأمل للمبادرة يجد أنها لسان حال موروثنا الوحدوي المتجذر فينا نحن اليمانيين فكراً وسلوكاً وحياة... صحيح أن إيماننا بالوحدة الوطنية أو العربية الشاملة يتطلب تضحيات جسيمة لكن !!من يخطب الحسناء لا يغله المهر وللعرب جميعاً في وحدتنا اليمنية وتضحيات شعبنا في سبيل الدفاع عنها وترسيخها الشاهد العيان. فهل سيقف العرب الزعماء لحظة شجاعة حتى لا تبقى المبادرة أسيرة التمترس بين الواقع والطموح وأن نراها ولو بخطى بطيئة قيد التفعيل؟