لا يكتبُ التاريخ إلاَّ العظماءُ...وليس التاريخ إلا محطات عظيمة في عمر الشعوب والأوطان يصنع تجلياتها قادة عظام ، وهبوا بلدانهم ومجتمعاتهم أغلى ما يملكون في الحياة من شباب البدن والروح والفكر والقدرات وبذلوا في سبيل إيمانهم بواجبهم في خدمة أوطانهم بذلوا جلَّ جهودهم في العطاء فاستحقوا بذلك الدخول إلى التاريخ من أوسع أبوابه بوصفهم “صُنّاع الحياة” ..وهذا هو سر عظمة الكثير من قادة الشعوب المخلصين الخالدين في ذاكرة أوطانهم على امتداد تعاقب الأجيال.. فالعظمة- إذن- هي الإنجاز الذي تحقق فظل شاهداً عياناً على عظمة روح صاحبه..وليس صاحبه إلا ذلك الفرد بصيغة الجمع ، توحدت فيه أرواح الأمة ونبض الوطن فأصبح وهو الذي توافرت فيه جلّ معطيات التميز للقائد الإنسان بكل ما تحمله الإنسانية من معاني الوفاء والإباء والشهامة والكرامة والرجولة والبطولة والإيمان والوطنية والحكمة والفضيلة...الخ أصبح روح الأمة وقلب الوطن النابض بأداء أمانة الرسالة، رسالة المسئولية الملقاة على عاتقه لصنع حياة أفضل للأجيال عبر التفاني في صناعة حاضر، تسمو به يوميات الأرض والإنسان بكل ملامح المعاصرة المواكبة وصولاً إلى مستقبل أكثر سمواً وازدهاراً...ومثل هؤلاء العظماء يظل دائماً وأبداً حسهم الوطني والقومي والإنساني«المحك» في اهتماماتهم الرئيسة وبذلك استطاعوا تسطير أروع الملاحم والمواقف البطولية في خنادق الدفاع عن الوطن وترابه وكرامة شعبه وهويته ومكتسباته وهم في الغالب من صنعوا ورسموا الثوابت الوطنية خطوطاً حمراء ،لا يمكن تجاوزها أو المزايدة عليها فحفظوا بذلك حدود بلدانهم الوطنية الاستراتيجية ومن هذا المنطلق عبروا بأممهم وشعوبهم للرقي ومواكبة العصر في مختلف مناحي الحياة؛ لذلك فإن عظماء الأمم إشراقة متجددة على وجه الزمن تفخر بها الأجيال وتسير على درب إبداعاتها المتألقة.. وعلى العكس تماماً يقف البلداء الفاشلون على الضفة الأخرى من الحياة وقد رماهم الزمن في مزبلة النسيان؛ لأنهم الحمقى الذين ارتسموا على هامات أوطانهم وصمة عار وهدم تجرجر الأمة والوطن إلى بؤرة التخلف والجمود والرجعية وترسم ظلالها القاتمة على آفاق الحياة حاضراً ومستقبلاً ومثل هؤلاء يتكومون على هامش التاريخ. والأوطان منهم براء...وبلادنا اليمن ، أرض الحضارة والتاريخ والحكمة والإيمان والعلم والإبداع والنهضة والإصرار على الحياة المواكبة للعصر ..أقول إن بلادنا رصد لها التاريخ قوافل من العظماء في مختلف مناحي الحياة وعلى مر العصور ، ولا يتسع المكان هنا للطواف معهم جميعاً ، لكننا نستطيع الوقوف عند واحدٍ من عظماء قادة اليمن في العصر الحديث والمعاصر، توحدت فيه كل أبجديات القادة العظام على مر التاريخ وكأن القدر قد جاء به لقيادة الوطن في عصرنا هذا؛ لتعرف الأمة من خلاله مكارم عظماء اليمن قادة مخلصين منذ العصور الأولى في تاريخ اليمن حتى عصر الوحدة اليمنية المجيدة الممتد من أواخر القرن العشرين حتى يومنا هذا من العقد الأول للألفية الثالثة وليس هذا الذي يعشقه تاريخ بلادنا المعاصر إلا ذلك الرجل الإنسان والقائد الذي استطاع أن يكون تاريخ أمة يمنية عريقة ووطن ضارب عمره في تخوم القرون الأولى من عمر الدنيا قائد استوقفه التاريخُ واستوقف التاريخ ليكتبا معاً على صفحات الزمن المعاصر حياة شعب عظيم وأرض طيبة التربة والثمر حبلت بالمجد قروناً وولدت بعد المخاض الطويل قائداً عظيماً نما وتنامى تحت سماء الكبرياء فجاء مجداً في عنفوان شبابه اليماني الأصيل وقائداً أصيلاً تجددت به أصالة الأمة وموروثها؛ ليصبح بلا منازع وجه حداثتها ومعاصرتها وعنوان حاضرها الذي يمضي خلف قيادته المخلصة للوطن بكل إصرار وعزيمة العظماء على درب الغد المشرق بالعطاء الأكثر نماء وازدهاراً ..وهل كان هذا الشجاع الجسور البطل إلا “علي عبد الله صالح”؟ الذي أعاد إلى عقارب الوقت في بلادنا حركيتها منذ اليوم الوطني المشهود(-7-17 1978الذي لم يكن يوماً في حسابات المواقف العظيمة التي استهلت قيادته للوطن بل كان عصراً كاملاً تجمعت في حشايا ساعاته العصيبة كل المعاني النبيلة للإنسان اليمني وهو يحمل روحه في يديه ويمضي بفداءٍ وشموخٍ فريد في التضحية؛ كي يحمي وطناً وشعباً عصفت بهما رياح السوء وأعاصير الزمن الجبان؛ لتودي بهما في هاوية السقوط المشين وتتطاير أشلاؤهما في الهباء، لكنه اليمن وإنسانه العظيم الذي جاء من رحم الفضيلة ،سيكون الرجل الموقف والموقف الذي لن ينساه الوطن..موقف استثنائي من قائدٍ استثنائي في يوم استثنائي في وطن الاستثناء الصعب حياةً ونضالا...نعم إنه قائدنا الرمز علي عبد الله صالح الذي لن تستطيع اللغة صياغة ملحمة بطولته في يوم الإعلان رسمياً..قيادته وزعامته لليمن وماذا عساها الأبجدية أن تبوح مكنوناتها من معان والسابع عشر من يوليو 1978م قد زاحمته في عظمته الإنجازية للقائد العظيم أيام أخرى هي محطات لا تنسى في تاريخ أجيالنا المتعاقبة وليس الثاني والعشرين من مايو 1990م إلا شاهد لا يقبل المزايدة على عظمة الرجل ومسيرته القيادية المليئة بالوفاء والعطاء والفداء والتضحية صوناً لكرامة شعب صار الزعيم له عنواناً وحماية لوطن أروى الزعيم ترابه من عرقه وجهده؛ فكان اليمن وطنا عظيما لسيد القادة العظماء.