كعادتها اسرائيل هذا الكيان الإجرامي والسرطان الذي ينفث سمومه في الجسد العربي تأبى إلا أن تكشف عن وحشيتها وإجرامها وسلوكياتها الإرهابية التي لاتراعي فيها أي مشاعر أو أحاسيس إنسانية ولاقوانين وقرارات دولية وهذه المرة من خلال الجريمة الوحشية التي قامت بها في حق المشاركين في أسطول الحرية الذين ينتمون إلى أكثر من خمسين بلداً والهادف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة وماأسفر عنه من قتلى وجرحى في حق الناشطين الذين تعرضوا لنيران هذا العدو المحتل الذي كشف عن وجهه القبيح،وأثبتت للعالم أن اسرائيل مجرد كيان غاصب قائم على الاحتلال والإجرام ولايمكن في أي حال من الأحوال أن تقبل بالعيش بسلام وأمان والتعايش مع الفلسطينيين، فهي تسعى للاستيلاء على أراض جديدة وتوسيع مستوطناتها وتقوية نفوذها. إن جريمة أسطول الحرية وماتعرض له المشاركون فيه تعتبر جريمة دولية ينبغي أن لاتمر مرور الكرام وخصوصاً أن الجريمة ارتكبت في مياه البحر المتوسط وهناك اتفاقات ولوائح دولية تحرم ممارسة أي أعمال قرصنة أو اعتداء على السفن المارة أو العابرة للمياه الإقليمية, وكم أشعرتني المواقف التي قامت بها السلطات التركية قيادة وحكومة وشعباً تجاه أسطول الحرية ونصرة غزة بالعزة والارتياح وشعرت بأن دولة بحجم تركيا تتخذ مثل هذه المواقف الجريئة تستوجب علينا أن نقف لها إجلالاً وتقديراً, فما صنعه الأتراك شكل صفعة قوية في وجه الغطرسة الصهيونية والأنظمة العربية التي وقفت حائرة أمام نصرة غزة ورفع الحصار الصهيوني المفروض عليها وظلت ولاتزال تلهث خلف مباحثات السلام والمفاوضات الاستسلامية التي لم يجن منها الشعب الفلسطيني إلا المزيد من الاعتداءات والجرائم الصهيونية وتوسع النشاط الاستيطاني وزيادة الهوة بين فرقاء العمل السياسي في الساحة الفلسطينية والتي تقف حجر عثرة أمام المصالحة الوطنية الفلسطينية, من غير اللائق أن تواجه جريمة أسطول الحرية بهذا البرود العربي المخزي والمذل على المستوى الرسمي. جميلة جداً تلكم المسيرات الغاضبة التي خرجت بها الشعوب العربية في عدد من الدول العربية والأجنبية وكم كنت أتمنى أن تكون المواقف الرسمية للأنظمة العربية متوافقة مع نبض ومشاعر الشعوب, وكم كنت أتمنى أن تسارع الأنظمة العربية المُطبّعة مع الكيان الصهيوني إلى قطع كل أشكال العلاقات معه وطرد السفراء الصهاينة وسحب السفراء العرب وممارسة ضغوطات قوية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية لإجبارها على التراجع عن مواقفها المنحازة للصف الصهيوني وعنصريتها المقيتة في تعاطيها مع حادثة أسطول الحرية. وكم كنت أتمنى أن يتم استدعاء السفراء العرب في واشنطن للتشاور بشأن هذا الإنجاز الفاضح للولايات المتحدةالأمريكية إلى جانب الكيان الإسرائيلي والذي يُمثل الغطاء الدولي الذي يُشجع هذا الكيان على مواصلة ارتكاب مجازره الوحشية وأعماله الهمجية، وكم كنت أتمنى أن تكون السلطة الفلسطينية في مقدمة الداعين إلى سحب المبادرة العربية للسلام مع الصهاينة ومعها كافة الدول العربية لأنه لاجدوى لمفاوضات مع عدو سلوكه الدائم والمعتاد قائم على الغدر والخيانة دون الحاجة إلى الدخول في خلافات شخصية تصب في خدمة التوجهات الصهيونية، فهل يُعقل أن يعجز مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في إصدار قرار بكسر الحصار المفروض على غزة من الجانب العربي وممارسة الضغوطات لرفع الحصار من الجانب الإسرائيلي وكسب تعاطف دول العالم مع غزة والحصار المفروض عليها عقب الاعتداء على أسطول الحرية. لانريد بيانات شجب وإدانة واستنكار فقد سئمنا منها ولم تعد تروق لنا على الإطلاق، نريد مواقف قومية جريئة وشجاعة تنتصر للحق الفلسطيني ولمعاناة أبناء قطع غزة، نريد قرارات تردع العدو الغاصب وتجعله يُراجع حساباته ويُفكر كثيراً قبل اتخاذ أي تصرفات حمقاء، نريد مواقف صارمةً ومواقف جادة تُعيد فينا الأمل بصحوة عربية تزيل الصورة القائمة المرسومة عن الحال العربي الراهن، نريد أن ننتصر لقطاع غزة كما انتصر له الأتراك والنشطاء من أكثر من خمسين دولة، نريد ردة الفعل العربية تجاه جريمة إسرائيل في حق أسطول الحرية أن تكون قوية ومدوية، نريد أن ترتعد فرائص الصهاينة ويدب الخوف والرعب في أوساطهم، نريدهم أن يهجروا منازلهم ويتواروا في الملاجئ والمخابئ خشية تعرضهم لتبعات الغضب العربي الذي طال انتظاره، نريد أن يتحد العرب على أن إسرائيل هي العدو الأول للعرب والمسلمين وأن الحوار والتفاوض والمباحثات معها تشبه إلى حد كبير من يحرث في البحر، لانريد علاقات سياسية واقتصادية مع عدو غاصب يستخدم هذه العلاقات في أعمال الإبادة والقتل والتشريد لأبناء شعبنا الفلسطيني، لانريد علاقات يتوسع معها النشاط الاستيطاني الإسرائيلي على حساب الأراضي العربية والتواجد العربي، إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء والخضراء والصفراء وكل ألوان الطيف وتاريخها الدموي خير شاهد على إجرامها وإرهابها، وأمام هذا الصلف مامن حل سوى التكاتف من أجل رفع الحصار المفروض على قطاع غزة ودعم المقاومة الفلسطينية البطلة التي تذود عن حمى القدس والأراضي الفلسطينية والقضية الفلسطينية إجمالاً ومن العار أن يقبع أبناء قطاع غزة تحت الحصار الجائر وهناك أمة عربية لها ثقلها ووزنها تقف عاجزةً عن إنهاء هذه المعاناة الجائرة، لابُّد أن يظل معبر رفح مفتوحاً بصورة دائمة أمام المساعدات العربية والدولية لأبناء غزة فمن العار أن يموت أبناء قطاع غزة من الجوع لعدم السماح للمساعدات بالوصول إلى غزة. إنها جريمة وخيانة وطنية وقومية واسلامية, فلا يعقل أن يحاصر أبناء غزة من أجل تفادي غضب اسرائيل التي لاتلقي بالاً لأحد على المستويين العربي والدولي. إن أسطول الحرية التركي حرك المياه الراكدة في قضية أزمة حصار قطاع غزة ومن الضروري مواصلة الضغوطات على الكيان الاسرائيلي لإنهاء الحصار بشكل نهائي وإيقاف كافة الأعمال الاستيطانية والاعتداءات الإجرامية في حق أبناء فلسطين وعلى الشعوب العربية مواصلة الضغط على الأنظمة العربية لحملها على أن تكون قراراتها مجسدة لطموحاتهم وتطلعاتهم بواقع عربي يبعث على النفس الزهو والافتخار والاعتزاز بعيداً عن المواقف المتخاذلة وحالة الضعف والهوان التي صاحبت العمل العربي المشترك في المرحلة الماضية والبداية تكمن في رفع الحصار المفروض على غزة والانتصار للقضية الفلسطينية العادلة التي تمثل قضية العرب المصيرية.