ما إن يتحقق لها حلم حتى تصفق عصافير طموحها في صدرها المتسع الأماني ابتهاجاً بمولد حلم جديد.. وكأنها القادم الآتي في ثيابها الزاهية ممتطياً فرس الرهان. وما إن تحبل بالتغيير إنساناً وفكراً وحياة مواكبة للعصر على أرض الوطن، حتى نرى التغيير نفسه قد أتى مولده بين أحضانها حلماً أجد.. فكأنها الحلم الذي لاينتهي إلا لبدء دورة الإنتاج والإبداع في تحقيق ماتصبو إليه. إنها “الحالمة” “تعز” من الزخم النهضوي العام الذي يعيشه الوطن ترسم حياتها المعاصرة ازدهاراً متجدد العطاء كأحلامها المزدهرة. ومن حقائق جديد الإنجازات العظيمة التي تتحقق على أرض اليمن: تصنع “تعز” لنفسها متسعاً من العطاء لتبقى دائماً وأبداً ولادة حلمها المترامي الإصرار إلا أن يكونا. ففي البدء كغيرها من مدن وطننا وقفت “الحالمة” أياماً وأحلاماً وتضاريس متعددة وبيوتات عريقة وقفت إنساناً يمانياً أصيلاً يرفض الضيم ويعشق الحرية والكرامة والعدالة، وبكل إيمان وولاءٍ وصدق انتماء، فتحت ذراعيها لكل الحالمين والثائرين عشاق النور وأعداء الظلام فكانت “تعز” بوابة الثورة على أرض الفداء.. أرض ال26 من سبتمبر وال14 من أكتوبر. وكانت ثورة.. ثورة رضع ثوارها من ناهدي “تعز” أنفاس الحرية والفداء والبطولة والتضحية، وقرأ شهداؤها من أبجديات فكرها المتألق إبداعاً وحساً وطنياً أبياً.. قرأ الشهداء على هامها المزهو بكبرياءٍ لن تزول: سطوراً بلون تراباتها الزكية،كتبت بدم قرار الأوفياء الصعب في زمن الاستبداد. ثورة ملأت شوارعها وأعالي جبالها الشماء دوي الغضب الذي توزعه المدينة لكل الغاضبين على كهنوت التسلط والاستكبار. ثورة كانت تعز لسان حالها وتقرير مصيرها والبوابة الملتهبة ببراكين التحدي والانتصار. إنها “الحالمة تعز” هذه الجميلة الجليلة حسناء عرائس البحر والجبل على خارطة غانيات بلادي. لم يهدأ لها بال ولم تسكت ثورة غضبها بل ظلت بكل إيمانها وولائها وأصالة هويتها الأصيلة ظلت تصنع أجيالاً وأحلاماً متجددة كأهداف ثورتها المتجددة. ولم يفارق ديدنها هاجس الحلم الكبير قدر الشعب اليمني ومصيره “الوحدة اليمنية” ومثلما لعبت دورها الفريد والمتميز في صناعة الثورة والجمهورية وقوافل الثوار الأحرار: افترشت “تعز” مدينة لصناعة الهدف الذي تحكيه أناشيد بلادي الثورية لتبدأ الحالمة من جديد صناعة أكبر حدث وطني في تاريخ اليمن المعاصر. وأقول تعز لأنها هي من كانت همزة الوصل بين الشطرين وبصوتها الدافئ المتوثب لتحقيق المبتغى كثيراً ما كانت تهمس في أذني عابريها بإهداء السلام لشماريخ شمسان وأحياء عدن الحرة. إنها الوحدة اليمنية إذن التي صاغ ملامحها فخامة القائد الرمز، مَنْ حمل على عاتقه هموم الحلم ومَن تعز عبر الحالمون إلى صبيحة الثاني والعشرين من مايو 90م لتسمع بكل آذان المحبين صوت الوحدة اليمنية التي أشرق فجرها ملء آفاق الوطن لتظل تعز بعدها سيدة الحلم الكبير في الوطن الواحد الموحد وليعلو من بيوتات تعز المبدعة نشيد الوطن الموحد: “ردي أيتها الدنيا نشيدي” وليس “الفضول” إلا أحد رجالات الحالمة الوحدويين العظماء. أما الزعيم وحادي المسيرة الوحدوية العظيمة فقد جعل من تعز محطة أخرى للصمود والتصدي ضد كل أشرار الوطن من دعاة الانفصال الحاقدين، ومن تعز صرخ الزعيم بصوت الشعب الأبي “الوحدة أو الموت” فكان الانتصار للوحدة وظل ال 22 من مايو متجدداً في أيامنا حتى شبّ عن طوق الصبا ليبلغ العشرين عاماً من زمن الانتصار وليكون الاحتفال بهذه المناسبة بين أحضان تعز. فكأن النشوة التي شبت عن الطوق على موعد معها وكأنها وحدها من يحلو الاحتفال بالوحدة في هذا العمر البهيج بين ظهرانيها ليبدو مايو أكثر شباباً وتبقى تعز درة العيد المجيد.