اليمن.. وطن استثنائي على ظهراني المعمورة في نطاقها الأرضي الشامل لكل الدنيا، أو في نطاقها الخاص بالرقعة العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج وحالته الاستثنائية هذه ليست من حيث موقعه الجغرافي فقط ولكن من حيث أمور شتى أهمها: إنسانه الضارب عراقته في تخوم القرون الأولى للحياة البشرية على هذه الرقعة العربية،وماتوافر له ابن اليمن من صفات حياتية فكراً وسلوكاً وإنتاجاً وإبداعاً وغيرها من المقومات التي استطاع أن يجعلها جزءاً من تكوينه كالقوة والبطولة والشهامة وحب العدل ورفض الظلم وبناء القدرات الحضارية والإيمان بوحدته أرضاً وإنساناً وعشقه لوطنه والاستبسال في الدفاع عنه وحمايته والإخلاص في المحافظة على موروثه والارتقاء بحاضره وصولاً به إلى السمو بطموحاته المتوقدة ملء آفاق المستقبل...إلخ أو من حيث أرضه الطيبة الأصل وتاريخها الناصع الإشراق في كتاب الزمن المليء بالعطاء ونعيم المأوى المتجدد بالأمن والأمان والسلام والحرية والتكافل والتضامن ونبذ الفُرقة والعصبية والخيانة والمليء بالثورات العديدة ضد الظلم والاستبداد والغزاة التي روى لنا تاريخها اليماني ومازال يروي الحكايات الجليلة عن ملاحم الفداء ومعارك الانتصار للحق ضد الباطل وللعدل ضد الظلم وللنور والعلم ضد الجهل والظلام وللوحدة اليمنية أرضاً وإنساناً وفكراً وإبداعاً وحياة عامة اجتماعياً وعقائدياً وزراعياً وتجارياً وصناعياً ..إلخ بكل ما حملت تلك الحياة من طقوس استطاعت أن تخلد في ذاكرة الزمن جيلاً بعد جيل منذ بداية التكوين الوحدوي لهذا اليمن وإنسانه وترابه وإيمانه وبصيرته وحكمته الخالدة وحتى عصر «الصالح» الأكثر توحداً والأكثر فكراً وحدوياً راسخاً جمع في إنجاز وحدته اليمنية الخالدة التي أشرق فجرها المعاصر صبيحة الثاني والعشرين من مايو 90م جمع بين أصالة الوحدة كموروث ثابت الجذور وبين المعاصرة الأكثر إرتقاءً بالوحدة الموروثة جديدة ومتجددة مع كامل القدرة على حماية جوهرها النقي من دنس العابثين. ولأن اليمن وشعبه على هكذا صورة منذ الأزل فإن تاريخه العظيم لم يكتبه سوى قادته العظماء وليس هؤلاء القادة إلا من عامة أبناء الوطن آمنوا بالوطن حباً وبالوحدة قدراً ومصيراً وبالعطاء المتنكر للذات روح المسئولية الوطنية الحقة الملقاة على عواتقهم تجاه إنسان وأرض اليمن،ولأنهم كذلك كتبوا على هام السعيدة كبرياء لن تزول،وعظمة بكل ماتحمل اللفظة من معانٍ سامية يعجز الأراذل عن طمسها أو الإساءة إليها مهما تكالبوا عليها.. فالشمس لا يحجب ضوءها فقاقيع الغبار. من أجل ذلك فإن الوحدة اليمنية المباركة وعلى مدى العشرين عاماً من عمرها الحافل بالعطاء والتوهج رغم كل ما مرت وتمر به من معاناة مريرة جراء ما تتعرض له من هجمة شرسة بغية الإطاحة بها والنيل من بنيانها الراسخ في أعماق أرضنا وقلوب شعبنا وتاريخ وطننا الكبير.. أقول رغم كل ذلك فإنها الحقيقة الوطنية الثابتة التي لا ولن تستطيع أباطيل المغرضين إطفاء نورها المنتشر ملء آفاق ربوع الوطن وملء آفاق منطقتنا العربية الكبرى الذي يظل الثاني والعشرون من مايو 90م النقطة المضيئة بالتوحد في زمنها المعاصر الحالم بالوحدة العربية الشاملة.. فهل يدرك حاملو فؤوس الهدم ورافعو شعارات الانفصال أن وحدة اليمن وحدة دم وتراب وفكر وعقيدة وشعب يرفض الضيم ويأبى الإنكسار.. وحدة يمنية صنعتها إرادة أمة وعزيمة قائد فذّ لا يعرف للوطن طريقاً سوى طريق المجد والانتصار وسوى الوحدة أو الموت وخلفه الشعب يسير مردداً نشيد الوفاء: "مايو" وأنت طموحنا الوضاء ما أنت إلاَّ موعدٌ ولقاءُ لمّا أتيت إلى بلادنا لم يكن إلاّك للشعب الأبي إباءُ حبلت بك الأيام فجراً باسماً فتبسمت بالمولد الأفياء وتراقصت بشراك في "لحج "المنى وتنفست صعداءها "صنعاء" تاريخنا أنت وأنت شموخنا لا يكتبُ التاريخ إلاَّ العظماء