(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).. والعالمون هم الجن والإنس والملائكة والشياطين والشجر والحجر والدواب.. العالمون هم ما سوى الله تعالى.. هو رحمة للعالمين، فلقد وصى الرسول الكريم بالرفق بالحيوان وهو القائل: (دخلت امرأة النار بسبب هرة لا هي أطعمتها ولاهي تركتها تأكل من خشاش الأرض)، وهو الذي قال لأصحابه وهو يرى عصفورة شكت إليه - وهذه من معجزات الكثر – (من فجع هذه بولدها)، وأمر الصحابي أن يرد الفرخ (العصفور) الصغير إلى عشه. هذا النبي الكريم الذي قال: (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)، وهو القائل: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، وهو الذي نهانا أن نحمل على الدابة أكثر من طاقتها، وهو الذي نهانا أن نقطع شجرة دونما حاجة أو نهدم بيوت العبادة. إن الرسول الكريم سيفاجأ يوم المحشر بأناس من أمته يساقون إلى النار، فإذا ما سأل عنهم قيل له: يا محمد إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك؟ بأي وجه سيلقى قاتل النفس المحرمة رسول الله يوم القيامة؟ وبأي وجه سيلقى من يقطع الطرق ويظلم الناس ويفرط في الأمانة وسارقو الحقوق نبي الرحمة يوم المعاد؟. إن هذا النبي الكريم على قدر عظمته هو حرب للمنافقين الذين يكذبون على الله وعلى رسوله، لهؤلاء الذي باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل، وهو الذي سيبرأ أمام الله يوم الجمع الذي لا ريب فيه من علماء السوء المداهنين ومن كل أفاك أثيم، من كل شيطان رجيم، هو الذي سيعلن أمام الخلق في الآخرة كما أعلن في الدنيا أنه ليس مع المغضوب عليهم والضالين، وهو الذي سيبلغ في يوم مجموع له الناس أن الشفاعة لا يستحقها أصحاب الغلول وسارقو الشعوب وكاشفو العورات وأهل المنكرات.