الكذب رذيلة، بل هو أقبح الرذائل بإطلاق، والمؤمن قد يشرب الخمر ويسرق ويزني جهلاً، ولكنه لا يكذب، لأن الكذب مصادرة للحقوق، وأكل لأموال الضعفاء، وتزوير للحقائق. والكاذب لا يثق بالله ولا بشريعته ولا بخلقه ولا بنفسه، ولذلك فإن الكاذب ذميم، حقير عند الله وعند الناس، لا تستقيم له حياة، وليس له تنسب فضيلة. ولقد أصبح الكذب ميزة عند كثيرين من الناس، ولم يعد المرء يفرق بين الصادق والكاذب لكثرة ما عهد عند هؤلاء من هذا السلوك الذميم المقبوح. ولسنا نريد أن نورد ما أعدّه الله للكاذبين من الخزي في الحياة الدنيا والآخرة؛ ولا ما ورد بحق الكاذبين في السنّة النبوية المطهرة، فهي آيات وأحاديث تحذّر من الكذب وتبشر الكذابين بالشقاء دنيا وأخرى. إن الكذاب يأخذ ما ليس له، ويظلم الناس بما يزخرفه من زور وبهتان وإفك، وما أكثر المظلومين الذين قد لا يستطيع القاضي الحصيف إنصافهم لكثرة “حبك” الزور وإتقان الافتراء. لكن هل يستطيع هذا الأفاك الأثيم أن يحاج الله يوم القيامة وهو لا شك قريب “يوم تأتي تجادل كل نفس عن نفسها”؟!. لو صدق الناس لساد الأمن والاستقرار وعمّ الرخاء والهدوء، ونريد بداية الصدق مع الله تعالى بمعاملته وفق ما يحب ويرضى؛ ثم مع الناس وفق ما هو الواقع، وكيف ينبغي أن يكون. إن الكذب قد يصدر عن الخوف، والذي يُذهب الخوف هو الإيمان بأن “ما أصابك لم يكن ليخطئك؛ وما أخطأك لم يكن ليصيبك”. والأسرة هي المعلم الأول إما للفضيلة أو الرذيلة هي القدوة، ثم المدرسة، والإعلام، ثم المسجد يا أيها الناس إن حبل الكذب قصير، وإذا كان كذلك فإنه كافٍ لتكميم الأفواه وخنق الرقاب يوم القيامة، وإذا مات الإنسان قامت قيامته. وسلام على الصادقين الأخيار.