هناك من يصف حالة الاستنفار في مدينة تعز بورشة عمل إلا أن ما يعيق الورشة هو أنها جاءت مع موسم الأمطار التي جعلت منها أشبه بورشة إصلاح السيارات وبدت بحاجة إلى ورش لتخلصها من مماتلفظه السيول من مخلفات وماتلحقه من أضرار على الطبقة الإسفلتية التي تنفذ فيها حفريات وحملات نظافة تسابق الزمن وصولاً لإظهار المدينة وهي تستقبل عيدها الوحدوي بأبهى حلة. كلما تقدمت الجهود خطوات صوب الإنجاز أتت عليها السيول بكوارثها التي تعيدها إلى نقطة الصفر وبالذات حملة صندوق النظافة والتحسين داخل المدينة وخارجها برفع مخلفات مقاولي الطرقات أو الأبنية التي رخّصت من الأشغال فقطعت أجزاءً من شوارع وأحياء الحارات ومثّلت عائقاً من عوائق جماليات المدينة. مدينة تعز تشييد العمران فيها لايتوقف والمشاريع الخدمية والتنموية قلما تهدأ وتبقى مخلفات المقاولين عنوان لمشروع بات أشبه ب(غماق) فتاة يخفي وراءه الوجه الحسن، جولة واحدة في الأحياء والحارات تظهر أن هناك من لاتعرف اعينهم سوى «القهد» وسهر الليالي لرفع عشرات الأطنان من مخلفات البناء والقمامة. قد يعتقد البعض أن الكميات التي ترفع يومياً تراكمات من سنوات طويلة إلا أن العكس هو الصحيح فهي مخلفات وليدة الساعة واللحظة، ففي المدينة القديمة ذوو السواعد السمراء عمال مشروع النظافة بمعداتهم المتواضعة لايتوقفون عن رفع أكوام المخلفات وما يرحل إلى مكان آخر وماهي إلا لحظات وتعود الأكوام مرة أخرى وبكميات مضاعفة وكأن تلك المخلفات في موسم تزاوج بعيداً عن وسائل منع الحمل ,وهو مايصيب القائمين على النظافة بالإحباط حتى أن البعض منهم بدأ يهذي بينه وبين الجنون شعرة عندما تجده يصرخ بأعلى صوته: مافائدة الحملة إذا كانت جهودنا تذهب مع الريح. مشكلة المدينة القديمة وبقية الحارات التي على شاكلتها أن الناس أول ما وصلتهم حملة صندوق النظافة والتحسين تعاملوا مع المخلفات وكأنها قمامة سيأتي «كنتينر» لرفعها واعتبروها فرصة لنقف سطوح منازلهم الترابية ليبدأ معه مسلسل إعمار السقوف مع قرب انتهاء حملة صندوق النظافة. لانقول: أن الحملة غير موفقة بل متعثرة في بعض الأماكن والسبب غياب مدراء المديريات وعقال الحارات الذين لانشاهدهم مصاحبين لفرق النظافة يذللون العقبات ويمنعون من يضيع جهود الآخرين. تخيّل هناك حارات يمنع المواطنون الشيولات من رفع المخلفات ويصل الأمر إلى التلويح باستخدام السلاح الأبيض والأسود إذا ما أصر القائمون على رفع قاذوراتهم وكأنها تمثل لهم تحويشة العمر وإزالتها من أسوار منازلهم قد تحرمهم من العيش في قذارة... عشرات الأطنان ترفع وعشرات الأطنان في طريقها إلى أن تأخذ مكانها في أرصفة حارات المدينة التي لاتزال ترابية ,وعشرات الأطنان تجرفها السيول .. وتعز لاتزال في الورشة ولم يتبق للاحتفال سوى ايام معدودة.