يصر بنو صهيون على أن يثبتوا للعالم أجمع وحشيتهم وافتقارهم لأبسط مشاعر الإنسانية والآدمية وأنهم مجرد مجموعة من القتلة والمجرمين والعملاء، لا عهد لهم ولا ذمة. وما الأعمال الوحشية التي يمارسها هؤلاء الغاصبون في حق أبناء شعبنا الفلسطيني إلا خير شاهد على دموية هذا الكيان الغاصب وإنحياز قوى الاستكبار والاستعمار العالمي إلى صفه والمجاهرة بذلك دونما اكتراث بردود الفعل العربي والإسلامي إزاء ذلك. في عام 1948م وعقب احتلال الأراضي الفلسطينية قامت سلطات الكيان الصهيوني الغاصب بتهجير الفلسطينيين قسراً من أرضهم وترحيلهم إلى عدد من الدول العربية.. صادرت أراضيهم واستولت على منازلهم وممتلكاتهم وأجبرتهم بقوة السلاح على الرحيل في واحدة من المآسي التي يندى لها الجبين، ما يقرب من أربعة ملايين لاجئ طردوا من بلادهم من أجل أن ينعم العدو المحتل بالإقامة فيها على مرأى ومسمع العالم بهيئاته ومنظماته الحقوقية والإنسانية التي تكيل بمكيالين في تعاملها مع القضايا الحقوقية والإنسانية. اليوم ونحن في العام 2010م يعيد التاريخ نفسه ليكرر لنا نفس سيناريو مأساة تهجير 1948م حيث أصدرت السلطات الصهيونية قراراً تعسفياً يقضي بتهجير آلاف الفلسطينيين من منازلهم وبلادهم في إطار ما أسمته صحيفة «هارتس» الصهيونية بالإجراء الأمني الذي يهدف إلى منع التسلل إلى الضفة الغربية وهو ما يثير الدهشة والاستغراب: فهل يعقل أن يجبر المواطن الفلسطيني على ترك بلاده بالقوة وخصوصاً الذين يستهدفهم القرار العنصري والإجرامي ممن يحملون هويات صادرة من قطاع غزةوالفلسطينيون من مواليد القطاع وأولادهم ومن فقدوا تصاريح إقامتهم في الضفة الغربية وبالإضافة إلى الأجنبيات المتزوجات من فلسطينيين، ولا أعلم لماذا لا تتخذ الدول العربية والإسلامية موقفاً موحداً وحازماً إزاء هذا القرار المشين والإجرامي الذي يشكل سابقة خطيرة قد تفضي إلى مأساة تهجير جديدة لأبناء الشعب الفلسطيني. ومما يؤسف له أن الجامعة العربية دعت أبناء فلسطين إلى عدم الانصياع لقرار التهجير وإعلان رفضهم له وكأنها بذلك أوجدت الحل الناجع للمشكلة، رغم أنها تدرك حجم الصلف الصهيوني اللامحدود الذي يعتمدون عليه في قمع أبناء شعبنا الفلسطيني الصامد والتنكيل بهم، وكان الأحرى بالجامعة العربية دعوة الأنظمة العربية والإسلامية إلى اتخاذ قرار صارم برفض هذا القرار وممارسة الضغوطات على الكيان الصهيوني الغاصب لإجباره على إلغاء هذا القرار والعدول عنه، وفي حال عدم التجاوب فلا مناص من ممارسة الضغوطات على الأنظمة العربية التي تربطها علاقات مع إسرائيل للقيام بقطعها أياً كان شكلها باعتبار أن ما يسعى هذا الكيان إلى تنفيذه يمثل استهانة بالعرب والمسلمين وممارسة لأبشع صور الإذلال، إذ يُعقل أن يعيث الصهاينة في أرض فلسطين الفساد والإفساد ويحتلون البلاد ويهجرون العباد والعالم يتفرج وكأن المسألة لا تعنيهم. إسرائيل ماضية في عملياتها الوحشية والإجرامية في مشاريعها الاستيطانية التوسعية، وما سعيها لتهجير آلاف الفلسطينيين من بلادهم إلا لخدمة هذه التوجهات الخبيثة، فأين أعضاء اللجنة الرباعية وأين هيئة الأمم المتحدة؟! وأين مجلس الأمن؟! وأين منظمة حقوق الإنسان ؟!!وأين الإتحاد الأوروبي؟!!وأين الهيئات والمنظمات الدولية الحقوقية؟ وأين المجتمع الدولي مما يجري؟ أين منظمة المؤتمر الإسلامي وأين الجامعة العربية وأين القادة والزعماء العرب؟لماذا كل هذا الجبن ولماذا كل هذه الذلة والاستكانة؟!!لماذا تغيب سلطة القوانين الدولية على ما يمارسه الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين؟!! ماذا ينتظر مجلس الأمن حتى يصدر قراراً حازماً تحت البند السابع يلزم إسرائيل بوقف الاستيطان وإزالة المستوطنات التي تمت عملية بنائها بصورة غير قانونية ويجبرها على الالتزام بالقرارات والتوصيات الدولية؟!!. لماذا تصر أمريكا على الانحياز الفاضح للجانب الإسرائيلي وتستبسل في الدفاع عن جرائمه الوحشية وتساوي بين الضحية والجلاد ماذا نفعل بعلاقاتنا السياسية والدبلوماسية مع أمريكا؟!!لماذا لا نوظفها لخدمتنا وخدمة قضايانا المميزة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية؟!!أمريكا لديها مصالح في البلدان العربية ولو أخلصنا النوايا لتمكنا من استغلال ذلك لمصلحتنا ولكان الحال بخلاف ما هو عليه الآن، لا نريد أن نستمع إلى خطابات وبيانات لاتُسمن ولا تغني من جوع، لا نريد مثبطات للعزائم فالوضع خطير وخطير جداً وعلى الجميع استشعار ذلك وإدراكه والعمل على التعاطي معه بمسئولية ولا ننتظر أن يأتينا الحل والفرج من الأعداء المتحالفين مع السفاحين والقتلة والمجرمين، فالفرج أولاً من عند الله عز وجل ومن ثم هو مرهون بصحوة ضمائر القادة والزعماء العرب وقيامهم باتخاذ قرارات مصيرية وتاريخية مشهودة من شأنها وقف هذا القرار اللا إنساني وإيقاف سلسلة الأعمال الوحشية التي يمارسها الصهاينة في حق أبناء فلسطين. ومن الغباء والتبلد وضعف الإيمان أن نصدق أن إسرائيل ترغب في السلام وتسعى إلى الحوار، فالتاريخ يطالعنا بصنائعهم القذرة وتنصّلهم من العهود والمواثيق منذ فجر الإسلام حتى اليوم فعلى الرغم من التنازلات التي قدمها الفلسطينيون للصهاينة في إطار جولات ما يسمى بعملية السلام والمفاوضات في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا أن العدو ماضٍ في عنجهيته وإجرامه وتطاولاته السافرة وممارساته اللا إنسانية وأعماله الوحشية الاستفزازية. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ماذا كسب أبناء فلسطين من وراء مفاوضات السلام المزعومة، هل تمت استعادة الأراضي المحتلة؟ وهل انسحب العدو إلى حدود1967م؟ وهل أعلنت الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف؟هل توقف الاستيطان وأعمال القتل والإبادة الجماعية؟ وهل توقفت الحفريات التي تستهدف هدم المسجد الأقصى؟ هل عاد اللاجئون إلى بلادهم؟ وللأسف الشديد أنه لم يتحقق أي شيء من ذلك وإسرائيل هي المستفيد من هذه المفاوضات وما يسمى بعملية السلام، فهي ماضية في تنفيذ أجندتها وتحقيق أهدافها دون أن يعترضها أحد ضاربة عرض الحائط بالقرارات والاتفاقات الدولية والتي بات وجودها كعدمها. وفي الأخير نأمل أن يكون هناك تحرك عربي واسع وسريع لمنع نفاذ هذا القرار للحيلولة دون حدوث مأساة تهجير جديدة للفلسطينيين فيكفي ما تجرعناه من ويلات ومنغصات عقب مأساة تهجير 1948م ولا داعي لتكرار ذلك لأن العواقب ستكون وخيمة على الجميع.