أي شعب نحن إن لم نكن على قدر كبير من الخصوصية المتفردة في مواقفنا المبدئية والثابتة تجاه قضايا أمتنا العربية والإسلامية؟ أية قيادة سياسية هي قيادتنا إن لم تكن في مواقفها ترجمان فكر ومشاعر وأخلاق وثوابت الأمة اليمانية في علاقتها بقضايا وطنها العربي الكبير المصيرية؟. وأي وطن هو وطننا «اليمن» إن لم يكن الأرض التي تشغل حيزاً مميزاً على خارطة العروبة من المحيط إلى الخليج والتي لا يقبل ترابها النقي دنس الاحتلال العفن؟؟ وإن لم يكن الإنسان الذي يجري في شرايينه دم النخوة والشهامة والكرامة وكبرياء شموخنا اليماني الأصيل الذي يمتد فينا جيلاً بعد جيل وإننا كذلك أرضاً وإنساناً على مر الزمن، تربعنا على عروش الصفحات الأولى للتاريخ، ولم تكبُ بنا الأيام حتى في عصور الانحطاط..وها نحن نعيش حاضر الأيام بكل تفاصيل واقعه المعاصر ولكن ! ليس بعيداً عن روابطنا التي تربطنا بأمتنا الكبيرة ووطننا العربي الكبير...وإنما قريب جداً منها لدرجة التميز الذي يمنحنا حق المبادرة في التجلي بكل شجاعة في كسر صمت التخفي المشين إيذاناً بحتمية الخروج من دوائر نومنا البليد الذي أودى بنا شعوباً وقبائل عربية إلى أحضان غربتنا عن حقيقة إنساننا العربي وترابه وتاريخه العريق، الأمر الذي كان مدعاة للأعداء الصهاينة وغير الصهاينة للتكالب علينا من كل حدب وصوب وصولاً بنا إلى ما نحن عليه اليوم في فلسطين والعراق ولبنان وسورية وكثير من مواطننا العربية الأخرى من معاناة يندى لها جبين الأمة التي تحظى بالموقع الجغرافي المميز وبالثروة المادية والبشرية وبالدين الإسلامي الحنيف . من أجل ذلك فإن اليمن التي يعرفها العالم كله دأبت مراراً وتكراراً على ترجمة مواقفها الثابتة التي تؤمن بها وترسّخت في ذاكرة شعبها إلى أفعال ملموسة شهدناها ومازلنا في موقف اليمن تجاه قضايا الأمة في فلسطين والعراق وجنوب لبنان والجولان والصومال ..إلخ مواقف تنم عن أصالة البلدة الطيبة وشعبها الأصيل حتى في أصعب الظروف التي تمرّ بها في مختلف مجالات الحياة.. مواقف يدوي صوتها عالياً ملء آفاق المعمورة منادياً بالحق العربي المطمور تحت ركام تشرذمنا الممقوت ومندداً بالعبث الصهيوني وغير الصهيوني الممارس لإذلالنا ونهب ثرواتنا والعمل المنظم على كتم أنفاسنا وسلب حقوقنا وإضعاف قواتنا في التوحد والوقوف الصلب في وجه الأعداء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من وحدة الصف العربي والبدء بترتيب شئون بيتنا العربي الذي أشرف على الانهيار في وقت تمادى فيه الصلف الإسرائيلي حتى بلغ ما يجري اليوم في قدسنا الشريف. اليمن أرض الإيمان والحكمة والقيادة السياسية الرشيدة رفضت الصمت ملاذاً في زحمة نداءات الواجب الديني والقومي والإنساني حفاظاً على ما تبقى من ماء وجه عروبتنا الممرغ في الهوان...وليست المبادرة اليمنية إلا صوت اليمن الذي لبى النداء كأصواته الأخرى التي نسمعها ملء المحافل الوطنية والعربية والإسلامية والدولية ملبية نداءات الواجب الصارخة من غزة والجولان وشبعا ومن كل مكان ينزف منه دم الفجيعة وليس من رجل رشيد...لهذا فإننا وبرغم إمكاناتنا المتواضعة إلا أن المد الوحدوي فينا وحكمة قيادتنا الوطنية المخلصة ممثلة في فارس العرب قائدنا الرمز فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية الذي أثبت من خلال إطلاق المبادرة اليمنية الأخيرة في قمة «سرت» أن اليمن ما زال وسوف يبقى برغم كل ما يعانيه من مشاكل صوت الأمة وضميرها الحي الذي يستنهض همم الأمة ويدهوها إلى الصحوة الحقيقية التي لا بد منها في ظل ما يعانيه وطننا العربي الكبير، وهذا لن يتأتى كما نصت عليه المبادرة اليمنية إلا بوحدة الصف العربي بشراً وفكراً ومقدرات،وإنه لمن العار أن يكون وطننا العربي الكبير بثرواته البشرية والمادية الهائلة وموقعه الجغرافي المتميز من العار ألا يكون له اتحاد عربي بكل ما تحمله اللفظة من معنى نظري وتطبيقي.. فلتكن المبادرة اليمنية طريق الأمة إلى المستقبل الواعد ولتكن مثار عودتنا إلى أصولنا التي تناسيناها في زمن الذل العربي.. ولتكن اليمن وزعيم اليمن وشعب اليمن بيارقً للتحدي وإشراقة نور على دربنا العربي الموحد.